مشروع الطفل المواطن ينجح بكثير من التنشئة المدنية

  • 12/11/2014
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

ورد في دراسة تربوية كندية صدرت حديثاً بعنوان «أطفال اليوم مواطنو الغد»، أن تنامي ثقافة العنف والفوضى والتعصّب والتمييز والاستهتار بالأنظمة والقوانين السائدة في أوساط الناشئة، مرده أساساً إلى فقدان التربية المدنية والتنئشة الديموقراطية لدى الأطفال، وتحديداً في مرحلة الروضة. ووجدت الدراسة أن ألف باء القراءة والكتابة في مرحلة ما قبل التعليم الأساسي تبقى «عرجاء»، إذا لم تقترن بألف باء مماثلة من الثقافة المدنية الديموقراطية القائمة على سلسلة من برامج التوعية والإرشاد والتوجيه والتثقيف داخل حدائق الأطفال وخارجها، بمعنى أن تقوم هذه المعادلة على مبدأ «قليل من العلم كثير من التنشئة المدنية». وبات هذا التوجّه الجديد في التعليم يشكّل في نظر الخبير التربوي، أحد واضعي الدراسة، إيف مالروا «اللبنة الأولى في مدماك الأنظمة التعليمية المعاصرة التي تعدّ الطفل للعلم والحياة». وإلى ذلك، يرى مارلوا «أن التنشئة المدنية ببعديها الاجتماعي والوطني لم تعد مادة يجرى تلقينها للأطفال ويحفظونها عن ظهر قلب، إنما هي قبل كل شيء فعل وممارسة تعكس جانباً كبيراً من أنشطة الحياة اليومية في المجتمع». وفقاً لهذه السياسة التربوية الجديدة، باتت برامج التعليم والإعداد في حدائق الأطفال الكندية تنقسم إلى مستويين يكمّل أحدهما الآخر: فمن جهة يتلقى الطفل وفقاً لأرقى أساليب التعليم والإيضاح، مبادئ القراءة والكتابة والحساب واللغة والفنون، كأن يعتاد على إلقاء الأصوات ومخارجها وعلى كتابة بعض الأحرف وجمعها في كلمات بسيطة ذات معان ملموسة، واكتساب بعض العبارات الرئيسية المتداولة يومياً في المنزل والمدرسة ومع الأصدقاء وصولاً إلى كل ما ينمّي معارفه ومداركه العلمية والعقلية والفنية والاجتماعية. ومن جهة ثانية، يدخل الطفل إلى عوالم أخرى لم تكن متــاحة أمامه فيكتسب في هذا «المجــتمع الصغير» مجموعة من الفضائل المدنية تحاكي إلى حدّ بعيد، ما يسود في مجتمعات الكبار. فهو مثلاً يعتاد على الطاعة واحـــترام النظام والخط الفاصل بين المسموح والممنوع وحرية التعبير وضوابطها واحترام الآخر المختلف عنه بلونه، والشعور بالمسؤولية الفردية والجماعية، وتعزيز الشخصية الفردية والاعتماد على النفس والتعاون مع الآخرين، والتعرّف إلى حقوقه وواجباته كإنسان ومواطن. أما الأنشطة التي تقام خارج صفوف الحضانة، فهي على تنوّعها ووفرة أهـــدافها تشكـــّل صورة «الطفل المواطن» بمعانيها المدنية والحضارية. ومن المـــشاهد المألوفة مثلاً رؤية الأطفال بصــحــبة مربٍّ أو مربيـــة يقومون بجولات ميدانية في الشوارع للتعرّف إلى نظام الإشارات الضوئية وأنظمة المرور المخصصة للمارة والسيارات بغية الحفاظ على سلامتهم، أو برحلات استكشافية في الحدائق العامة والغابات والمساهمة بتنظيفها، ما ينمي في نفوسهم في مرحلة مبكّرة حساً بيئياً، أو يزورون مواقع أثرية وحكومية تعزز ذاكرتهم التاريخية والوطنية، أو محال تـــجارية كبيرة يطلعون خلالها عن كثب على عمليات البيع والشراء، أو يلتقون رجال الشرطة كي يزوّدوهم بنــصائح ومعلومات تحــفظ أمنهم وسلامتهم نتيجة أي اعتداء قد يقع عليهم، أو تعرّضهم لحوادث منزلية أو غيرها، وصولاً إلى ارتياد المكتبات العامة ومعارض الكتب لتشجيعهم على المطالعة والمواظبة عليها.

مشاركة :