يشير بحث جديد إلى أن الأسبرين يحدّ من خطر سرطان الأمعاء. وتحدد الدراسة الأخيرة التي تناولت هذه العلاقة الخطوط العريضة لكيفية إنجاز هذا المسكن الشائع الاستعمال مهمة مماثلة. الأسبرين مسكن ألم قليل الكلفة، وآمن نسبياً، ولا يتطلب وصفة طبية يؤخذ غالباً لمعالجة الآلام والأوجاع. علاوة على ذلك، يُستخدم الأسبرين، الذي يُعرف أيضاً بحمض الأسيتيل ساليسيليك، في الوقاية من حالات أكثر خطورة أيضاً، مثل السكتة الدماغية والجلطات الدموية، في حالة مَن يُعتبرون أكثر عرضة لمخاطر مماثلة. على مر السنين، تراكمت الأدلة التي تُظهر أن الأسبرين قد يسهم في الوقاية من سرطان الأمعاء (القولون والمستقيم). على سبيل المثال، استخلصت متابعة دامت 20 سنة لخمس تجارب سريرية عشوائية نُشرت في عام 2010 أن الأسبرين اليومي، عندما يؤخذ على مدى سنوات عدة، «يحدّ من احتمال الإصابة بسرطان القولون والمستقيم والموت جرائه على الأمد الطويل». على نحو مماثل، برهنت دراسة عام 2010 ركّزت على تناول الأسبرين على الأمد القصير «التأثير الواقي من سرطان القولون والمستقيم المرتبط بالجرعة الدنيا من الأسبرين بعد استعمالها خمس سنوات فقط بين الناس عموماً». رغم تنامي الأدلة، ما زال العلماء يجهلون الطريقة المحددة التي يحمي بها الأسبرين من بعض أنواع السرطان. ولكن في تقرير أخير نُشر في مجلة «أبحاث الأحماض النووية»، حاول باحثون اكتشاف هذه الطريقة. فركزوا على بنية في الخلية تُدعى النوية. النوية والأسبرين تُعتبر النوية أكبر بنية في نواة الخلية. تشمل وظائفها الرئيسة إنتاج الريبوزومات المسؤولة عن تصنيع البروتين في الخلية. عندما تنشط النوية، تحفّز نمو الورم. ويعود ذلك على الأرجح إلى أن الخلايا، عندما تنقسم وتنتشر، تُرغَم على توليد كمية أكبر من الريبوزومات بغية مجاراة الحاجة المتزايدة إلى بروتين. لذلك تُضطر النوية إلى زيادة سرعتها. في الواقع، تنفق الخلايا السرطانية أكبر جزء من طاقتها على إنتاج ريبوزومات جديدة. نتيجة لذلك، تُعتبر النوية هدفاً محتملاً في أبحاث السرطان. ومن اللافت أن باحثين آخرين أشاروا إلى أن خلل النوية يؤدي دوراً في مرضَي ألزهايمر وباركنسون. أخذ العلماء في الدراسة الجديدة في مقرهم في مركز أبحاث السرطان في جامعة إدنبرة في المملكة المتحدة أنسجة أورام من مرضى يعانون سرطان القولون والمستقيم وتفحصوا تأثيرات الأسبرين في هذه الخلايا في المختبر. اكتشفوا أن الأسبرين يحدّ نشاط عامل نسخ يُدعى TIF-IA. ومن دون الأخير، لا يمكن إنتاج الريبوزومات في النوية، ما يعوق بالتالي قدرة الخلية على إنتاج البروتين. تذكر الدكتورة ليسلي ستارك، باحثة شاركت في وضع تقرير الدراسة: «تثير هذه الاكتشافات اهتمامنا بما أنها تشير إلى الآلية التي يعمل من خلالها الأسبرين للوقاية من أمراض عدة». ثمة مرضى يعانون سرطان الأمعاء ولكن لا يتجاوبون مع علاج الأسبرين. إلا أن فهم سبب فاعليته يساعد الباحثين في تحديد مَن قد يجنون الفوائد منه. في المقابل، لا يُنصح عموماً بتناول الأسبرين على الأمد الطويل لأنه يزيد احتمال التعرض لنزف داخلي. لذلك يساعد فهم الآليات العلماء في تصميم أدوية سرطان أخرى تؤثر في النوية أو TIF-IA من دون زيادة خطر التعرض لنزف.
مشاركة :