أكد معالي محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل في الإمارات، أن الإدارة والتميز في العمل الحكومي هما القاطرة التي تقود وتحرك كافة القطاعات وهما الأقدر على تطويرها، وقيادة الحكومات نحو المستقبل، معتبراً أن التميز هو أساس التطوير. جاء ذلك خلال مشاركة وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل في أعمال «مؤتمر التميز الحكومي 2018» الذي تستضيفه القاهرة على مدى يومين، حيث كشف القرقاوي عن 5 تحولات جذرية ترسم ملامح حكومات المستقبل ويتعين على الحكومات في المنطقة العربية التنبه والاستعداد لها، ووضع الخطط والسياسات لاستيعابها والاستفادة منها. وتحدث القرقاوي عن حكومات تتبنى اقتصاد المستقبل القائم على البرمجيات، وحكومات تحركها ثورة البيانات، وحكومات رقمية ذكية، وحكومات تديرها شركات، وحكومات وظيفتها تصميم المستقبل، مستعرضاً معاليه العديد من التجارب العالمية. علاقات استثنائية ونوه القرقاوي بالعلاقة التاريخية الاستثنائية والاستراتيجية بين مصر والإمارات، والتي نجح خلالها البلدان الشقيقان في إرساء نموذج مثالي للعلاقة القائمة على التعاون والتكامل، وعلى الاحترام والتقدير المتبادلين، على مستوى قيادة البلدين وشعبيهما، مشيراً إلى أن التحديات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم لم تزدها إلا منعة ومناعة. وقال معاليه: «العلاقة وضع أسسها ورعاها ونمّاها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة، وهو الذي حمل مصر في قلبه، مؤمناً بمكانتها ودورها المركزي في تماسك الأمة العربية وتعزيز وحدة الرؤى والآمال والأهداف. ولقد استمرت العلاقة بين مصر والإمارات في النمو والتطور وازدادت متانةً ورسوخاً على يد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتُرجمت من خلال تعاون ثنائي وثيق في شتى المجالات السياسية والتنموية، وعمَّقتها على مرّ السنين تلك التجارب الإنسانية التي انحفرت عميقاً في الوجدان الشعبي الإماراتي والمصري». واستعرض القرقاوي تاريخ مصر في العمل الإداري، حيث وضعت مصر نواة العمل الإداري قبل آلاف السنين، مشيراً إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية يتبنى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، كمشروع تنموي هو الأكبر من نوعه، وهو خطوة عملاقة من أجل تطوير بيئة اقتصادية مزدهرة. وحول التحولات الخمسة اعتبر القرقاوي أن ما نشهده من تغيرات سريعة وتضاعف في حجم البيانات والمعلومات، ما هو إلا الثانية الأولى، من الدقيقة الأولى، من الساعة الأولى، في أول محطة من قطار المستقبل، معتبراً أننا أمام فتح اقتصادي جديد هو اقتصاد المستقبل والحكومات مرشحة للعب دور كبير في دفع عجلة هذا الاقتصاد القائم على العقول والبرمجيات. التحول الأول وأكد القرقاوي أن الحكومات القادرة على قيادة العالم في المستقبل هي تلك التي تتبنى اقتصاد المستقبل القائم على البرمجيات والتكنولوجيا والبيانات وذكر أن هذا التغيير يمس الكيانات الاقتصادية الكبرى والتي شهدت تبدلاً كبيراً خلال العشر سنوات الماضية. مؤكداً أن شركات التكنولوجيا في «سيليكون فالي» من أهم الشركات في السوق، وهي سلة الثروات الكبرى في العالم اليوم بعد أن كانت شركات النفط والبنوك والشركات الكبرى هي التي تتصدر سوق الأسهم الأميركي لعقود. الثاني وتحدث القرقاوي عن التحول الثاني في شكل الحكومات والذي هو البيانات وقال معاليه: «يمكننا القول بأننا نعيش في عصر البيانات الضخمة، وطريقة تعاملنا مع هذه البيانات ومعالجتها واستخدامها ستغير طريقة عمل حكومات المستقبل. لذا، علينا أن نكون من الآن جاهزين للحكومات الجديدة». وأكد القرقاوي أننا نعيش في عالم من البيانات الضخمة، ومع ذلك فإن 99.5% من هذه البيانات تُهدر دون أن نستفيد منها، مبيناً أن مهمة حكومة المستقبل هي الاستفادة من هذه البيانات بما يحقق أفضل مستويات الأداء في العمل الحكومي، وبما ينعكس بالضرورة على رضا الشعب وسعادة المجتمعات. التجربة الصينية وتحدث القرقاوي عن التجربة الصينية في مجال الاستفادة