ستعقد الدورة الـ 8 للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني - العربي في بكين غداً، حيث سيحضر الرئيس شي جين بينغ الجلسة الافتتاحية ويلقي خطاباً مهماً، وسيحضرها أيضاً الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وممثلو 21 دولة عربية والأمين العام لجامعة الدول العربية. يعد هذا الاجتماع حدثاً مهماً آخر في مسيرة العلاقات الصينية - العربية بعد حضور الرئيس شي جين بينغ الاجتماع الوزاري السادس للمنتدى عام 2014، وزيارته السعودية ومصر ومقر جامعة الدول العربية عام 2016. وسيقوم الجانبان بالبحث المعمق حول سبل بناء «الحزام والطريق» وتعزيز التعاون الجماعي، بما يرسم معاً الخطة العريضة للعلاقات الصينية العربية في العصر الجديد. تواصل يرجع التواصل بين الصين والدول العربية إلى زمن بعيد، ويعد نموذجاً يحتذى به على مدى 2000 سنة، فقد تواصلت الأمتان الصينية والعربية بشكل مستمر براً وبحراً، واستفادت الحضارتان الصينية والعربية من بعضهما بعضاً، حتى أصبحتا نموذجين مشرقين. منذ منتصف القرن الماضي، تضامن الجانبان الصيني والعربي بإخلاص في نضالهما من أجل التحرر الوطني، وتبادلا الدعم في مسيرتهما لبناء الوطن، مما فتح آفاقاً جديدة للصداقة والتعاون. وفي عام 2004، تأسس منتدى التعاون الصيني العربي، الذي جعل العلاقات الصينية العربية تتقدم بـ«المحركين» الثنائي والجماعي، ودفع التطور المتسارع للتعاون بين الجانبين في كافة المجالات. أشار الرئيس شي جين بينغ بنظرة شاملة إلى أن الصين والدول العربية شريكا التعاون الطبيعيان في بناء «الحزام والطريق»، ويجب على الجانبين تكريس روح طريق الحرير المتمثلة في السلام والتعاون والانفتاح والشمول والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك، بما يزيد القواسم المشتركة للأمتين في طريقهما إلى النهضة. بفضل التوجيه والإرشاد والدعم من قادة الجانبين، صار للعلاقات الصينية العربية مشهد جديد. نتائج مثمرة خلال السنوات الـ 4 الماضية، حقق الجانبان الصيني والعربي نتائج مثمرة في التواصل والتعاون المتمحورين حول «الحزام والطريق»، وسجّلا نقاطاً ساطعة كثيرة. ففي السنوات الـ 4 الماضية، تكثف التواصل رفيع المستوى بين الجانبين، وفي مقدمته الزيارة الناجحة للرئيس شي جين بينغ إلى الشرق الأوسط، وزيارات قادة مصر والسعودية والمغرب وفلسطين للصين، الأمر الذي عزّز الثقة السياسية المتبادلة وأبقى العلاقات بين الجانبين في المستوى العالي. وأقامت الصين أرفع العلاقات الاستراتيجية مع 11 دولة عربية. ودعمت الصين جهود الدول العربية في استكشاف الطرق التنموية بإرادتها المستقلة، وجهود فلسطين لاستعادة حقوقها الوطنية المشروعة. وفي المقابل، قدمت الدول العربية دعماً ثميناً للصين في القضايا المتعلقة بمصالحها الحيوية والمهمة. كما توسعت دائرة التعاون العملي الصيني العربي في المجالات الاقتصادية والتجارية والشعبية، حتى غطت مجالات واسعة، من إطلاق أقمار صناعية إلى الفضاء إلى زراعة القطن في الأرض. كما ازدادت آليات التعاون تنوعاً، إذ تسيّر أكثر من 10 آليات بشكل فعال، بما فيها الاجتماع الوزاري واجتماع كبار المسؤولين ومؤتمر رجال الأعمال ومؤتمر التعاون في مجال الطاقة، الأمر الذي ساهم في تعزيز التشارك الصيني العربي في بناء «الحزام والطريق» من أبعاد وزوايا مختلفة. خلال السنوات الـ 4 الماضية، وبفضل الجهود المتضافرة والخطوات الرائدة والحثيثة من الجانبين، ترسّخت معادلة التعاون «1+2+3» المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة محوراً رئيسياً، والبنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين، و3 مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة وحديثة، كما تقدمت على نحو شامل خطط العمل الـ 4 القائمة على تعزيز الاستقرار والإبداع في التعاون والمواءمة في مجال الطاقة