أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءّا رئيسيا في حياة الناس، لدرجة مخيفة ولافتة للانتباه وصل فيها الكثيرون إلى مرحلة الإدمان، وأصبحت تهدد التلاحم الاجتماعي، فغالبية الناس يقضون ساعات طوال في يومهم برفقة جهازهم المحمول بكل مغرياته الاتصالية بالعالم. وحين انتشرت في الآونة الأخيرة ظواهرة منافية للأخلاق وليست من الإسلام، بدأ البعض من أهل العقل والعلم يدركون خطورة الاثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي، فالبعض يروج لطقوس غريبة تدفع للفساد الأخلاقي، والبعض الآخر يسوّق لورش تدريبية تنافي الدين وتستخف بالعقل كتحقيق الرغبات القلبية والأحلام والاستشفاء بالتواصل مع الملائكة والتحدث معهم وطلب الحاجات منهم، وكذلك جذب الزوج والمال بطرق غريبة منافية للعقل وللإسلام تحت بند الطاقة، كل هذه الأمور المريبة كانت وسائل التواصل الاجتماعي قاعدتها الرئيسية للعرض والترويج والتسويق، وهكذا أصبحت وسائل لطرح الفكر المستورد الذي يُحرّض على الانسلاخ من الثوابت الدينية والأخلاقية، ممارسات غريبة لاتمت للمجتمع الإسلامي بصلة، مثل ظاهرة «الفاشينستا»، وظاهرة «ميك أب آرتيست» لتعليم التبرج وفن صباغة الوجوه بطريقة مثيرة وغريبة حيث تحولت الوجوه للوحات مرسومة بمساحيق كثيرة لاحصر لها، وأصبحت أغلب الوجوه متشابهة! وبدأت تتضاعف عملية سوء استغلال وسائل التواصل اليومية إلى مرحلة الدخول في ظاهرة يوميات الأزواج التي تعرض خصوصيات الحياة اليومية والمشاهد المقززة والعارية من الحياء والأخلاق وشيم الإسلام بهدف كسب الأموال بالمتاجرة بالإعلانات، وإن كان بالغش عبر ترويج المنتجات الغذائية والتجميلية الضارة صحياً التي تنفلت من رقابة وزارة الصحة وزارة التجارة في معظمها، وكان لهؤلاء تأثير كبير على عقول الأطفال المراهقين بصفة خاصة حيث يسهل التأثير عليهم، وكذلك التأثير على بعض من يعانون فراغا ولايحسنون استغلال ساعاتهم اليومية، فيقضون أوقاتهم في مطالعة تفاصيل مشاهد حياة هؤلاء الناس. قمنا بعمل استطلاع عام في بعض المجمعات التجارية والأماكن العامة.السؤال: متى ستتوقف هذه الظواهر السلبية التي تسيء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟ ومن المسؤول عن هذا التفشي الخطير الذي يهدد مجتمعاتنا الإسلامية؟ ولماذا تغيب الرقابة هنا؟بدوره،قال الدكتور محمد فلاح مندكار أستاذ التفسير والحديث بكلية الشريعة في جامعة الكويت «ما يُسمى بعلوم الطاقة وما ينجرف تحت هذا المسمى من أمور دخيلة على المسلمين وعلى مجتمعنا تعد من البدع والإحداث في الدين، ونشر أفكار هادمة ضالة نسأل الله السلامة لاسيما مع امتناع الفائدة من ورائها، إضافة إلى عدم أصالتها، وانعدامها للدليل من الكتاب والسنة والإجماع، ومثل هذه الأمور ليست من شيم الصالحين، ولا من سمات المثقفين، وقد تؤدي إلى ضعف الايمان، وتدفع للتتشيكك في الثواب والأصول، وأرى أن جميع مؤسسات الدولة التعليمية يجب أن تكافح مثل هذه الظواهر بالإضافة إلى وزارة الإعلام».أما الداعية الشيخ علي الفاضل العجمي فأكد أنه«لوحظ في الآونة الأخيرة ظهور ما يسمى بالفاشنيستات التي أصبحت ظاهرة يراد منها فرض نمط جديد في حياتنا باتخاذ قدوات غير مؤهلة واللافت للنظر ذكر هؤلاء الفاشنيستات لتفاصيل حياتهن مستغلين وسائل التواصل الاجتماعي وتوظيفها بشكل سلبي لتنعكس آثارها المدمرة على سلوكيات جيل بأكمله، ثم ظهر لنا ما يعرف بدورات علوم الطاقة التي أصبحت إحدى وسائل الإثراء السريع باستغلال البسطاء الباحثين عن الأمن النفسي والاستقرار الاجتماعي لتستنزف جيوبهم بما لا طائل من ورائه !والناس في الغالب تبحث عما هو جديد وغير مألوف فتأسرهم الشعارات البراقة لهذه الدورات فيسارعون لها دون رقيب أو حسيب على هذه الدورات! والحل بتوعية الناس من ناحية وتفعيل دور الجهات الرقابية من ناحية أخرى».