د.فتحي حسين يكتب: حول واقعة إحالة مكرم محمد للتحقيق !

  • 7/9/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

ربما كان الخطأ الذي ارتكبه الصحفي الكبير مكرم محمد أحمد لا يمكن ان يفعله صحفي صغير في بداية عمله المهني عندما أصدر قرارا بحظر النشر عن مجرى تحقيق بشأن اتهامات بالفساد، تخص أحد المستشفيات المتخصصة في علاج سرطان الأطفال وهو مستشفي 57357 والتي كان من نتيجتها انه تمت احالته الي نيابة أمن الدولة العليا، وسؤاله عن "أسباب تجاوز" اختصاص المجلس الأعلى للإعلام، وإصداره قرار حظر نشر، وهو ما اعتبره النائب العام "تعديا على اختصاص السلطتين القضائية والتنفيذية". وهو ما جعل قرار مكرم منعدما ولا أثر له وكأنه لم يكن !ربما وجد المجلس الأعلى للإعلام، الذي يترأسه مكرم ان يصدر قرارا بوقف النشر في كل ما يتعلق بمستشفى 57357 وطالب جميع الأطراف بالتوقف عن الكتابة في الموضوع ووقف بث البرامج المرئية والمسموعة التي تتناول هذا الموضوع – من وجهة نظره - لحين انتهاء اللجنة الوزارية من التحقيقات التي تجريها حاليا، وإعلان نتائجها، وأن يكون التعامل مع أي جديد بتقديمه للجهات القضائية أو لجنة التحقيق أو النشر من خلال المجلس الأعلى ! وهو مبرر المجلس لاصدار هذا القرار العجيب بالرغم ان مثل هذه القرارات من مهام ودور النائب العام وهي مسألة بديهية يعلمها طالب اولى اعلام وحقوق ! الامر الذي جعل هناك تداخلا بين سلطات المجلس الاعلي للاعلام وسلطات النائب العام المعروفة. فهل فعل هذا مكرم من تلقاء نفسه ام دفع الي ذلك دفعا بسبب خطورة القضية التي يتم التحقيق فيها واتساع دائرة الفساد فيها , حيث اعتبر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن مستشفى 57357 تمثل إنجازًا مهمًا في مصر ولكن الحكومة ممثلة في الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي امرت بتشكيل لجنة قضائية موسعة لفحص أعمال مستشفى 57357 لسرطان الأطفال وأوجه الانتقادات المختلفة المتعلقة بإدارتها يرأسها قاضٍ جليل وتضم ممثلين عن الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية وأساتذة متخصصين في أورام الأطفال وعدد من الشخصيات الموثوق فيها!.أعتقد ان القرار الذي اتخذه مكرم غير دستوري او قانوني وايضا لا يقع ضمن صلاحيات ومسئوليات المجلس المحددة وإنما هي مسئولية النائب العام ومن ثم لا يحق للمجلس فرض حظر على مناقشة أي موضوع، طالما لم يخالف المواد الدستورية أو قانون التنظيم المؤسسي! وربما كانت هذه الممارسات غير مفهومة تضر بحرية الرأي والتعبير وتسلب من الجمهور حقه في المعلومات والحقائق وفي ان يطلع علي المعلومات والتعرف على قضية تقع في نطاق اهتمامه ويري اعلاناتها كل ثانية تقريبا علي شاشة الفضائيات ، بل وتفقد الصحافة دورها في العمل على كشف الوقائع المثيرة للجدل فيما يتعلق بالفساد المؤسسي وهو ما يضرب حرية التعبير والصحافة في مقتل والغريبة انها جاءت من المجلس الاعلي للاعلام ومن مكرم الذي دافع مرارا وتكرارا عن حرية الصحفيين ومحاربته قانون حبس الصحفيين وتقييد حرية الصحفيين في ايام الرئيس الاسبق مبارك، هذا بالاضافة الي ان سلطة حظر النشر سلطة منوطة بالجهة القضائية فقط، وهي سلطة تقديرية تمنح للقاضي أو النائب العام في القضايا التي يخشى عند تناولها على حقوق أطراف القضية أو على قدرة رجال التحقيق والقضاء في الوصول إلى الحقيقة!وأعتقد انه اذا استجابت الصحف لقرارا مكرم الغريب هذا فسوف يصبح عرفا بعد ذلك وأي قضية لا تعجب الاستاذ مكرم واعضاء المجلس الموقر للاعلام يقومون باصدار فرمان بوقف النشر فورا ! فمن المتعارف عليه انه لا توجد حتي الان أي جهة اعلامية لديها صلاحية حظر النشر !الأمر الآخر ان قرار وزارة التضامن قرار روتيني لا يعني أن وزارة التضامن عندما تطلب ان تراجع ملفا معينا ان يمنع النشر فيها وانما من حق الناس ان تعرف وتتابع وتناقش في اموال قاموا بالتبرع بها لاعمال الخير ويعلمون مصيرها طالما ان هذا لا يهدد الاستقرار او السلام الاجتماعي !  وحتى تطمئن القلوب وتظهر الحقائق فيما يتعلق بمسألة التبرعات ونعلم الي اين تذهب هذه الاموال مثلما لم يعرف احد حقيقة الـ60 مليون جنيه التي اكد الشيخ محمد حسان انه جمعها تحت يافطة "لا للمعونة الامريكية " اثناء ثورة 25 يناير ولا احد يعرف مصير هذه الاموال واموال اخري اعلن عنها أبو اسحاق الحويني واخري اعلن عنها الفنان محمد صبحي في مشروع لا للعشوائيات وجمع 110 ملايين جنيه وغيرهم من المبادرات التي تم الاعلان عنها في الفضائيات والناس تتقدم وتتبرع في البنوك ومن حقها تتابع مصير اموالها التي قدمتها لفعل الخير او من المفترض انها كذلك وليس لشيء اخر !كنت أتمنى ان يتروي قليلا الاستاذ مكرم ومجلسه الاعلي الموقر قبل اتخاذ مثل هذه القرارات العنترية التي تنقص من رصيده المهني المديد الذي قارب علي الثمانين في بلاط صاحبة الجلالة ومن مجلسه المعين من الدولة قبل ان يتحول الى مجلس لصالح جهات بعينها لها مصالح شخصية وليس لصالح الشعب !.

مشاركة :