من البيانات الضخمة، حيث تمتلك الصين شبكة Sky Net System، وهي واحدة من أهم تقنيات البيانات الضخمة وهذه الشبكة المبتكرة أسهمت في انخفاض معدلات 8 أنواع من جرائم العنف والسرقة في الصين بنسبة 40% خلال عامين فقط، من خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ومراقبين رقميين بدلاً من رجال الأمن لتعقُّب الجرائم وتحديد المخالفات وهو ما يعني ارتفاع مستويات الشعور بالأمان لدى السكان. التجربة المصرية وذكر القرقاوي أننا نحن كحكومات في المنطقة فخورون بالنموذج المصري في مجال البرمجيات بحسب تقرير صادر عن مؤسسة «كابجيمناي» الفرنسية العالمية، مصر مؤهلة لتكون الوجهة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذا المجال، بسبب ميزاتها التنافسية منوهاً بأن مصر حققت مبيعات في قطاع البرمجيات المصرية وصل حجمها إلى 182.5 مليون دولار في عام 2016 ومن المتوقع أن يصل إلى 304.2 ملايين دولار بحلول عام 2020 بمعدل نمو سنوي يبلغ حوالي 13.3%، بحسب توقعات «بيزنس مونيتور إنترناشيونال». وذكر القرقاوي أن مصر لديها الكثير من الثروات، وهي اليوم تقود المنطقة في هذا المجال لتبقى ثروة مصر الحقيقية في عقول أبنائها. الثالث وأشار القرقاوي في حديثه عن التحول الثالث إلى أهمية تبني الحكومات للذكاء الاصطناعي، فالحكومات الرقمية هي التي تقدم الخدمات الذكية عبر مراكز الخدمات الذكية التابعة للحكومة والذي يوفر خدماته للمتعاملين 24 ساعة في اليوم.. سبعة أيام في الأسبوع. واعتبر القرقاوي أن المستقبل هو للحكومات التي تملك تقنيات الذكاء الاصطناعي، فالهواتف الذكية قادرة على تقديم مئات الخدمات الحكومية، بسرعة وبكفاءة عالية، موفرة على الحكومة بمعناها التقليدي مئات الملايين من الدولارات والساعات المهدورة، ناهيك عن التقليل من الهدر في التعاملات الورقية دون التضحية بالجودة أو الكفاءة وفي النهاية تحقيق أعلى معدلات الرضا عند المتعامل. وأشار معاليه إلى أن حكومة رقمية أو ذكية تدير المراكز الخدمية الرقمية من شأنها أن توفر الهدر الذي تعاني منه الحكومة الورقية (بحسب تقرير للأمم المتحدة ستكون كلفة المعاملات الورقية أقل بـ 3000% من الكلفة الحالية!)، منوهاً بأن 40% من المعاملات الحكومية والخاصة ستتم معالجتها من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2020. الرابع وخلال حديثه عن التحول الرابع، تساءل القرقاوي إن كانت الحكومات تستطيع أن تتصدى لوحدها للتحديات التنموية التي تواجهها المجتمعات؟ وقال معاليه: «في عالمنا العربي، تتحمل الحكومات الكثير من الأعباء المالية والفنية والإدارية، وكما توفر الحكومة الدعم، فإن ثمة قطاعات مجتمعية يمكن أن توفر لها الدعم من خلال قيام شركات بتوفير وإدارة الخدمات الحكومية ضمن أعلى مستويات الكفاءة والجودة المنشودة، نتحدث هنا عن حكومات المستقبل التي تدير خدماتها شركات أو بصيغة أخرى: التعهيد». وذكر القرقاوي أنه في العقدين الأخيرين، شهد العالم ازدهاراً في نشاط «التعهيد» Outsourcing، وهو استئجار كفاءات وخدمات من مؤسسات وشركات للقيام بمهام ووظائف وصلاحيات الجهة المستعينة بها، وهي جهة حكومية في الغالب، بغية تحسين مستوى جودة الخدمة، وتقليل التكاليف والأعباء الفنية واللوجستية، والاستفادة من الخبرات والكفاءات المتميزة وغيرها من مزايا. الخامس أما عن التحوّل الجذري الخامس فأشار القرقاوي إلى أن حكومات المستقبل وظيفتها تصميمه ووضع خططها وبرامجها وسياساتها لما تريد أن يتحقق ولما تتطلع إليه. 90 أشار معالي محمد القرقاوي إلى أن قيمة عقود التعهيد عالمياً ارتفعت من 45 مليار دولار في العام 2000 إلى ما يقارب 90 مليار دولار في العام 2017، أي بنسبة تصل إلى الضعف، ومن التجارب الناجحة في العالم فإنه يمكن للحكومات تشجيع القطاع الخاص على بناء المستشفيات وتقوم الحكومات ببناء منظومة تأمين، وكذلك تعهيد إدارة بعض المدارس للقطاع الخاص، وتعهيد الكثير من الخدمات العامة وصولاً لخدمات التقاعد ومعاشات الخدمة المدنية.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :