أسئلة كثيرة تراودني كلما تأملت في حجم العلاقة بين المواطن في مصر والمسئول، خاصة الذي يشغل منهم منصبًا رفيعًا.. جعلتني اسأل نفسي كيف وصلت هذه العلاقة إلى هذا الحد من الفتور؟.. ولماذا ينظر المواطن دائمًا إلى «المسئول الكبير» بنظرة التشكيك؟ .. ومن السبب في انعدام هذه الثقة بينهما؟.. وهل توتر العلاقة بين المواطن والمسئول كانت منذ زمن، أم هي وليدة الساعة بسبب الضغوط والتحديات التي تواجه المجتمع؟.ربما تدور الإجابة عن كل هذه الأسئلة حول محور واحد، وهو تكرار ظاهرة تورط مسئولين في قضايا فساد من قبل.. الأمر الذي رسّخ عند المواطن مبدأ انعدام الثقة في المسئول، بل وفتح نيران الاتهامات بالتشكيك وغياب الكفاءة في هذا المسئول حتى قبل توليه منصبه.. لكن السؤال هنا كيف تعود هذه العلاقة إلى طبيعتها؟.من الواضح أن وجود حائط صد بين بعض المسئولين والمواطنين أحد أهم الأسباب التي أدت إلى خلق أزمة في العلاقة بينهما، في الوقت الذي يجب أن لا تتوقف محاولات ومبادرات مد جسور التواصل بين الراعي والرعية لحل المشكلات القائمة، ومناقشة الأطروحات والمقترحات المقدمة في القضايا والملفات التي تعيش بين المواطنين.كما أن غياب المكاشفة بحجم التحديات وطبيعة المشكلات التي تواجه المواطن، سببًا آخر في توتر هذه العلاقة.. فالطبيعي أن يكون المواطن غير مُلم بأسباب تعثر المسئول في حل مشكلة ما، سواء كان هذا التعثر ناتجًا من صعوبة توفير الاعتماد المالية لمواجهة هذه المشكلة، أم كان بسبب تداخل إجراءات الحل بين دهاليز المؤسسات والجهات المعنية، الأمر الذي تسبب في غياب الثقة بين المسئول والمواطن.غياب الاختيار الأمثل والدقيق للمسئول لقيادة موقعه، نتاج طبيعي لضعف العلاقة بينه وبين المواطن.. فكلما كان المسئول مناسبًا لموقعه وملمًا بمشكلات قطاعه، كلما انكمش حجم فتور العلاقة بينهما.. وكلما كان المسئول مدربًا على طرق التعامل مع المواطن ومؤهلًا لقيادة منصبه بأحدث أساليب التنمية البشرية العملية التي تساهم في توسيع القدرات والخبرات، كلما قلت المشكلات وزادت فرص العمل وارتفع مستوى الإنتاج والدخل .وأخيرًا.. لا ألوم هنا المسئول فقط على عجزه في مواجهة المشكلات أو انعزاله عن التعامل المباشر مع المواطن، بل للمواطن أيضًا نصيب في هذا اللوم، لأن عليه ألا يعمم نظرات التشكيك والتخوين التي يطلقها على كل المسئولين.. لأن منهم من هو علي قدر عال من الكفاءة والشعبية والمسئولية والتواصل المجتمعي مع الناس.