على مسافة أيام فقط من إقدام طفل في مدينة أبها (جنوب) على الانتحار شنقاً، تحت تأثير لعبة «الحوت الأزرق» الإلكترونية، في أول واقعة مؤلمة تحدث في السعودية، كادت اللعبة الغامضة أن تتسبب في حادث مأساوي جديد، بعدما دفعت طفلاً إلى محاولة قتل إخوته الصغار أو قتل نفسه، قبل أن تتدخل العناية الإلهية ويكتشف أبوه الخطر المحدق في اللحظات الأخيرة. وكانت العائلة تلقت رسالة من ابنها عبر «قروب واتسآب» الخاص في العائلة، جاء فيها: «هل ستقتل ولداً صغيراً أم تقتل نفسك؟»، حاول الأب الاستفهام من ابنه عن دوافع هذه الرسالة، ولكن عند حديثه معه، انخرط الطفل في موجة بكاء، نتيجة الضغط النفسي الذي تسببت به هذه اللعبة. فتحت هذه الأحداث المتسارعة النقاش واسعاً حول تأثير هذه الألعاب الغامضة على مستخدميها من الأطفال، سيما وأن دولاً عربية سبق إليها تأثير هذه الألعاب، وغرقت في قصص وحوادث مريبة لعدد من الحالات أصحابها أطفال راحوا ضحية لعبة الحوت الأزرق وقضوا انتحاراً، كان آخرها في مصر منذ فترة قصيرة. وظهرت لعبة «الحوت الأزرق» المُصممة على يد شخص روسي في بلدان عربية عدة خلال الفترة الأخيرة، بينها مصر والجزائر. وتستهدف اللعبة الأطفال من عمر 12 إلى 16 عاماً؛ وتتيح لهم التسجيل للدخول في تحدّ للوصول إلى المرحلة النهائية، وهي الخروج عن الطبيعة وفعل أشياء منافية للواقع، لتأمرهم في النهاية بالانتحار. وحذر خبراء على وقع هذه الأحداث الفظيعة من اللعبة، خصوصاً الأطفال والمراهقين، موضحين أن اللعبة تتألف من مجموعة من التحديات تصل إلى 50 مرحلة، تصل إلى الطلب من اللاعب قتل نفسه. وشدد المستشار الرقمي عمار محمد، مستعرضاً مراحل العنف الذي تسببه «الحوت الأزرق» لكل الأطفال الأبرياء من الاستخدام إلى الانتحار، على ضرورة توعية الأطفال تجاه استخدام التقنية بأمان والحوار معهم عن خطورة الألعاب الإلكترونية. من جهته، قال استشاري طب الأسرة أسعد العرفة: «لا أعلم عن مدى انتشار هذه اللعبة محلياً، ويلزم أن يكون هناك تحركاً لاتخاذ إجراءات احترازية، والقيام بعملية تثقيفية وتوعوية من مختلف الجهات المعنية لحماية أبنائنا»، مشيراً إلى أنه تم أخيراً، إدراج إدمان الألعاب الإلكترونية «مشكلة نفسية تستلزم العلاج»، وقال: «هنا لدينا ما هو أصعب؛ الانتحار». وحذر المهتم في نشر الوعي التقني وإثراء المحتوى العربي عبدالعزيز الحمادي، أحد أعضاء فريق «خبراء غوغل»، من مخاطر التقنية الحادة على صغار السن، خصوصاً إذا لم يعلم أولياء الأمور حجم هذا الخطر. وقدم مبادرة شخصية لإصدار دليل للآباء والأمهات يوضح لهم طريقة حماية أبناءهم والرقابة عليهم أثناء استخدام التقنية، ودعا كل الراغبين والمتمكنين في مجالات التقنية والتصميم والمونتاج والبرمجة، فضلاً عن التربويين والمهتمين في العمل التطوعي، لمساعدته في ذلك، عبر الانضمام إليه في المنصة التوعوية الجديدة. وأضاف الحمادي: «أعظم الظلم أن يسمح الوالدين لأبنائهم تحت 14 عاماً بإنشاء حسابات خاصة في الشبكات الاجتماعية، فوجود الطفل في هذه الشبكات من دون رقابة لصيقة، يُعرضه إلى فيضان من المواد والمحتوى غير المناسب والإباحي ربما، بل أيضاً يعتبر مخالفاً لقوانين معظم هذه الشبكات». وأشار إلى ان الشخص البالغ، عندما يتعرض إلى شيء من المحتوى غير المناسب في الشبكات الاجتماعية، «يقوم عقله بفلترته ورفضه، ولكن صغير السن عندما يقرأ ويشاهد هذا المحتوى سيُساهم مباشرة في تشكيل قناعاته وأفكاره، وقد يتسبب هذا في صناعة شخص غير سَوي مستقبلاً». وختم بالقول: «الوضع ليس بسيطاً ويحتاج وقفة جماعية».
مشاركة :