الإنتاجية وتوثيق عرى الصداقة. مواءمة بذل الجانبان الصيني والعربي جهوداً متواصلة لتعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، مما دفع التعاون في كافة المجالات لتحقيق تقدم جديد. ووقعت الصين مذكرة تفاهم بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق» مع 9 دول عربية ووثيقة تعاون بشأن الطاقة الإنتاجية مع 5 دول عربية. كما استثمر صندوق طريق الحرير والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في الدول العربية. ففي عام 2017، بلغ حجم التبادل التجاري الصيني العربي ما يقارب 200 مليار دولار، بزيادة 11.9% على أساس سنوي، وبلغ حجم الاستثمار الصيني المباشر في الدول العربية 1.26 مليار دولار أميركي، بزيادة 9.3% على أساس سنوي. وخلال السنوات الـ 4 الماضية، طور الجانبان الصيني والعربي التعاون في المجالات التقليدية مثل الطاقة والبنية التحتية والتجارة، وتم الارتقاء بها إلى مستويات جديد. فعلى سبيل المثال، استخدمت محطة حصيان لتوليد الكهرباء بالفحم النظيف في دبي تقنية الحرق الفائقة فوق الحرجة، باعتبارها تقنية متقدمة عالمياً، وساعدت محطة العطارات في تحقيق حلم الأردن بتوليد الكهرباء بالصخر الزيتي، ودشن هذان المشروعان الكبيران فصلاً جديداً من التعاون الصيني - العربي في مجال الكهرباء. إضافة إلى ذلك، تتقدم المشاريع الكبرى للبنية التحتية بخطوات حثيثة، مثل المرحلة الثانية لميناء خليفة بدولة الإمارات العربية المتحدة والسكك الحديدية بمدينة الـ 10 من رمضان في مصر، الأمر الذي ساعد الدول العربية في تحقيق خططها الجديدة للترابط والتنمية. كما تطورت منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بمصر حتى أصبحت تجمعاً صناعياً متكاملاً. ويتطور ويتعمق التعاون بين الجانبين عن طريق الابتكار، وفي هذا السياق، تم افتتاح المركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا وتم بنجاح إقامة المنتدى الصيني العربي لنظام «بيدو» للملاحة بالأقمار الصناعية. ونجحت الصين في إطلاق أول قمر صناعي جزائري للاتصالات، الأمر الذي يعتبر نموذجاً ناجحاً للتعاون الصيني العربي في مجال الأقمار الصناعية للاتصالات. كما لاقى مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية والمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية، باعتبارهما منبرين لتبادل الخبرات حول الحكم والإدارة والإصلاح والتنمية، ترحيباً من شخصيات الجانب العربي. خلال السنوات الـ 4 الماضية، أصبح التعاون متبادل المنفعة بين الجانبين الصيني والعربي أكثر عملية في مجالات التنمية الذاتية والتنمية الاجتماعية ومعيشة الشعب وتبادل الأفراد، مما عاد بالفوائد الملموسة والرفاهية على شعوب الجانبين. وفي هذا السياق، تم تنفيذ جميع ما أعلن عنه الرئيس شي جين بينغ من المساعدات لفلسطين والمساعدات الإنسانية لسورية ولبنان والأردن وليبيا واليمن. وقامت الصين بتدريب أكثر من 6000 كفاءة عربية في تخصصات مختلفة. وتزامناً مع جهد الصين لنقل الطاقة الإنتاجية المتميزة إلى الخارج والذي لبى احتياجات الشرق الأوسط إلى تنويع الاقتصاد، وساعد الدول العربية على تعزيز قدرتها على تحقيق التنمية الذاتية، لم تتجاهل الصين مسألة معيشة الشعب وفي هذا السياق، أسست شركة صينية أول قاعدة لإنتاج الألياف الزجاجية خارج البلاد في منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري، والتي خلقت أكثر من 2000 فرصة عمل لأهالي المنطقة، وجعلت مصر أكبر منتج للألياف الزجاجية في إفريقيا وثالث أكبر منتج لها في العالم. وفي المقابل، قدمت الدول العربية التسهيلات لزيارة المواطنين الصينيين لها. ولغاية اليوم، اتخذت 9 دول عربية سياسة الإعفاء من التأشيرة، أو الحصول على التأشيرة عند المطار للمواطنين الصينيين، وهناك 150 رحلة جوية للركاب و45 رحلة جوية للبضائع تتنقل بين الصين