أعلنت متاحف قطر أن البعثة القطرية لأهرامات السودان، إحدى أبرز بعثات المشروع القطري السوداني للآثار البالغ عددها 42 بعثة والتي تهدف إلى الحفاظ على تراث السودان وحمايته، قامت بإعادة افتتاح حجرة الدفن في الهرم الملكي التاسع بمنطقة مروي. وأشار بيان صحفي لمتاحف قطر اليوم إلى أن حجرة الدفن التي أعيد افتتاحها تقع أسفل هرم الملك أديخالاماني بعمق 10 أمتار، وقد حكم أديخالاماني مملكة مروي بين عامي 207 و186 قبل الميلاد. ويمثل إعادة افتتاحها جزءا من برنامج البحث والصيانة للبعثة القطرية لأهرامات السودان (QMPS) والتي تهدف إلى حفظ ودراسة أكثر من مائة هرم في الجبانة الملكية في مروي بواسطة فريق من الخبراء الدوليين، وقد وضعت معايير للأمن والصيانة من أجل المحافظة على الأهمية التاريخية للموقع الأثري عندما يتم فتحه للزيارة. وقال البروفيسور توماس ليستين المدير التنفيذي لقطاع التراث الثقافي بالوكالة في متاحف قطر إن "للسودان تراث ثقافي غني يستحق منا الاهتمام، ومتاحف قطر لديها التزام واهتمام بالحفاظ على التاريخ والتراث الثقافي والاحتفاء به وتعريف الناس بماضيهم"، مضيفا لقد مرت 5 أعوام ناجحة على المشروع القطري السوداني للآثار ساهمنا خلالها في بناء المعرفة والبنية التحتية اللازمة للحفاظ على تراث الدولة، ونتطلع لمزيد من الإنجازات في الأعوام القليلة المتبقية. وقد أنشأ ملوك وملكات مروي إمبراطورية شاسعة فيما يعرف اليوم بالسودان، وذلك بعد عدة قرون من حكم أجدادهم، الذين عرفوا بـ"الفراعنة السود"، وقد وعاشوا في الأسرة الـ 25 خلال القرن السابع قبل الميلاد، وكانت مروي تمثل عاصمة هذه الدولة التي تقع إلى الشمال من مدينة الخرطوم الحالية بنحو 200 كيلومتر. وقد حفرت حجرة الدفن من قبل في عام 1922على يد جورج ريزنر من متحف بوسطن للفنون الجميلة، وهو الذي قام بتوثيق الهرم وزخارفه بواسطة عدد قليل من الصور وبعض النسخ اليدوية، حيث ظل هذا التوثيق المصدر الوحيد للمعلومات المتاحة للباحثين طيلة ما يقرب من قرن من الزمان. وقد تم توثيق المقبرة بأكملها ورسومها الملونة بتقنية المسح ثلاثي الأبعاد، ووضعت خطط لإنشاء نسخة طبق الأصل من المقبرة في متحف قريب من المقبرة ضمن الجهود المبذولة لإتاحة المواقع التراثية أمام عامة الجمهور. وأوضح توماس أنه يجري حاليا إعادة حفر بقايا المقبرة والعمل عليه بدقة متناهية للحفاظ على تماسك مدخلها من أجل التوثيق الدقيق باستخدام التقنيات الحديثة والتي ستكون أساسا للبحث العلمي الأثري في الوقت الحالي والمستقبل، بالإضافة إلى ذلك، فإنه تم إصلاح عدد كبير من قطع البلاط التي تركها ريزنر بعد أعمال الحفر الأولية التي قام بها، لافتا إلى أن الأنشطة البحثية التي تمت مؤخرا تمثل جزءا من برنامج واسع النطاق بهدف البحث والحفاظ والدعاية لموقع جبانات الأهرامات الملكية بمروي والذي يندرج تحت مظلة التراث العالمي باليونيسكو.. وقد بدأ هذا العمل بواسطة البعثة القطرية لأهرامات السودان بالتعاون مع الهيئة العامة للآثار والمتاحف بالسودان والمعهد الألماني للآثار ببرلين. وقال إنه منذ انطلاق المشروع في عام 2012، قدمت دولة قطر، ممثلة في متاحف قطر، دعما ماديا يقدر بأكثر من 50 مليون دولار للبعثات الأثرية العاملة في السودان، حيث أسهم هذا الدعم غير المسبوق في تغيير الطريقة التي تجرى بها البحوث وأعمال الحفظ والتوعية والتثقيف حول المعالم التاريخية البارزة في السودان. وفي إطار هذا المشروع أيضا تمول متاحف قطر 42 بعثة تنتمي لـ 25 مؤسسة من 13 دولة ينخرطون حاليا في أعمال الكشف والتنقيب والترميم في المواقع التراثية التي تعود لما قبل التاريخ والحفاظ عليها، الأمر الذي يمكن هذه البعثات من مواصلة عملها لشهور عديدة، كما يمكنها استقطاب مزيد من الخبراء، واستخدام وسائل تكنولوجية مبتكرة وحديثة منها النمذجة ثلاثية الأبعاد والتصوير وتقنيات المسح الأنثروبولوجي المتطورة. وبالتوازي مع هذه الأنشطة، يتم نشر نتائج البحوث، ورقمنة وفهرسة وثائق المحفوظات التي يتعذر على الباحثين في السودان والجامعات في الخارج الوصول إليها حتى الآن، وعرض المعلومات على الجمهور غير الأكاديمي، وبناء قدرات طلاب الجامعات. وأضاف البروفيسور توماس "صمم المشروع القطري السوداني للآثار، الذي تديره قطر والسودان، ليكون مشروعا عالميا تشارك فيه بعثات مكونة من خبراء عالميين من مؤسسات مختلفة للتعاون ودعم بعضهم بعضا وحتى الآن، أحدث المشروع تأثيرا بارزا في تطوير قطاع التراث السوداني وحقق نتائج مذهلة نتطلع لعرضها".;
مشاركة :