وسائل التواصل.. نعمة أم نقمة

  • 12/22/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

حين دخل العالم ثورة المعلومات، وصار الكون قرية الكترونية صغيرة، لم يكن أحد ليتوقع أن هذه النهضة التكنولوجية، سوف تخلق أوضاعا اجتماعية معقدة تتضمن الدخول في حروب ومشادات، وهو الأمر الذي يفرض ضرورة توظيف هذه التقنيات في حدود ما يفيد الفرد ومجتمعه. وقد سبق أن قلناها مرارا وتكرارا من أنه ينبغي عدم ترك الباب مفتوحا على مصراعيه عندما يكون الأمر متعلقا بالعالم الافتراضي القائم على تغذية غير محسوبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو ما بات يسمي «الإعلام الجديد» حيث يجب أن نمعن النظر في سلوكياتنا الاجتماعية والتي بدأت تتأثر بشكل كبير بما يكتب في هذه الوسائل من قبل أناس ليس لديهم الوعي الكافي بشأن خطورة ما قد ينجم عن كتاباتهم من آثار سلبية على مجتمعهم، لأنهم وببساطة يضعون مصلحتهم الشخصية في المقدمة، فيما يساهم البعض منا سواء بقصد أو بغير قصد في هذه الفوضى، ويصبح جزءا من المشكلة من خلال تفاعله سواء بالتأييد أو الرفض، ما يعني أن الصمت في بعض الأحيان قد يكــون حلا. نعم، لقد ابتلانا الله بهذه المشكلة التي تعاني منها كذلك دول أخرى، لكن كلا منها تعامل مع الأمر وفق موروثه الاجتماعي، ومن خلال قيام كل فرد بدوره اللازم حرصا على حماية الكيان الذي يعيش فيه، بينما لم نتمكن نحن وللأسف الشديد من حشد الأدوار المجتمعية لمواجهة المشكلة، حيث علينا أن نصطف جميعا، كل في موقعه ووفق صلاحياته، للتصدي لمن يريد تفكيك مجتمعنا ونشر هذه الفوضى غير الأخلاقية، ونحن قادرون على ذلك ولله الحمد بما لدينا من عمق ثقافي ومجتمعي وكوادر تملك الخبرة الكافية انطلاقا من أن حماية المجتمع ودعم تماسكه مسئولية أفراده بالدرجة الأولى. نحتاج بحق إلى سلسلة من الوقفات الجادة، لعل في مقدمتها تطبيق القانون ومحاسبة كل من يخطيء، فنحن مع الحرية المسئولة بالدرجة الأولى، وبالتوازي مع ذلك، هناك الدور الأساسي للأسرة بحيث نراقب أنفسنا أولا وأبناءنا ثانيا من ناحية ما نقرأه أو نكتبه في مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يأتي دور المدرسة من خلال إعادة الروح الوطنية وتعزيز الدور التوعوي ونشر ثقافة أن الفرد ليس إلا جزء من المجتمع، في حين ينبغي على المساجد ودور العبادة ونعني أصحاب المنابر الدينية،العمل على تجديد وتطوير الخطاب الديني بحيث يجمع ولا يفرق ويؤكد أننا جميعا في سفينة واحدة، كما ينبغي على كل صاحب قلم أن ينطلق في كتاباته من المصلحة العليا للوطن ويفكر في البحرين بكل طوائفها وفئاتها، حتى نتمكن جميعا من التصدي للعابثين في وسائل التواصل الاجتماعي، والذين يغردون خارج السرب، لكن خطرهم لا يمكن السكوت عليه، فالوقت الذي يقضيه شبابنا اليوم بصحبة «تويتر وفيسبوك» أصبح أكبر بكثير مما يقضونه في قراءة كتاب أو حضور مجلس أو ندوة أو زيارة الأهل والأصدقاء. باختصار، نتمنى أن يعود تواصلنا المباشر وتقاربنا العائلي كأبناء مجتمع واحد بدلا من أن يبقى بعضنا أسرى لدى وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه دعوة لتصحيح وضعنا الاجتماعي قبل فوات الأوان.

مشاركة :