بدوره،قال إمام مسجد علي الحِمْد بمنطقة قبلة الشيخ فتحي حسن«مايتعلق بعلوم الطاقة فهي من المشعوذات ليس لها وجه من الصحة لاعقلا ولادينا، فجذب المال والزوج وغيرها من الأمور الدنيوية هي من الغيبيات والأرزاق وهي بقدرة الله الذي يقدرها للناس، وموضوع التواصل مع الملائكة والتكلم معها هو من الوجهة الدينية لايمكن أن يكون إلا في باب الشعوذة والدجل والكهانة والخرافة ما أنزل بها من سلطان، وتفشي هذه الظواهر والدورات هو جهل في الدين الذي لم يتصدى له أهل العلم والحق، نسأل الله أن يفقهنا في ديننا، وأن يعيينا على طاعته وحسن عبادته».من جانبها اعتبرت سعاد العتيبي طالبة العلوم السياسية بجامعة الكويت ان «ظاهرة الفاشنيستا من سلبياتها نلاحظ في بعض هذه الشخصيات عدم اتباع الشريعة الاسلامية نوعاً ما عن طريق السفر دون محرم ومصادقة الرجال بدعوة الزمالة والأخوة أيضاً المبالغة في اللبس الخادش للحياء.ومن المؤسف أن بعض أولياء الأمور لديهم ضعف الرقابة على أبنائهم، فقد تكاسلوا بتربيتهم بسبب عملهم وهذا يؤدي إلى نقص الوازع الديني والبعد عن الله سبحانه وتعالى فيكف سيعرف ويتمكن من فهم ومعرفة ذاته وهو تحت تأثير الشخصيات التي يتابعهم بشكل يومي ويتأثر بهم».في حين رأى الناشط الاجتماعي أيوب الخاضري أنه «في الأعوام الأخيرة وسائل التواصل الاجتماعي بقوة وفرضت نفسها في كل مجالات الحياة،فلا نكاد نستغني عنها في حياتنا اليومية وفي ممارسة كل شؤوننا الحياتية، وبين ماهو إيجابي وسلبي، ولكن هل يحسن الكل استعمالها في تحقيق أهداف سامية؟وهل صارت مرتعا للطرح السلبي وزرع الفروقات والفتن بين الناس؟استعمالنا لوسائل التواصل الاجتماعي يتطلب منا روحا اجتماعية أكثر من كونها تواصلية بعيدا عن الطرح المتعصب وبعيدا عن التفرقة والفتن بين الناس، فالبعض من مستعملي هذه الوسائل يستعملونها للانتقادات السلبية وبث الفتن بين الأصدقاء ويسعون لتدمير روابط الأخوة بين الشعوب في تناف صارخ مع تعاليم ديننا الحنيف،الذي يدعو إلى التسامح والحب والإخاء وتكريس كل روابط الإسلام بيننا، وكذلك السقوط الأخلاقي الذي صار يعاني منه الكثيرون في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي،وإنصافا لا ننسى أنها كسرت كل معاني البعد والمسافات وحولت العالم إلى قرية صغيرة ممكن أن تتواصل من قارة مع صديق، أم، أب، أخ أو أخت في قارة ثانية من دون أدنى عناء ولا مشكلة، وأنت جالس في بيتك تحتسي كأس قهوة وتتكلم إلى عائلتك وأصدقائك،وأيضا لعبت دورا مهما جدا في إيصال الأفكار الإيجابية ونسج جسور من التواصل البناء والهادف من الكثيرين».من جانبها، اعتبرت معلمة الرياضيات عزيزة الشعيري أن «الفاشينستات فتيات يعشقن الموضة،وظفن السوشيال ميديا لتسويق مختلف منتجات الشركات وإشهارها بهدف تحقيق مكاسب مادية،وتزامنا معها انتشرت ظاهرة الميك أب آرتست،فنانات يقدمن كل ماهو جديد ومختلف في عالم التجميل والماكياج، لمختلف المناسبات وبأثمان متفاوتة، معللات أن سر نجاحهن يكمن في القدرة على إظهار مميزات الوجه وإخفاءعيوبه وهو ما يسمى بعملية نحت الوجوه،وفي ظل ذلك التجأت معظم هذه الشخصيات إضافة إلى فئة أخرى تدعي الرقي على مستوى الفكر والثقافة والمعاملات ونمط العيش،أن تعرض أدق تفاصيل حياتها اليومية عبر ترويج صور ومقاطع فيديو ليشاهدها العالم بهدف الشهرة».وأضافت«أنا أعارض سلوكيات كل هذه الفئات، فهي من جهة تجاوزت كل معاني الحياء والحشمة والرقي والعادات النبيلة التي تتوافق مع تعاليم الدين الاسلامي،ومن جهة أخرى أغلب شخصيات السوشيال ميديا تدعي المثاليات المزيفة،فمن ينشدها ترى أفعاله تكافئ أقواله،ومن يدعيها لا يستطيع أن يمارس بعضا منها،وبالتالي يتعين توعية رواد مواقع التواصل الاجتماعي وتثقيفهم عن طريق نشر كل ما يفيد العالم العربي والتركيز على جوانب الابداع وتنمية قدراتهم العقيلة والفكرية وتشجيع مختلف المواهب مما يدفع بهم إلى الرقي الفكري والسلوكي بعيدا عن الربح المادي وتحقيق لذة الشهرة التي سرعان ما تنطفئ».
مشاركة :