والدول العربية أسبوعياً. وازداد عدد السياح الصينيين إلى الدول العربية عاماً بعد عام. ودخلت المنتجات المتميزة والجديدة، مثل القطن المصري طويل التيلة وزيت الزيتون التونسي والشوكولاتة اللبنانية والتمر الخليجي، إلى الكثير من المنازل الصينية عبر مواقع التجارة الإلكترونية. تطور يعيش عالم اليوم المرحلة الحاسمة للتطورات والتغيرات والتعديلات الكبيرة. وتسير الصين بخطى واثقة في مسيرتها الجديدة لتحقيق «هدفي مائة السنة»، واتخذ الكثير من الدول العربية إجراءات مهمة لإصلاح ونهضة البلاد نحو مستقبل أفضل. وعليه، أصبح مفهوم التنمية للجانبين الصيني والعربي أكثر تطابقاً، والمزايا التكاملية بينهما أكثر وضوحاً، الأمر الذي أوصل العلاقات الصينية العربية إلى منطلق تاريخي جديد، يستلزم من الجانبين العمل يداً بيد لإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية، وإقامة مجتمع مصير مشترك للبشرية، بما يهيّئ البيئة الخارجية السليمة والنظام الدولي العادل للنهضة الوطنية والقومية لكلا الجانبين. في الدورة الـ 8 المرتقبة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي، سيقوم الجانبان الصيني والعربي، بإرشاد قادة الجانبين، إلى اتخاذ «الحزام والطريق» باعتبارهما الخط الرئيسي والتوجيهي في الخطط والخطوات للتعاون في المستقبل والعمل معاً على إقامة النسخة المطورة للعلاقات الصينية العربية. ستكون الصين والدول العربية شركاء من أجل الحفاظ على السلام وتعزيز الاستقرار. ويجب على الجانبين تعزيز التنسيق، ومواصلة الدعم المتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والهموم الكبرى لكل جانب، والدفاع بحزم عن المصالح المشتركة للدول النامية الفقيرة، والدفع بحل القضايا الساخنة بالطرق السياسية، والالتزام بمفهوم الأمن المشترك والمتكامل والتعاون المستدام، بما يعيد السلم والأمن إلى الشرق الأوسط، ويمكّن الجانبين من المساهمة المطلوبة من أجل الاستقرار والازدهار في العالم. ازدهار ستكون الصين والدول العربية شركاء من أجل الإصلاح والتنمية والازدهار المشترك. ويجب على كلا الجانبين دعم الجانب الآخر لاستكشاف الطرق التنموية التي تتناسب مع الظروف الوطنية، وحسن توظيف ميزة الجانبين المتمثلة في تكامل المزايا وتطابق الاحتياجات، وتسريع المواءمة بين الاستراتيجيات التنموية، وتعزيز تبادل الخبرات حول الحكم والإدارة، وتحقيق التقدم والتنمية المشتركة. ويجب الاهتمام بالشعب باعتباره أولوية، وجعل نتائج التنمية تفيد شعوب الجانبين بشكل أكبر. ستكون الصين والدول العربية شركاء من أجل التعاون العملي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك. ويجب على الجانبين الالتزام بالتشاور والتقاسم والتشارك، وتوسيع التعاون في مجالات البنية التحتية والأقمار الصناعية والفضاء والطاقة وغيرها، وحسن تنفيذ المشاريع الحيوية مثل الموانئ والمناطق الصناعية وغيرها. ونحن نرحب بمزيد من الدول العربية للتشاور مع الصين لتوقيع مذكرات تفاهم بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق»، بما يرفع مستوى التعاون العملي وجودته. ستكون الصين والدول العربية شركاء من أجل التواصل وتبادل المنافع بين الحضارات. وسيعمل الجانبان على توسيع التواصل الشعبي، وتعميق التعاون في مجالات العلوم والتربية والتعليم والثقافة والصحة والإعلام وغيرها، وإنشاء جسور أكثر لتعزيز التعارف والتواصل بين الأمتين العظيمتين، بما يعمق المعرفة المتبادلة وعرى الصداقة بين شعوب الجانبين، ويدفع الحضارة البشرية لتحقيق تقدم أكبر. إن الخطة الجديدة تحمل أملاً جديداً، والمنطلق الجديد يؤدي إلى إنجازات جديدة. نحن على يقين بأن سفينة التعاون والصداقة الصينية العربية سترفع شراعها وتبحر نحو مستقبل أجمل. مستشار الدولة، وزير الخارجية الصينيطباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :