الجزائر - لا تزال المخاوف من الارتدادات الاجتماعية، تربك الحكومة الجزائرية في الذهاب لتنفيذ خياراتها الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بتحرير أسعار المواد الأساسية ورفع الدعم عنها بداية من العام القادم. وأوضح وزير الطاقة الجزائري مصطفى قيطوني أن الحكومة تعكف على إعادة تنظيم الدعم الموجه للمواد الاستهلاكية الأساسية، بما في ذلك المواد الطاقية كالوقود والكهرباء وحتى المياه، بداية من العام المقبل، وجاء ذلك في أقل من 24 ساعة على تصريح وزير المالية عبدالرحمن راوية حول تحرير الأسعار ورفع الدعم. وقال قيطوني في ندوة صحافية نظمها في مقر وزارة الطاقة بالعاصمة الثلاثاء، إنه “من غير المعقول استمرار دعم الدولة في دعم كل المواطنين بمختلف مستوياتهم المعيشية، وأن الدعم لن يرفع تماما كما قد يعتقد البعض، بل سيعاد تنظيمه وتوجيهه إلى مستحقيه من الطبقات الاجتماعية الهشة”. ولم يفوت قيطوني الفرصة ليشدد على أن الدولة ستكفل العدالة الاجتماعية والتكفل بالفئات الاجتماعية الهشة، وأن تسعيرة الكهرباء في بلاده تعتبر من أقل التسعيرات المعتمدة في العالم. وكان وزير المالية قد كشف، أن "الحكومة ستشرع بداية من العام المقبل، في رفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية تدريجيا، وأن البداية ستكون بأسعار الطاقة والوقود، وذلك بإلغاء الدعم الذي تستفيد منه أسعار المواد الطاقية، وسيشمل القرار أسعار الماء أيضا". حزب العمال يحذر من مغبة التراجع عن مكاسب الدولة الاجتماعية، وتغليب الرأسمالية المتوحشة على الطبقات الضعيفة ولا تزال الحكومة الجزائرية ترصد موازنة معتبرة لما يعرف بالدعم الاجتماعي، حيث خصصت في قانون الموازنة الأخير مبلغ 17 مليار دولار، لدعم أسعار المواد الاستهلاكية، رغم تقلص مداخيلها إلى أكثر من النصف خلال السنوات الأخيرة، بسبب أزمة النفط الذي يمثل المصدر الوحيد لمداخيلها من العملة الصعبة. ورغم توجيهات الخبراء والهيئات المالية والاقتصادية العالمية للحكومة، بالإسراع في معالجة ما وصف بـ”الدعم العشوائي المؤثر على التوازنات المالية للبلاد “، إلا أن القرار السياسي لم يتمكن من اختراق الحواجز النفسية للمجتمع. ولا يزال التردد سيد الموقف الرسمي، بسبب الخوف من الارتدادات المحتملة، وهو ما تجلى في تدخل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لإلغاء بعض الرسوم والضرائب مؤخرا، من أجل احتواء تململ اجتماعي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وأوضح وزير المالية، أن "الشروع في تنفيذ سياسة الدعم الجديدة، لن يكون قبل انتهاء الحكومة من الدراسات التي هي بصدد إعدادها لتحديد الفئات المعنية والتي ستستفيد من الدعم المباشر، والقيمة المالية لهذا الدعم، على أن تقوم الحكومة كمرحلة أخيرة بإطلاق حملة دعائية لتوضيح التدابير المتخذة أمام الرأي العام”. وتسود مخاوف سياسية واجتماعية من انفجار اجتماعي بتحرير الأسعار ورفع الدعم عن الفئات الهشة، رغم التطمينات المقدمة من طرف الحكومة، بسبب الشكوك في عدم نجاعة الخارطة الاجتماعية والمعايير الجديدة، قياسا بالبيروقراطية الإدارية السائدة وهيمنة النمط الريعي على المجتمع. وحذرت زعيمة حزب العمال لويزة حنون، من مغبة التراجع عن مكاسب الدولة الاجتماعية، وتغليب الرأسمالية المتوحشة على الطبقات الضعيفة، مما يجر البلاد إلى انفجار اجتماعي، يستحيل توقع نتائجه على البلاد، خاصة في ظل الظروف والتهديدات الإقليمية القائمة”.
مشاركة :