لم يمر وقت طويل على شعار ان الهيدروجين هو «وقود المستقبل» القادر على تشغيل ملايين السيارات في الوقت الذي لا ينبعث منه أكثر من الماء من أنابيب العادم. ولكن التحسينات السريعة في تكنولوجيا المركبات الكهربائية كانت بمثابة المفاجأة حتى لصناع السيارات التي تعمل بالديزل والبنزين.ويشير تقرير لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية إلى أنه بالنسبة لتكنولوجيا مثل الهيدروجين فإن انتشار السيارات التي تعمل بالبطاريات الكهربائية -وهي تقنية تحقق العديد من نفس الأهداف- يمثل ضربة للهيدروجين بحيث تجعله مجرد وقود مناسب للشاحنات والحافلات الكبيرة.وترى الجهات المتحمسة للهيدروجين أن كل ما هو مطلوب هو دفعة كبيرة من خلال توفير الكثير من البنية التحتية اللازمة بالفعل لشبكات الغاز الحالية، وفي هذه الحالة يمكن للسيارات والشاحنات إعادة ملء خزاناتها في غضون دقائق مقارنة بما يصل إلى ثماني ساعات مطلوبة لشحن بطارية السيارة الكهربائية من خلال التيار المنزلي.وبحسب التقرير تكمن المشكلة بالنسبة لقطاع الهيدروجين الناشئ في أنه يتقدم ببطء شديد في وقت تتسارع فيه تقنيات السيارات التي تعمل بالبطاريات، بحيث باتت بالفعل عملية إعادة شحنها أسرع وبتكلفة منخفضة.ويقول «باتريك بويان» الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الفرنسية العملاقة «توتال» إنه بالنظر للحسابات الاقتصادية يبدو أن قطاع الهيدروجين يواجه مشكلة في إقناع الناس بأن له آفاقًا واعدة خلال السنوات العشر المقبلة، ويرجع ذلك إلى أن التكلفة لا تزال باهظة للغاية. بينما تتفوق عليها البطاريات الكهربائية في الوقت الراهن.ولكن لا يعني ذلك توقف الاستثمار في تكنولوجيا الهيدروجين ولكنه سيكون بمعدل أقل بكثير من الإنفاق على السيارات الكهربائية. ويشير التقرير إلى أن ألمانيا تخطط لإنشاء 100 محطة هيدروجين بحلول نهاية العام المقبل، في مقابل إنشاء 15 ألف محطة شحن كهربائية مع توفير اعتمادات مالية بنحو 300 مليون يورو لتحقيق ذلك الهدف.وفي فرنسا تخطط الحكومة لإنفاق 100 مليون يورو لزيادة عدد محطات وقود الهيدروجين في العام المقبل، وذلك في إطار برنامج وطني تم الإعلان عنه مؤخرًا بهدف إقناع الشركات بشراء 5 آلاف شاحنة و 200 مركبة نقل بحلول عام 2023. وهو ما يمثل زيادة هائلة في عدد المركبات التي تعمل بالهيدروجين مقارنة بـ 250 مركبة تعمل حاليا في جميع أنحاء البلاد. ولكن هذا الهدف يتضاءل في ظل تقديرات الحكومة الفرنسية بتسيير 600 ألف سيارة كهربائية بحلول عام 2022.ويشير التقرير إلى وجود توجه لدى الكثير من صناع السيارات الأوروبيين نحو توسيع استثماراتهم في الهيدروجين، فقد تعاونت شركة دايملر الألمانية مع شركة شل لإنشاء نقاط شحن للهيدروجين. في حين تعمل شركة ألستوم الفرنسية المتخصصة فى صناعة القطارات على إنتاج قطارات تعمل بالهيدروجين لخط الركاب على ساحل بحر الشمال الألماني. كما تعمل مجموعة «بس اس ايه» الفرنسية على إنتاج طراز جديد من السيارات التي تعمل بالهيدروجين، كما تقوم شركتا مرسيدس بنز وأودي الالمانيتان بتنفيذ برامج نشطة في هذا المجال.ولكن ذلك لا يُقارن مع خطط إنتاج السيارات الكهربائية والتي خصصت لها شركة «فولكس فاجن» وحدها 40 مليار يورو لشراء البطاريات. كما أن الحماس الوطني للهيدروجين يقل كلما تم الابتعاد عن المدن الغنية والصديقة للبيئة في شمال أوروبا. وينوه التقرير إلى أن بعض بلدان وسط أوروبا تستعد للاعتماد أكثر على الهيدروجين الخفيف ولكنها تركز خططها على سيارات النقل فقط.ويتوقع التقرير أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية الأوروبية إلى نحو 200 ألف خلال العام الجاري. وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، قد يتراوح إجمالي عدد السيارات الكهربائية في شتى بقاع العالم بحلول عام 2040 ما بين 40 إلى 70 مليون سيارة.
مشاركة :