شبح صلاحيات أردوغان المطلقة يرعب الاقتصاد التركي

  • 7/5/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتفاقم مخاوف الاقتصاد التركي بسرعة كبيرة مع اقتراب القفزة الكبيرة في صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت تتزايد فيه المؤشرات الملموسة على تباطؤ نمو الاقتصاد المرشح لدخول مرحلة من الركود. وأظهرت بيانات أولية عن الميزان التجاري تراجع حركة الواردات والصادرات في يونيو، وهو ما ينذر ببداية اختلال توازن النمو الجامح للاقتصاد التركي مع دخول النظام السياسي إلى عهد جديد. وتخشى القوى الاقتصادية من أن صلاحيات أردوغان، التي ستصبح بلا حدود وتشمل تعطيل منصب رئيس الوزراء وإضعاف صلاحيات الوزارات، ستعزز إصراره على تفضيل النمو على حساب التضخم والعجز في الحساب الجاري. وسيصبح البرلمان، الذي يناقش ويوافق على معظم السياسات الاقتصادية، مجرد هيئة تختم على القرارات دون نقاش. وحسب قول جميل أرتيم كبير المستشارين الاقتصاديين لأردوغان الأسبوع الماضي، فإن وزراء الحكومة سيكونون موظفين كبار في الحكومة وسيختار الرئيس أعضاء لجان غير منتخبة تتولى مهمة تقديم المشورة له في السياسة الاقتصادية. وكانت جميع مشاكل الاقتصاد وفقدان الليرة لنحو 20 بالمئة من قيمتها أمام الدولار هذا العام، بسبب تراجع سيادة القانون تحت ضغط سياسات أردوغان التي تتعارض مع الحقائق الاقتصادية مثل التحفيزات الحكومية الهادفة لتحقيق توسع اقتصادي، والتي قد تفضي إلى “ركود حاد”. 5.05 ليرة للدولار القيمة المتوقعة للعملة التركية في نهاية العام الحالي بحسب بنك مورغن ستانلي ومما زاد من غضب أردوغان اضطرار البنك المركزي لرفع الفائدة بنسبة 4.25 بالمئة في مايو ويونيو إلى 17.75 بالمئة لمواجهة عمليات بيع الليرة التي فجّرت مخاوف من أزمة في العملة. ويأمل المستثمرون أن تتولى شخصيات معتدلة مثل محمد شيمشك نائب رئيس الوزراء في الحكومة السابقة، وكذلك خديجة كاراهان المستشارة الاقتصادية لأردوغان، أدوارا بارزة في الحكومة الجديدة وهي حاجة ماسة لمواجهة شخصيات متشددة مثل أرتيم. ويمكن أن تتفاقم الأزمات التركية مع اتجاه البنك المركزي الأميركي لتشديد السياسة النقدية، حيث يمكن أن يؤدي أي رفع للفائدة إلى عمليات بيع كبيرة في الأسواق الناشئة. ولذلك يحتاج أردوغان للمسارعة بتشكيل فريقه الاقتصادي وإقناع المستثمرين بأنه سيلتزم بسياسات اقتصادية حذرة بدلا من النهج الشعبوي الذي اتسم به حكمه منذ بدأت السلطات المالية الأميركية والأوروبية سياسة التيسير النقدي قبل نحو 10 سنوات. أما اليوم فإن تشديد السياسة المالية سيؤدي إلى انحسار فيض الأموال السهلة عن الأسواق الناشئة وخاصة تركيا. ويعتقد اقتصاديون أن أردوغان لن يسعى إلى كبح أو ترويض التباطؤ الاقتصادي الوشيك بالمزيد من الإجراءات الشعبوية، وأن حكومته ستتخذ خطوات جادة لكبح التضخم الذي سجل 12.2 بالمئة في مايو. ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد انكماشا في الربع الثالث من العام الجاري. ومن المتوقع أيضا أن يرتفع التضخم في يونيو ويوليو وربما يصل إلى 15 بالمئة مع انعكاس تأثير التراجع في الليرة على الأسعار. وتستند التوقعات المتفائلة لهؤلاء الاقتصاديين، ومنهم شخصيات بارزة مثل تيم آش الخبير الاقتصادي بشركة بلو باي لإدارة الأصول، إلى تصريحات شيمشك وخديجة كاراهان وربما لن تتحقق. جميل أرتيم: سيتم التعامل مع المشاكل الاقتصادية وفقا لنموذج نمو يطبقه أردوغانجميل أرتيم: سيتم التعامل مع المشاكل الاقتصادية وفقا لنموذج نمو يطبقه أردوغان فقد أكد جميل أرتيم الأسبوع الماضي أن المشكلات الاقتصادية سيجري التعامل معها وفقا لنموذج النمو الذي يطبقه أردوغان دون غيره. وأضاف أن الوزراء الذين تمتعوا في السابق بصلاحيات تنفيذية كنواب برلمان منتخبين، سيعملون الآن وفقا لأهداف أردوغان السياسية كمسؤولين معينين. وقال إن “إعلان أعضاء الحكومة الجديدة المقرر في الأيام المقبلة مجرد خبر عابر أكثر منه شأن سياسي” في دلالة على أن أردوغان وأعضاء دائرته الداخلية هم من سيتحكمون في زمام الأمور عندما يتعلق الأمر بالسياسة الاقتصادية. وقال “إن خارطة الطريق واضحة ولن تتوقف الاستثمارات، وستستمر عجلات الاقتصاد في الدوران، عبر معالجة المشكلات الهيكلية مثل التضخم والعجز في الحساب الجاري في إطار رؤية شاملة للنمو”. وفي الماضي القريب، كان المستثمرون يتجاهلون تصريحات أرتيم على مسؤوليتهم الخاصة، ويرتاحون لبيانات شيمشك وكاراهان ووزير المالية ناجي إقبال وهو سياسي آخر مؤيد لاقتصاد السوق، لا يزال موقفه في الحكومة الجديدة غير واضح. لكن التاريخ والنغمة الحالية في القصر الرئاسي في أنقرة تشيران إلى أن أردوغان وأعضاء فريقه الجديد لا يعتزمون اتخاذ إجراءات مؤلمة لكبح جماح التضخم وإعادته إلى خانة الآحاد. وليس من المتوقع أيضا اتخاذ إجراءات جادة لخفض عجز الميزانية المتزايد نظرا لاستعداد أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم لانتخابات محلية في مارس. وأفضل سيناريو متوقع الآن هو مجرد خدعة، إذ سيتم اتخاذ بعض الإجراءات لتهدئة المستثمرين بينما ستواصل الحكومة مسعاها نحو زيادة النمو. وكان مورغن ستانلي أول بنك استثماري يتوقع ضعفا جديدا في الليرة بعد الانتخابات، وقد أوصى عملاءه ببيع الليرة وشراء الروبل. وقال البنك حينها إنه يرجح أن تتراجع العملة التركية إلى 5.05 ليرة للدولار في نهاية العام الحالي. لكن تلك التوقعات قد تكون مفرطة في التفاؤل. فأردوغان الآن بلا قيود ومن المتوقع أن يستعرض عضلاته على الاقتصاد التركي، وعلى ما تبقى من الديمقراطية، وينبغي على المستثمرين أخذ الحيطة والحذر.

مشاركة :