قررت إثيوبيا وإريتريا إعادة فتح السفارات والحدود بينهما بعد عقود من حرب باردة بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي، وذلك خلال زيارة تاريخية لرئيس الحكومة الاثيوبي آبي أحمد إلى أسمرة حيث خصه الرئيس الإريتري أسياس أفورقي باستقبال حافل. وجاء الاعلان ليتوج أسابيع من تغيرات غير مسبوقة باشرها رئيس الوزراء الإثيوبي وأفضت إلى زيارته للعاصمة الإريترية ولقائه رئيس البلاد. وخلال مأدبة عشاء أقامها الرئيس الإريتري على شرفه بعد محادثات جرت خلال النهار، قال رئيس وزراء إثيوبيا “اتفقنا على أن تبدأ خطوط الطيران بالعمل، وفتح المرافئ، والسماح بالدخول والخروج بين البلدين واعادة فتح السفارات”. وتابع رئيس الوزراء الإثيوبي “سنهدم الجدار وسنبني بالمحبة جسرا بين البلدين”. ومن شأن هذا التقارب وضع حد لنزاع اضر بالبلدين الجارين على مدى سنوات. والعلاقات بين اثيوبيا واريتريا مقطوعة منذ ان خاض البلدان نزاعا حدوديا استمر من 1998 حتى 2000 وأسفر عن سقوط نحو 80 ألف قتيل. وفي مشهد لم يكن من الممكن تخيله قبل أسابيع فقط، نزل آبي من طائرة تابعة للخطوط الإثيوبية في مطار أسمرة، ليحيي أسياس ويحتضنه قبل أن يسيرا معا على السجاد الأحمر. وتجمعت حشود في أسمرة حاملة إعلام البلدين على طول الطريق التي سلكها موكب الزعيمين. فرصة رائعة ومع إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي بدا أن الاجتماع حقق هدفه باغتنام “فرصة رائعة للمضي قدما بلا تردد نحو السلام لمصلحة شعبينا”، على حد تعبير رئيس أركان الجيش الاثيوبي عبر تويتر. بدوره قال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية ميليس اليم لوكالة فرانس برس قبل الاعلان إن “الزيارة جزء من مساع لتطبيع العلاقات مع اريتريا”. ولاحقا نشر وزير الاعلام الاريتري يماني جبرمسكل صورة للزعيمين خلال المحادثات، معلنا أن اللقاء “سيمهد لتغيرات سريعة وايجابية على قاعدة احترام السيادة وسلامة الأراضي”. ومن شأن عودة العلاقات الدبلوماسية والتجارية بعد سنوات من الانفصال ان تفيد البلدين ومنطقة القرن الأفريقي الفقيرة والتي تشهد نزاعات. وفي 1993 أعلنت اريتريا، التي كانت منفذ اثيوبيا على البحر بمرفأيها عصب ومصوع، استقلالها بعدما طردت القوات الإثيوبية من اراضيها في 1991 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود. ومذاك اصبحت اثيوبيا البالغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة بلدا من دون منفذ بحري، ما دفعها الى اعتماد جيبوتي منفذا بحريا لصادراتها. وسيسمح فتح مرافئ اريتريا امام اثيوبيا بوفر اقتصادي للبلدين، كما سيشكل تحديا للهيمنة المتزايدة لجيبوتي التي استفادت من استيراد وتصدير البضائع من والى اثيوبيا. كذلك فإن فتح الحدود سيسمح بالتقاء الشعبين المترابطين تاريخيا وعرقيا ولغويا. ويأتي لقاء الزعيمين إثر إعلان ابيي أن اثيوبيا ستنسحب من بلدة بادمي وغيرها من المناطق الحدودية الخلافية، تنفيذا لقرار اصدرته العام 2002 لجنة تدعمها الامم المتحدة حول ترسيم الحدود بين البلدين. وكان رفض إثيوبيا تنفيذ القرار أدى إلى حرب باردة استمرت سنوات بين البلدين الجارين. وتولى آبي منصبه في نيسان/أبريل الفائت بعد سنوات من الاضطرابات المناهضة للحكومة، وسرعان ما أعلن تغييرات غير مسبوقة شملت تحرير بعض نواحي الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة والافراج عن معارضين مسجونين. لكن أكبر تحول في سياسته حتى الآن هو توجهه نحو إريتريا، إذ وعد ابيي بالتنازل عن الأراضي التي احتلتها بلاده. من جانبها، ردت اريتريا بإرسال اثنين من كبار المسؤولين إلى إثيوبيا في 26 حزيران/يونيو، وبعد ذلك تم إعلان اللقاء بين زعيمي البلدين.
مشاركة :