أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن الدول العربية تخوض معركة حقيقية على الصعيد الدبلوماسي من أجل تثبيت الحقوق الفلسطينية، وضمان أن يبقى القرار الأمريكي بشأن القدس معزولًا وغير قابل للتكرار أو الاستنساخ. جاء ذلك في كلمة أبو الغيط أمام الجلسة الخامسة والختامية لدور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي التي انطلقت أعمالها اليوم، الأربعاء، بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية برئاسة الدكتور مشعل السلمي.وقال أبو الغيط إن الجامعة العربية تجري في هذه الأثناء الاتصالات اللازمة من أجل الإسراع بتشكيل لجنة تحقيق في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة المحتل منذ 30 مارس الماضي.وأضاف أن الجانب العربي نجح في استصدار قرار هام من الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 13 يونيو الماضي في شأن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وهو القرارُ الأول من نوعِه في هذا الباب، ويُعد استكمالًا للقرار الذي كانت الجمعية العامة قد اعتمدته في ديسمبر الماضي في شأن القدس.وأوضح أبو الغيط أن من يظن أن الأزمات العربية الراهنة هي فرصة لتمييع القضية الفلسطينية أو التغطية عليها أو تصفيتها مخطئٌ في قراءة المشهد، ومخطئٌ في فهم الرأي العام العربي.وأكد أن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ولكنها قضية العرب، كل العرب، وستبقى كذلك إلى أن يجد هذا الصراعُ التاريخي حله العادل والشامل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.ونبه أبو الغيط إلى أن الدبلوماسية العربية تواجه تحديًا حقيقيًا بالتصدي للهجمة الخطيرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية منذ إعلان الإدارة الأمريكية عن قرارٍ أحادي الجانب بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل سفارتها إليها.وقال إن "الجانبُ الأمريكي تخلي، بهذا القرار وغيره من الإجراءات الأحادية، عن حياده إزاء النزاع الأطول أمدًا في المنطقة، بل صارت الولايات المتحدة جزءًا من المشكلة بدلًا من أن تكون جسرًا إلى الحل".وأضاف: "إن عددا من القرارات الأمريكية المتتالية أسهم في إيصال رسالةٍ للجانب الفلسطيني والعربي بأن الولايات المتحدة لا تعبأ بقضية الفلسطينيين، ولا تأبه لمعاناتهم الممتدة حتى إنها لم تجد غضاضة في تقليص إسهامها في موازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من 350 مليون دولار أمريكي، إلى 60 مليون دولار، وهو ما يهدد معيشة ما يقرب من ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعتمدون على الوكالة في معيشتهم داخل الأراضي المحتلة وفي دول الجوار العربي، فضلًا عن نصف مليون طفل فلسطيني قد لا يستطيعون مواصلة تعليمهم في سبتمبر المقبل إن بقي الوضع على حاله".وتابع: "يكفي أن نتأمل الوضع في قطاع غزة المُحتل، المحاصر من دولة الاحتلال منذ 12 عامًا، لندرك أن انفجار الأمور صار احتمالًا واردًا في كل لحظة".وقال أبو الغيط: "لقد علمنا الشعب الفلسطيني دومًا أنه عصيٌ على الانحناء وغير قابل للتطويع أو الإخضاع، وها هم الفلسطينيون يقدمون عشرات الشهداء في يوم افتتاح السفارة المشئوم ليعرف العالم الوجه الحقيقي للاحتلال البغيض الذي لن يستطيع إخفاءه مهما حاول تجميل الصورة"، مشيرا إلى أنه منذ مظاهرات يوم الأرض في 30 مارس الماضي وإلى اليوم حصدت آلة البطش والعدوان الإسرائيلية ما يربو على 135 شهيدًا.وشدد على أن الإجماع العالمي، برغم ضغوط مكشوفة تُمارس هنا وهناك، ما زال صلبًا وكاسحًا في تأييد الفلسطينيين.وأشار إلى أنه قد صوت على قرار الجمعية العامة في ديسمبر الماضي 128 دولة، وعلى قرار يونيو الفائت 120 دولة ، ومع ذلك "فإننا لا ينبغي أن نغفل عن ثغرات ينفذ منها الخصوم ليشقوا وحدة الصف ويضربوا قوة الإجماع وهناك دولٌ نُراقب أنماط توصيتها على هذه القرارات، ونلمسُ في مواقفها قدرًا من التراجع أو التخاذل".وأضاف أبو الغيط أنه ليس سرًا أن 45 دولة امتنعت عن التصويت على قرار توفير الحماية الدولية للفلسطينيين في يونيو الماضي.وناشد البرلمان العربي العمل بكلِ طريق على التواصل برلمانيًا مع هذه الدول سواء تلك التي تتعرض للضغوط لتغير مواقفها أو تلك التي تُبدي النية لاستنساخ الخطوة الأمريكية غير القانونية بنقل السفارة إلى القدس.وأكد أن دور البرلمانات حيويٌ في التأثير على الحكومات، معتبرا أن البرلمان العربي ذراعٌ رئيسية لمنظومة العمل العربي.وقال أبو الغيط: "إننا نعوِّل كثيرًا على دور البرلمان في إيصال الصوت العربي إلى الفعاليات التمثيلية والشعبية والمجتمعية في مختلف دول العالم ونعرف أن عددًا من البرلمانات في دول مختلفة قد بادرت إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مناشدا العمل على توسيع دائرة هذه الاعترافات والتأكيد على أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية وأنه لا سلام من دون دولة فلسطينية مستقلة، ولا دولة فلسطينية من دون القدس.وأضاف: "هذا يقيننا جميعًا وتلك هي كلمتنا الموحدة التي ينبغي أن يستمع لها العالم بغض النظر عن الخطط التي يجري ترتبيها أو المشروعات التي يسعى البعض للترويج لها".وتابع: "إننا نعرف جميعًا أن القضايا التي تواجه أمتنا العربية في السنوات الأخيرة ضاغطة وخطيرة، وأن العديد من بلادنا لا يعيش ظروفًا عادية وإنما حالة أزمة، مع التفاوت في حدة هذه الأزمات ومدى اتساعها وخطورتها".وأكد أنه في كل الأحوال فإن الأزمات لا تبقى محصورة في دولة أو إقليم جغرافي بعينه، وإنما تنعكس آثارها وتبعاتها على العالم العربي بمختلف شعوبه وعلى صورته لدى العالم الخارجي، وقدرته على حشد طاقاته وموارده من أجل البناء والتنمية.وأشار إلى اتساع مساحة الأزمات وتعقد مسارات الحل وتفاقم الكُلفة البشرية والمادية لاستمرار الصراعات في بعض دول العالم العربي، فضلًا عن التحديات الأمنية الخطيرة التي ما زال يشكلها الإرهاب على استقرار المنطقة.
مشاركة :