تتعدد الطرائق التي تسمح بتطبيق مقاربة الصوم المتقطع، فتختلف الأساليب المحتملة في عدد أيام الصوم والسعرات الحرارية المسموح بها. يتطلب الأمر الامتناع عن الأكل كلياً أو جزئياً خلال فترة محددة من الوقت قبل استئناف نمط الأكل الاعتيادي. يعتبر بعض الدراسات أن هذا النمط من الأكل يعطي منافع بارزة مثل فقدان الدهون وتحسين الصحة وإطالة الحياة. ويزعم مؤيّدو هذه المقاربة أن الالتزام ببرنامج الصوم المتقطع أسهل من تبنّي حميات تقليدية وقليلة السعرات. تبقى تجربة كل شخص مع الصوم المتقطع فردية وتتنوّع الأساليب التي تناسب مختلف فئات الناس. نناقش فيما يلي الأبحاث التي تقف وراء أشهر أنواع الصوم المتقطع ونقدّم نصائح حول كيفية الالتزام بهذا النوع من الحميات. 1- صوم 12 ساعة يومياً قواعد هذه الحمية بسيطة. يجب أن تقرر الامتناع عن الأكل طوال 12 ساعة يومياً وتلتزم بقرارك. وفق بعض الباحثين، يسمح الامتناع عن الأكل بين 10 و16 ساعة للجسم بتحويل مخزون الدهون إلى مصدر للطاقة، ما يؤدي إلى إطلاق الكيتونات في مجرى الدم. يُفترض أن تُشجع هذه العملية على فقدان الوزن. قد يكون هذا النوع من خطط الصوم المتقطّع خياراً مفيداً للمبتدئين لأن مدة الصوم تبقى قصيرة نسبياً ويقع معظمها خلال النوم، من ثم يمكن أن يستهلك الشخص العدد نفسه من السعرات كل يوم. للامتناع عن الأكل طوال 12 ساعة، تقضي أسهل طريقة بإدراج مدة النوم ضمن فترة الصوم. يمكن أن تختار مثلاً الامتناع عن الأكل بين السابعة مساءً والسابعة صباحاً. في هذه الحالة، يجب أن تنهي وجبة العشاء قبل السابعة مساءً وتنتظر حتى السابعة صباحاً كي تتناول فطورك، لكنك ستنام خلال معظم الفترة الفاصلة بين الموعدَين. 2- صوم 16 ساعة تُسمّى مقاربة الصوم طوال 16 ساعة في اليوم مقابل الاكتفاء بالأكل طوال 8 ساعات «طريقة 16:8» أو حمية «لينغاين». عند تطبيقها، يجب أن يصوم الرجال طوال 16 ساعة يومياً بينما تصوم النساء طوال 14 ساعة. قد يكون هذا الشكل من الصوم المتقطّع مفيداً للأشخاص الذين حاولوا سابقاً أن يصوموا طوال 12 ساعة من دون أن يحصدوا منافع. وفق هذه المقاربة، ينهي الناس وجبة العشاء بحلول الساعة الثامنة ثم يفوّتون الفطور في اليوم التالي ولا يأكلون قبل حلول الظهر. كشفت دراسة جرت على الفئران أن حصر مدة الأكل بثماني ساعات سمح بحماية الحيوانات من البدانة والالتهابات والسكري وأمراض الكبد، حتى لو استهلكت مجموع السعرات الحرارية التي استهلكتها الفئران عشوائياً بحسب رغبتها. 3- صوم يومين أسبوعياً يأكل الأشخاص الذين يلتزمون بحمية 5:2 كميات نموذجية من المأكولات الصحية طوال 5 أيام ويخففون نسبة السعرات المستهلكة في اليومين المتبقيَين. خلال يومَي الصوم، يستهلك الرجال عموماً 600 سعرة والنساء 500 سعرة. في معظم الأوقات، يفصل الناس أيام صومهم على مر الأسبوع. يمكن أن يمتنعوا عن الأكل مثلاً في يومَي الاثنين والخميس ويأكلوا بشكل طبيعي في الأيام الأخرى. لا تزال الأبحاث المرتبطة بحمية 5:2 أو «الحمية السريعة» محدودة. شملت إحدى الدراسات 107 نساء بدينات واكتشفت أن الحد من السعرات المستهلكة مرتين أسبوعياً وحصر السعرات بوتيرة دائمة يؤديان إلى فقدان الوزن بالمستوى نفسه. لاحظت الدراسة أيضاً أن هذه الحمية خفّضت مستويات الأنسولين وحسّنت حساسية الأنسولين لدى المشارِكات. حللت دراسة صغيرة أخرى آثار هذا النمط من الصوم على 23 امرأة من أصحاب الوزن الزائد. خلال دورة شهرية، خسرت النساء 4.8 % من وزنهنّ و8 % من مجموع الدهون. لكن استعادت هذه المعدلات نطاقها الطبيعي لدى معظم النساء بعد 5 أيام على استئناف نمط الأكل العادي. 