ارفعوا أيديكم عن الفن

  • 3/25/2014
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

عندما يتوالى الفعل الثقافي والفني، ويستمر بكامل طاقة الشغف وحماسته، يتحقق الحضور الجماهيري بالتراكم والاعتياد.. وفي جمعيات الثقافة والفنون تلتقي طاقات شابة متقدة بالحماس والرغبة، كل ما تحتاجه هو الفرصة والتشجيع وقليل من الإمكانيات، لينتج كثيراً مما يبهر. يذهبون صباحاً إلى وظائفهم اليومية، ليأمنوا حياتهم، ثم يقتطعون من الوقت ما يلبي احتياجات عائلاتهم.. وبعدها يهرولون تجاه شغفهم وهوايتهم في الفعل الفني والثقافي، فذاك مجاهدة للنفس ونضال لتحقيق الذات العليا. في حين أن ما نراه هو سهر ومكابدة، اشتغال حتى أواخر الليل، وانتهاز فرص الإجازات لكسب أكثر الوقت للاشتغال بمحبة وإخلاص. المسرح وما يحتاجه من تحضير وإعداد واشتغال بالتفاصيل وتوافق بين مجموعة من الأشخاص في المكان والوقت المحددين، لتتحقق أولى خطوات العمل، الموسيقى التي تحتاج إلى تعلم ومران وإجادة، وحسابات الزمن (وليس احتساباً عليه)، التشكيل والرسم الذي يحتاج نحتاً في الأشكال والمشاهد، صناعة الأفلام وما تتطلبه من تقنيات ومهارات إبداعية، الشعر، الفنون الشعبية، التصوير الفوتوغرافي، كل ذلك تجده يتحقق على أيد شابة، غير متفرغة له بل تُشغل عنه بمتطلبات العيش. شباب يمتلك الموهبة والرغبة، ويحتاج إلى التدريب والمعرفة والاشتغال يتم طحنه في مسائل أبعد ما تكون عن هوايته، كأنما هو اختبار قاس لمدى صبره وقدرته على التحمل في سباق طويل وشاق، ولا يعد بنتيجة ولا جائزة.. إلا إرضاء نفسه الأمّارة بالفن والإبداع. شباب يبذلون كل طاقاتهم في السعي إلى تحقيق الجمال والمتعة للناس، ويتم التقتير عليهم بالمال والوقت والكلمة الطيبة، ومع هذه المشقة يواصلون الفعل والإبداع، كأنهم يشيرون أن كفوا عنا الأذى ما دام لا خير يصيبنا منكم. الفنان لو رغب أن يميل إلى جانبه ويطرق الباب القريب، الباب الذي يعده بالثروة والمكانة لدى العامة، فما عليه سوى القليل، لا حاجة إلى موهبة، ولا بحث معرفي، كل ما يحتاجه في حياته، فقط أن يتزيا بشكل واحد، فتنهال عليه الثروة والفرص من كل جهة حتى أنه وقد ضمن الدنيا، يوعد بالجنة وحورياتها.. شبابنا الشغوف بالفنون والإبداع، يسعى إلى تقريب القلوب وتأليف أرواح الناس، ونشر المحبة، ينتج كل ما له في صياغة الوجدان بالجمال والانتماء، يوحد ولا يفرق، يبث الطاقة الإيجابية الخلاقة بدلاً عن الأفكار السلبية العدمية التي ينشرها الأضداد في حين لا يجد أمامه إلا طريقين لا ثالث لهما؛ طريق يطالبه بالتوبة لأن الفن خطيئة كبيرة، وطريق يغريه بأن يتخفف من غاية الفن ويسلك الترفيه والتسلية الفارغة. الفنان وكل مبدع في بلادي، يعاني من شدة أمرين؛ يد تدفعه ليكون مهرجاً، ويد تمنعه وتعتبره مذنباً.

مشاركة :