الأجسام السياسية لا يمكنها أن تصنع شاعرًا أو روائيًا أو مسرحيًا

  • 7/7/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

خصصت «مجلة البحرين الثقافية»، حوار عددها (92)، للشاعر البحريني قاسم حداد، متطرقة فيه للعديد من الموضوعات المتعلقة بقضايا الشعر، والكتابة، والنقد، إلى جانب التحولات في مختلف الشؤون الثقافية والأدبية والفنية، والتطرق لعلاقة قاسم بالسياسة، وإشكاليته مع السلطات بكل أشكالها، وفي هذا المختصر، نستعرضُ بعضاً من أبرز ما جاء في هذا الحوار، الذي أجراهُ الكاتب الصحفي غسان الشهابي، وقدم لهُ الكاتب كمال الذيب. في مستهل حواره، يؤكد قاسم على أن «التعبير الأدبي يكمن في البحث المستمر لدى المبدع، سواء كان كاتباً أم تشكيلياً، أم فوتوغرافيا. فالإشارة إلى النص المفتوح، هي استجابة للسؤال الدائم لدى المبدع: هل يوصل بشكل تعبيري واحد؟ هل يستقر في ذلك؟ هل الاستقرار فيه إغناء للتجربة، أم ثمة أسئلة تتصل بالتعبير تكون مفتوحة دائماً؟، مضيفاً، تعودت -منذُ وقت مبكر- القلق من الشكل التعبيري، هذا القلق الذي يشعرني بضرورة ألا أكرر نفسي في الشكل نفسه. فهذا البحث المستمر هو ما يصقل قناعة المبدع بما يفعل، لأنني أشعر ألا مبرر للاستمرار في هذا الشكل إذا ما كررت الأسلوب في التجربة التالية، ولا مبرر أيضاً إن لم تشكل تجربتي حواراً مع التجارب الأخرى، بما يخلق إضافة نوعية». هذا ما أدى بقاسم للولع بمحاورة الأشكال الأخرى كالتشكيل والموسيقى والتصور. وعن أولى هذه الحوارات، يبين «هذا الذي جرى تحقيقه بقناعة واضحة في (الجواشن) مع أمين صالح، صالح الذي أتى بلغة شعرية عالية من السرد، وأنا جئت بعد تجربة الخروج عن التفعيلة والنشر، وكنت بدوري أبحث عن أفق. أتينا إلى هذه التجربة المشتركة من دون أن تكون لأي منا الرغبة في المحافظة على أسلوبه، كنا نبحث عن أسلوب آخر، عن شكل تعبيري يضيف إلينا ويمتعنا، فكلما استمتع المبدع في عمله، رشح النص لمتعة القارئ». وفي تطرقه لقضايا الشعر، يبين قاسم بأن «الشاعر العربي اليوم يحمل مسؤولية مضاعفة لأن يقنع القارئ العربي بأن ما يكتبه شعر، من دون اتكاء على قافية أو وزن، أو أي من المباني الجاهزة. بل أكثر من ذلك، فالموسيقى في الشعر معتمدة أساساً على موسيقى اللغة العربية أكثر من الوزن والقافية». بيد أن الشعر أصيب بالعديد من التحولات، إذ يوضح «أشعر أن التحولات التي تعرض لها الفن العربي ككل، وليس الكتابة حصراً، أمامها أفق واسع لا نهائي، خصوصاً إذا ما اعتبرنا أن كافة الأشكال التعبيرية مستعدة للإجابة على أسئلة المبدع، وواحد من هذه الآفاق هو حوار الأشكال التعبيرية، باعتباره أفقاً جديداً للكتابة العربية، موضحاً أن الكتابة الإبداعية العربية ستصطدم بجدارن كثيرة، إن لم تنفتح على الأشكال التعبيرية الأخرى، خصوصاً وأن الوسائط الجديدة التي تقترحها علينا التكنولوجيا تصب في صالح العمل الإبداعي، وهذا ما أكتشفه من تجارب متنوعة وغنية وتتميز بالحرية عبر هذه الوسائط الجديدة، مضيفاً بأنهُ ليس من الحكمة التقليل من دور هذه الوسائط في التأثير على الإبداع، ومؤكداً أن التردد في معرفة كنه هذه الوسائط، وكيفية التعامل معها يعني التفريط في مستقبل لا يمكن تفاديه». إن هذه الوسائط وغيرها من تطورات، تجعل من الشاعر الجديد، أمام العديد من المسؤوليات التي يؤكد قاسم بأنها مضاعفة مقارنة بالشاعر القديم، ولكي «يقنعنا بأنه أتى بشيء جديد، وشعر حقيقي، وهذا ينطبق حتى على شعراء التفعيلة الحاليين»، لهذا يستغرب قاسم «من الذين يستهينون باللغة التي بها يكتبون؛ إي عدم معاملة اللغة بخفة، فهي لا تزال مكتنزة بالأسرار والجماليات، وهذا الاكتشاف ما يمكن الشاعر من أن يستمر ويبدع ويرتقي في عطائه، وهذا ما يجعلني أعتقد أن اللغة العربية لا تزال قادرة على إدهاشنا بما فيها من جماليات». وفي رده على سؤال حول الهاجس القصصي الذي ينتابهُ بين حين وآخر، ويتجلى في بعض كتاباته، قال قاسم «هناك جانب من السرد لابد من اكتشاف شعريته لإغناء النص العربي. فعندما أكتب السرد، أشعر بحريات لا أشتشعرها عندما أكتب الشعر، سواء كان الموزون أو النثر». وتطرق المحاور إلى قضايا الملاحق الثقافية في الصحف اليوم، ليبين قاسم: «بدأت المواد التي تقنعني في هذه الملاحق تتقلص، لأسباب كثيرة، أولها السهولة المتاحة التي توفرت للنشر. فاليوم يمكن لأي كاتب، مهما كانت تجربته، أن ينشر ما يكتب على أوسع نطاق ممكن، ومن الممكن أن يجد له من القراء أيضاً الكم الكبير بسعة ما يصل إليه، ويجد أيضاً نقاداً يرون هذا النص (تحفة)، حتى لا يقنع الفرد أن ينادي الشاعر، بل (الشاعر العظيم)»، وهذا ما أضعف النواة الحقيقية للأدب الذي ينشر في الملاحق الأدبية والثقافية الرصينة، كما يرى قاسم، مبيناً أن هؤلاء الكتاب لم تعد لهم طاقة الصبر والانتظار «في زمن متعجل في كل شيء كما يقول»، مضيفاً «أكثر من ذلك، التسارع في التجارب، والكتابات الجديدة، وتضخم الكم الكبير مما ينشر»، والذي برأيه «أضاع الإبداع الحقيقي القليل، والإبداع الحقيقي قليل في كل الأزمان. فمنذُ منتصف القرن الماضي، وحتى نهايات السبعينيات، كان من السهل أن تصل إلى هذا القليل وتستشعره. وعلى الجانب الآخر، فإن التجارب النقدية التي ترافق التجارب الأدبية والإبداعية انسحبت». وفي تعقيبه على كون المثقفين والمبدعين والنقاد ينأون بأنفسهم، بين قاسم «أظن أن الأمر له علاقة بمفهوم الحوار، ولياقة الإنسان العربي الاجتماعية والسياسية والثقافية للحوار. فالإنسان العربي، في السنوات العشرين الأخيرة أو أكثر، كالفرس التي تطول حبستها، فتفقد لياقتها. يندر اليوم من يقف في ندوة عامة ليناقش المنتدى في صلب ما يطرح، وفي عمق فكرته، ويجري جدلاً على ما قاله، لأن السلطات صارت مركبة، وتحول النقد من نقد ثقافي إلى نقد اجتماعي وشخصاني، فانعكس الأمر كله على النقد الذي يحتاج مساحة من الحرية أكثر مما يحتاجها النص الأدبي. فالنصوص أعمال رمزية، يمكن للمبدع أن يكتبها بحرية، ولكن النقد يبحر في الكثير من الطبقات، ويتناول مستويات عدة، فمتى ما غاب الناقد لهذه الهواجس من القيود التي تتدلى في أفقه؛ اختفى النقد من الساحات والفضاءات». ورداً على سؤال قاسم عن جوانبه السياسية التي تطفو وتغرق كما وصفها المحاور، لفت قاسم «بعد تجربتي المتواضعة في العمل النضالي المباشر اليومي، لم أعد أشعر بأنني مستعد أو قادر أن أعطي عطاءً نوعياً في التجربة السياسية. ومع الخبرة الصغيرة التي اكتستبها اكتشفت أنه كلما استطاع الإنسان أن يعمل ما يحسن، أفضل من أن يسهم فيما لا يحسن، مضيفاً في مجال النشاط السياسي، وهذا ما طرحته على تنظيمي مبكراً، بأن هناك عشرات وربما مئات النشطاء الذين يمكن أن يكونوا أكثر فائدة مني في هذا الحقل، وفي المقابل، فهذه الجمعيات أو الأجسام السياسية لا يمكنها أن تصنع شاعراً او روائياً او مسرحياً. ويضيف أنا غير مستعد للارتهان لأي مشروع رسمي أو أهلي، فهذه المشاريع ربما تكون سامية وتنشأ لأغراض نبيلة، ولكنني غير موظف لديها، وليس من حق أحد أن يسائلني في ذلك، فأنا أزعم بأني راشد وأدرك ما أفعل، وربما أفشل، فلن أكون أو الفاشلين، وبالتأكيد لست آخرهم، فالذين يسعون بجد في الحياة ولا يصادفون التوفيق كثر. فالمجتمع الذي يمنح كتابه ومبدعيه الحرية الكاملة فعلاً هو مجتمع مرشح للمستقبل». وفي ذات السياق، أجاب قاسم على سؤال السلطات وما تشكلهُ من هاجس لديه، مبيناً «أظن أن هذا القلق مشروع لدي ولدى الكثيرين، لأن السلطات نفسها تؤكد يوماً بعد يوم أنها متوحشة. فالسلطات العربية أكثر خبرة من المعارضات العربية، لأنها تكتسب خبرة متجددة لمصادرة طاقات الإنسان الأولى، كالطفولة، والأسئلة، والاعتراض، والسجال، والنقد، في صالح تكريس الوضع القائم وديميومته، متابعاً، أثناء تجربتي في ألمانيا والغرب، اكتشفت أننا لسنا متخلفين، بل إننا نتخلف». وحول تصديه وإنكاره لفكرة وجود ملامح خاصة بالثقافة الخليجية أو مفهوم «خلجنة الثقافة»، بين «إن من أخطر ما تعرضت له الثقافة في المنطقة هو (الخلجنة)، وأظن أن المشروع الخليجي ولد مع (مجلس التعاون) بوجهه السياسي في الأساس، وتم تكريس وهم خطير، لتجيير كل ما ينتج في هذه المنطقة بأنه (خليجي)، والأخطر من ذلك أنه دفع البعض إلى الحديث عن القطرية داخل المنطقة، فصار الحديث عن الأدب البحريني، والكويتي، والإماراتي... إلخ، فهذه كلها مبالغة في قوقعة الإنتاج الإبداعي الإنساني، مضيفاً، بعد أن كنا نتكلم عن الأدب العربي في البلدان والمناطق العربية، صرنا نتكلم عن أدب المناطق، في معزل عن المظلة العربية العامة».مدخل إلى دراسة الإباضية تأليف: بيير كوبرلييجيء هذا الكتاب تحت عنوان «مدخل إلى دراسة الإباضية وعقيدتها؛ بحث مقارن في اللاهوت الإباضي في بلاد المغرب وعُمان»، ويدخل هذا الكتاب ضمن الدراسات الاستشراقية بكل إيجابياته وسلبياته، والتي اسهمت في تحريك المياه الراكدة في ثقافتنا وتفكيرنا. حراثة المفاهيم تأليف: سعيد الغانمييؤشر الكتاب إلى مستوى متقدم وصلت إليه الحضارة العربية في تنظيم نفسها اقتصاديا واجتماعيا، ومفاهيم وقواعد اقتصادية وتنموية تبدو كأنها منجزات حديثة، مثل تطوير الريف حتى لا يهاجر أهله إلى المدن وتشجيع الصنائع والحرف، والاعتماد على التجربة في تطوير الزراعة والتقنية، بل وفي الأفكار والفلسفة. المغامرة السريالية تأليف: مؤلفينيشمل الكتاب دراسات عن تاريخ السريالية بقلم فردينان ألكيه، السريالية والفن ليجرار لوغران، السريالية والشعر وعبقرية بروتون بقلم ألان جوفروا، رامبو والسريالية لأتيين ألان هوبير، السريالية والماركسية لفيردينان ألكيه، نقد السريالية لأنتونان آرتو.

مشاركة :