يبقى اسم الروائي البريطاني السير آرثر كونان دويل علامة في تاريخ الأدب البوليسي في العالم، فقد صنع الشخصية البوليسية الأشهر في التاريخ "شيرلوك هولمز"، والتي ما زالت السينما تستلهمها في أفلامها الناجحة حتى يومنا هذا؛ كما كان دويل نفسه محققًا بارعًا، ساعد جهاز الشرطة الأشهر في العالم "سكوتلاند يارد"، في العديد من التحقيقات.هو آرثر إجناتيوس كونان دويل، المولود في 22 مايو 1859 في 11 ساحة بيكاردي، في أدنبرة، باسكتلندا.والده، تشارلز التامونت دويل، ولد في انجلترا لعائلة ذات أصول ايرلندية كاثوليكية، ووالدته، ماري كانت إيرلندية كاثوليكية، وتزوجا عام 1855.في عام 1864 تفرقت العائلة بسبب إدمان تشارلز المتزايد على الكحول، لتعود وتجتمع ثانية في عام 1867 وتعيش في مجمع شقق سكنية متواضع؛ وبدعم من أقاربه الأثرياء، أُرسل دويل إلى مدرسة سانت ماري هول التحضيرية الكاثوليكية في ستونيهرست، وقد كان يبلغ من العمر وقتها 9 سنوات، ثم مدرسة ستيلا ماتوتينا اليسوعية في النمسا، وبعد ذلك رفض دويل التدين وأصبح ملحدا، واهتم بدراسة الأرواح. بين 1876 و1881 درس دويل الطب في كلية الطب بجامعة أدنبرة، كما عمل لبعض الوقت في برمنجهام وشفيلد وشربشاير، وخلال سنوات الدراسة، بدأ دويل بكتابة قصص قصيرة، قصته الخيالية الأولى، "مزرعة جورسثورب" قدمت بطريقة غير ناجحة، ثم نشر قصة "لغز وادي ساساسا" التي تدور أحداثها في جنوب أفريقيا؛ وعمل كطبيب على متن قارب لصيد الحيتان في 1880.وبعد تخرجه من الجامعة عام 1881 عمل مجددًا على متن قارب يبحر في الساحل الغربي لأفريقيا، ثم أكمل دراسته للحصول على شهادة الدكتوراه عام 1885 وقد كان موضوع دراسته مرض التابس الظهري.ظهرت شخصيتا شرلوك هولمز والدكتور واطسون لأول مرة في رواية "دراسة بالقرمزي" وقال دويل إنه استلهم شخصية هولمز من أستاذه في الجامعة جوزيف بيل، وكتب دويل إليه قائلا "من المؤكد جدا أنني أدين لك بشرلوك هولمز.. حول دائرة الاستنتاج والاستدلال والملاحظة التي سمعتك تلقنها حاولت أن ابني رجلًا"، والدكتور واطسون هو الآخر مستلهم من زميل دويل في بورتسموث، الدكتور جايمس واطسون؛ ثم نشرت "رواية علامة الأربعة"، وفيها ثاني ظهور لشرلوك هولمز، وظهرت قصص قصيرة لشرلوك هولمز بعدها في مجلة الستراند، وقد بدأ دويل في الكتابة لمجلة الستراند لأول مرة من منزله في 2 شارع أوبر ويمبول.آراء دويل حول شخصيته المشهورة المبتكرة كانت متناقضة، ففي نوفمبر 1891 كتب إلى أمه:"أنا أفكر في قتل هولمز.. وتصفيته بطريقة مرضية للجميع. لقد شغل عقلي عن أشياء أفضل". وأجابته أمه قائلة "لن تفعل ! لا تستطيع ! لا يجب عليك !"؛ ثم حاول صرف الناشرين عن طلب مزيد من قصص شرلوك هولمز برفع مستحقاته المالية، لكنه وجد أنه مستعدون لدفع أكبر المبالغ التي طلبها، ونتيجة لذك أصبح واحدا من أغلى الكتاب سعرا آنذاك.في ديسمبر 1893، شغل دويل حيزا أكبر من وقته في كتابة الروايات التاريخية، وقتل شخصية شرلوك هولمز في قصة "المشكلة الأخيرة" بعد سقوطه في شلالات ريشنباخ خلال شجار مع عدوه البروفيسور موريرتي، ولكن أمام غضب الجمهور.وأعاد دويل بعث شخصية هولمز عام 1901 في رواية "كلب آل باسكرفيل"؛ وفي عام 1903، نشر دويل أول قصة قصيرة لشرلوك هولمز في عشر سنوات، "مغامرة منزل الخالي".وشرح هولمز أن البروفيسور موريرتي هو وحده من مات جراء السقوط من الشلالات، لكن بما أن هولمز لديه العديد من الأعداء الخطيرين الآخرين خاصة الكولونيل سيبستيان موران، فقد خطط دويل لقتل هولمز مرة أخرى.وظهر هولمز في 56 قصة قصيرة، آخرها نشرت عام 1927، وأربع روايات، وظهر لاحقا في العديد من روايات وقصص كتاب آخرين.رحل دويل عن عالمنا نتيجة لسكتة قلبية في 7 يوليو عام 1930 وهو يبلغ من العمر 71 عامًا، وكانت كلماته الأخيرة موجهه لزوجته "أنت رائعة"، ودفن في البداية في ويلندشام، قبل أن ينقل رفاته لاحقا إلى هابمشاير إلى جانب قبر زوجته.
مشاركة :