توصّل رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار في ختام مباحثات في أوغندا أمس (السبت)، إلى اتفاق على تقاسم السلطة ينص على عودة مشار لتولي منصب نائب رئيس هذه الدولة الفتيّة الغارقة في حرب أهلية منذ 2013. وقال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد اثر المباحثات التي عقدت في كمبالا بهدف إنهاء أكثر من أربع سنوات من الحرب الأهلية: «تم الاتفاق على أن يكون هناك أربعة نواب للرئيس: نائبا الرئيس الحاليان إلى جانب رياك مشار الذي سيتولى منصب النائب الأول للرئيس ومن ثم المنصب الرابع الذي سيمنح لامرأة من المعارضة». وأضاف أن هذا الطرح «وافقت عليه حكومة» جنوب السودان، في حين أن حركة التمرد التي يقودها مشار أعطت موافقة «مبدئية» على الاتفاق ووعدت بـ«درسه وإعطاء موقفها النهائي» بعد جلسة مفاوضات جديدة يفترض أن تنطلق الأحد في الخرطوم. ويأتي الإعلان عن هذا الاتفاق بعدما أمهلت الامم المتحدة كير ومشار حتى نهاية حزيران (يونيو) للتوصل إلى «اتفاق سياسي قابل للحياة» تحت طائلة فرض عقوبات عليهما. ومحادثات السبت الطويلة استضافها الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني وحضرها الرئيس السوداني عمر البشير إضافة إلى ممثلين عن المعارضة. واندلعت الحرب الأهلية في جنوب السودان حين اتهم كير نائبه السابق مشار بالتخطيط لانقلاب ضده. وأوقعت الحرب عشرات الآلاف القتلى وارغمت الملايين على النزوح من منازلهم منذ كانون الأول (ديسمبر) 2013. وكان طرفا النزاع في جنوب السودان وافقا الجمعة على سحب قواتهما من «المناطق الحضرية» في إطار اتفاق أمني تم توقيعه في الخرطوم. وأتى الاتفاق الأمني الذي أطلق عليه «إعلان الخرطوم»، بعدما وافق كير ومشار في 27 حزيران (يونيو) على «وقف دائم لإطلاق النار». وأحيت هذه الاتفاقات الآمال بقرب حلول السلام في الدولة الفتية التي غرقت في حرب أهلية بعد عامين فقط من استقلالها عن الخرطوم. ولكن اتفاقات عدة مماثلة لوقف النار بين الطرفين لم تصمد، كما حدث في 2016 حين فر مشار من بلده إلى جنوب أفريقيا حيث يعيش مذاك في المنفى. غير أن ابتعاد مشار عن بلاده لم يقلل من النفوذ الواسع الذي يتمتع به في صفوف «الحركة الشعبية لتحرير السودان-المعارضة» التي يتزعمها. وبينما اندلعت الحرب في البداية بين أكبر مجموعتين عرقيتين في جنوب السودان - الدينكا التي ينتمي إليها كير والنوير التي ينتمي إليها مشار - ظهرت منذ ذلك الحين ميليشيات أصغر تتقاتل في ما بينها ما يثير الشكوك حيال قدرة الزعيمين على وقف الحرب. وشهدت الحرب الأهلية مذابح اتنية وفظائع بحق المدنيين وعمليات اغتصاب واسعة النطاق وتجنيد أطفال وعدداً آخر من انتهاكات حقوق الانسان. وبعد حرب طويلة ودموية بين المتمردين الجنوبيين وقوات الحكومة السودانية نال جنوب السودان استقلاله عن الخرطوم بدعم من دول عدة في مقدمها الولايات المتحدة التي ما زالت بالنسبة إليه المانح الأساسي على رغم عدم رضاها على الطريقة التي تدير فيها حكومة كير شؤون البلاد. ويعاني جنوب السودان من تراجع عائداته النفطية، وقد نص «اعلان الخرطوم» على أن يتعاون جنوب السودان مع السودان على إعادة تأهيل حقول نفطية في ولاية الوحدة بهدف إعادة مستوى الانتاج إلى سابق عهده. وخلال الحرب، انخفض إنتاج جنوب السودان من النفط إلى 120 ألف برميل يومياً من 350 ألف برميل، وفق البنك الدولي، علما أن البلاد كانت تجني منه 98 في المئة من عائداتها اثر استقلالها.
مشاركة :