برمجة العقل البشري تنهي مفهوم الذكاء

  • 7/9/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يسعى العلماء إلى الاستعانة أكثر فأكثر بالتكنولوجيا، للقضاء على الفجوة في نسب الذكاء بين البشر، من خلال دمج خلايا الدماغ مع الذكاء الاصطناعي، وبرمجة العقل حتى يكون أسرع من الكمبيوتر وأكثر كفاءة وقدرة منه. “اطلب العلم ولو في الصين” مقولة مأثورة قد تصبح لدى الأجيال القادمة بلا معنى، لأن العلم سيأتي إليهم من دون أن يبارحوا أمكنتهم، وربما لن يتذوقوا متعة الدراسة في المدارس والجامعات يوما في حياتهم، بعد أن يتمكن العلماء من رفع مستوى الذكاء البشري وتطويره بطرق تكنولوجية. في وقتنا الحالي يؤمن الجميع بأن التعليم أساسي لتحسين الذكاء والقدرات المعرفية، وهو كذلك بالفعل، ولهذا فالأسر والحكومات تنفق الملايين على صقل أذهان أجيالها، وتعزيز قدراتهم المعرفية حتى تتمكن من الحصول على مستويات أعلى من الذكاء، ولكن ماذا لو أصبح كل هذا شيئا من الماضي؟ العلماء الحالمون، لا يستبعدون إمكانية برمجة العقل البشري، ليصبح فذا في الذكاء، بحيث لن يكون في حاجة إلى التعليم، الذي يشكل عبئا بالنسبة إلى الكثيرين ومستهلكا للجهد والوقت؛ وفي الوقت نفسه لم يعد قادرا على الارتقاء إلى مستوى واقع بات وشيكا، يتعلق بما يعتبره البعض “العصر الثاني للآلة”، في إشارة إلى ثورة التكنولوجيا الرقمية. وأكثر ما نخشاه أن يظل تفكير الأجيال في بعض المجتمعات العربية عالقا في حقبة ما، بسبب مناهج دراسية صممت لتكسب خريجي الجامعات مهارات عفا عليها الزمن، ولم تعد قادرة على مسايرة النسق السريع في مجال الذكاء الاصطناعي. وإذا تواصل التعليم على شكله الحالي، فلا عجب أن يبحث البعض من العلماء عن طرق لرفع مستوى الذكاء البشري لمساعدة الكثيرين على التغلب على بعض القيود النابعة من محدودية مستوى ذكائهم الموروث والمكتسب. وفقا لأحدث الأبحاث، فإن زرع أجهزة متناهية في الصغر بالمخ، لتكون جزءا من دماغ الإنسان، ستساعده على الاندماج مع البرمجيات وتجعله قادرا على مواكبة جميع التطورات التي يحققها الذكاء الاصطناعي، ويكون في مقدوره أيضا الاتصال لاسلكيا مع العالم بدماغه، أما المسيرون بعقول طبيعية وبعملية تطور بيولوجية بطيئة، فلن يتمكنوا من منافسة هذه التقنية التي ستتفوق عليهم. زرع أجهزة لتكون جزءا من دماغ الإنسان، سيساعده على حل معادلة رياضية بشكل أسرع من الكمبيوتر، وربما سيتسنى له التحدث والكتابة بجميع لغات العالمزرع أجهزة لتكون جزءا من دماغ الإنسان، سيساعده على حل معادلة رياضية بشكل أسرع من الكمبيوتر، وربما سيتسنى له التحدث والكتابة بجميع لغات العالم وبهذا المعدل من الذكاء، سيكون بوسع أي إنسان إجراء عملية حسابية أو حل معادلة رياضية بشكل أسرع من الكمبيوتر، ومقارنة بالكمبيوتر أيضا، سيغدو أسرع في الكتابة، وأفضل في القيادة، وربما سيتسنى له التحدث والكتابة بجميع لغات العالم. في حقبة ما، ابتكر الخبراء اختبارات سيكومترية لقياس مستوى الذكاء لدى البشر المعروفة حاليا بـ“آي.كي” (IQ)، وقضى العالمان الفرنسيان ألفريد بينيه وتيودور سيمون سنوات طويلة لتحديد مجموعة من المعايير تقيس درجة الذكاء لدى البشر، لكن مستقبلا لن يكون مستوى الذكاء ميزة تجعل العباقرة يتميزون عن غيرهم بنبوغهم العلمي، إذ سيكون الجميع متساوين في الذكاء، ولا فرق بين غبي وذكي. وركزت الأبحاث الأخيرة لأبرز رواد الذكاء الاصطناعي في العالم على دراسة الشيفرة العصبية للدماغ وكيفية جعلها قابلة للبرمجة من أجل تعزيز الذكاء البشري، وبذلك سيكون في مقدور أي شخص تحديد مسار تطور عقله بنفسه. قد يبدو الأمر مجرد خيال علمي، لكن العلماء يقولون إن لديهم إمكانيات ومهارات تجعل الإنسان يمتلك قدرات علمية عجيبة بناء على عملية دمج تتم بين البيولوجيا والتكنولوجيا. وقد احتل الاندماج بين البيولوجيا والتكنولوجيا اهتمام وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة عندما كشف الكندي إيلون موسك، الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس اكس، عن أحدث مشروعاته، ويحمل اسم “نيورالينك”، والذي يهدف إلى دمج الدماغ البشري مع الذكاء الاصطناعي من أجل السماح للبشر بالتواصل لاسلكيا مع العالم، وتبادل الأفكار دون الحاجة إلى استخدام اللغة المنطوقة أو المكتوبة، كما يمكن للدماغ من خلال هذا المشروع التعلم بشكل أسرع. ووفقا للتكنولوجيا الجديدة، فإن العقول البشرية ستكون مرتبطة وبشكل مباشر مع أجهزة الكمبيوتر، ودون اتصال مادي، بل عن طريق زرع أقطاب كهربائية صغيرة في الدماغ، يمكن أن تعزز الذاكرة والقوى المعرفية. ويركز جزء كبير من الأبحاث الحالية على تحسين وظيفة الدماغ، وخاصة بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون من إصابات أو أمراض تتعلق بالدماغ. وقد تنبّأ راي كيرزويل الباحث الأميركي بالاندماج بين الآلات والبشر بحلول عام 2029، ليحلق الذكاء الإنساني بعيدا، متوقعا أن يلتقي مجالا الكمبيوتر والأحياء لينتقلا بالذكاء البشري الاصطناعي إلى آفاق جديدة لم يحلم بها الإنسان من قبل. وقال كيرزويل إن هذا المزج المتوقع بين الآلات والبشر من خلال زرع أجهزة في الجسم سيؤدي إلى زيادة مستويات الذكاء ودعم الصحة. بطبيعة الحال، لم يصل العلماء بعدُ إلى مرحلة من الدمج الكاملة بين الآلات والعقل البشري، إلا أنهم تمكنوا من قطع الخطوات الأولى في هذا المضمار، لكن طموحات العلماء فجرت سؤالا شديد البساطة: ما الأشياء التي سيختص بها البشر من دون الآلات ومن دون غيرهم من أبناء جنسهم؟ وما هي القيمة التي ستبقى مرتبطة بالإنسانية على الدوام؟ قد يبدو السؤال هامشيا ولن يعيره الكثيرون اهتماما، لكن التداعيات في هذا الشأن ستمسّ الإنسانية جمعاء.

مشاركة :