الكل يتابع مؤتمر (المعارضة الإيرانية) الذي يقام سنويًّا في العاصمة الفرنسية (باريس) بمشاركة سياسيين وإعلاميين وشخصيات سياسية مرموقة من دول عدة.. ويحظى المؤتمر بتغطية إعلامية واسعة.. وربما البعض يتساءل: لماذا فرنسا هي التي تحتضن (مؤتمر المعارضة الإيرانية) وليس لندن أو واشنطن أو برلين فالحريات السياسية موجودة وحق التعبير موجود في معظم الدول الغربية؟!.. أعتقد أن فرنسا تحتضن مؤتمر المعارضة الإيرانية لشعورها بتأنيب الضمير حين استقبلت عام 1978 (آية الله الخميني) ووفرت له ملاذًا آمنًا بعد أن طرده (صدام حسين) من العراق، بل وقامت الصحافة الفرنسية بتغطية خطابات (الخميني) الأسبوعية من مقر إقامته وهو يحرض الإيرانيين داخل إيران لإسقاط نظام الشاه (محمد رضا بهلوي)، وعلى أثرها راح الملايين يحملون أكفانهم على أكتافهم وهم يتظاهرون في الشوارع ضد (الشاه). لكن ما إن سقط النظام الإيراني عام (1979) تحول (الخميني) إلى صورة أكثر دموية في قمع الشعب الإيراني.. وازدادت أعداد السجون، واتسعت دائرة (الإعدامات) ليس فقط ضد مناصري نظام (الشاه)، بل وكذلك ضد الحلفاء الذين شاركوا (الخميني) في الثورة مثل (مجاهدي خلق) و(فدائي خلق) وحزب (توده) الشيوعي والعلمانيين واليساريين. فرنسا الآن تشعر بتأنيب الضمير السياسي لأنها احتضنت آنذاك (الخميني) وجعلت منه زعيمًا تحول إلى ديكتاتور باطشٍ وعنيفٍ لمن حوله وللشعب الإيراني.. ومن المفارقات اللافتة أن فرنسا حين احتضنت (الخميني) آنذاك لم يقم جهاز المخابرات الإيراني (السفّاك) بأي محاولة لاغتياله أو تفجير حشود خطاباته.. لكن نظام الملالي الحالي في إيران قام بعدة اغتيالات سياسية ضد معارضين إيرانيين منذ 1979 حتى الآن، وكان آخرها تفكيك أجهزة أمن أوروبية لخلية اغتيالات إيرانية بينهم (دبلوماسي) إيراني بتهمة التورط في مؤامرة تفجير كانت تستهدف مؤتمر (المعارضة الإيرانية) في باريس مؤخرًا. فرنسا ودول أوروبية أخرى، وكذلك (واشنطن)، غالبًا ما يراهنون على أشخاص يعتبرونهم (مناضلين) من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة.. لكن بعد حين يثبت التاريخ أن هؤلاء الاشخاص ليسوا سوى منافقين كذّابين و(مناضلين مزيفين) يسعون وراء (السلطة) والمال والنفوذ.. ولم يستفيدوا من درس إيران (الخميني) بل عادوا وكرروا المأساة في (العراق)!
مشاركة :