4- الصوم كل يومين تتعدد خطط الصوم المبنية على الامتناع عن الأكل كل يومين. في بعض الحالات، يعني هذا النمط تجنب المأكولات الصلبة في أيام الصوم بالكامل، لكن يسمح الناس لنفسهم باستهلاك 500 سعرة في حالات أخرى. في أيام الأكل، يفضّل الناس غالباً تناول الكمية التي يريدونها من الطعام. ذكرت إحدى الدراسات أن مقاربة الصوم كل يومين تسهم في فقدان الوزن وحماية صحة القلب لدى الراشدين الأصحاء وأصحاب الوزن الزائد. لاحظ الباحثون أن 32 شخصاً من المشاركين في الدراسة خسروا ما معدله 5.2 كيلوغرامات خلال 12 أسبوعاً. يُعتبر الصوم كل يومين شكلاً متطرفاً من الصوم المتقطع وقد لا يناسب المبتدئين أو المصابين بمشاكل صحية معيّنة. كذلك، يصعب على الناس أن يلتزموا به فترة طويلة. 5- صوم 24 ساعة أسبوعياً يتطلب الصوم خلال يوم واحد أو يومين في الأسبوع الامتناع عن الأكل على مر 24 ساعة متواصلة. يمتنع كثيرون عن تناول الطعام بين وجبتَي فطور أو بين وجبتَي غداء. الأشخاص الذين يختارون هذه الخطة الغذائية بإمكانهم أن يستهلكوا الماء والشاي ومشروبات أخرى تخلو من السعرات الحرارية خلال فترة الصوم. ويجب أن يستأنفوا أنماط أكلهم الطبيعية في الأيام التي لا يصومون فيها. يسمح الأكل بهذه الطريقة بتقليص مجموع السعرات المستهلكة لكنه لا يحدّ من أنواع المأكولات التي يتناولها الفرد. قد يكون الصوم طوال 24 ساعة صعباً ويؤدي إلى الإرهاق والصداع أو تعكر المزاج. لكن يلاحظ كثيرون أن هذه الآثار تخفّ مع مرور الوقت لأن الجسم يتكيف مع هذا النمط الغذائي الجديد. يستفيد الناس من محاولة الصوم طوال 12 أو 16 ساعة قبل أن ينتقلوا إلى الصوم على مدار 24 ساعة. 6- تفويت وجبات الطعام قد تكون هذه المقاربة المرنة من الصوم المتقطّع مناسبة للمبتدئين وتتطلب أحياناً تفويت بعض وجبات الطعام. يحدد الناس الوجبات التي يريدون تفويتها بحسب درجة جوعهم أو ضيق وقتهم. لكن يجب أن يتناولوا أغذية صحية في كل وجبة. يزيد احتمال نجاح خطة تفويت الوجبات حين يراقب الأفراد إشارات الجوع في أجسامهم ويتجاوبون معها. يجب أن يأكل الناس الذين يطبقون هذا النمط من الصوم المتقطع حين يشعرون بالجوع ويفوّتوا الوجبات حين يشعرون بالشبع. قد تبدو هذه الطريقة طبيعية أكثر من أنماط الصوم الأخرى بالنسبة إلى بعض الناس. 7- حمية المحاربين إنه شكل متطرّف نسبياً من الصوم المتقطع ويرتكز على تناول كميات قليلة جداً من الطعام والاكتفاء ببعض حصص الفاكهة والخضراوات النيئة طوال 20 ساعة ثم تناول وجبة كبيرة ليلاً. تقتصر مدة الأكل عموماً على 4 ساعات تقريباً. قد يكون هذا النوع من الصوم أفضل خيار للأشخاص الذين جرّبوا أشكالاً أخرى من الصوم المتقطع سابقاً. يزعم مؤيّدو حمية المحاربين أن البشر مصمّمون بطبيعتهم للأكل ليلاً وأن الأكل الليلي يسمح للجسم بالحفاظ على المغذيات بما يتماشى مع إيقاع ساعته البيولوجية. خلال فترة الأكل التي تمتد على أربع ساعات، يجب أن يحرص الناس على استهلاك كميات كبيرة من الخضراوات والبروتينات والدهون الصحية، ويجب أن يضيفوا بعض الكربوهيدرات إلى حميتهم أيضاً. يمكن تناول بعض الأغذية خلال فترة الصوم، لكن سيصعب على الناس أن يلتزموا بالتوجيهات الصارمة بشأن توقيت الأكل ونوعية الطعام على المدى الطويل. كذلك، يجد البعض صعوبة في أكل وجبة كبيرة لهذه الدرجة قبل موعد النوم. على صعيد آخر، قد لا يأكل الأشخاص الذين يختارون هذه الحمية مغذيات كافية مثل الألياف، ما قد يزيد خطر إصابتهم بالسرطان ومواجهة آثار صحية معاكسة على مستوى الجهاز الهضمي والمناعة. نصائح للالتزام بالصوم الالتزام ببرنامج الصوم المتقطع صعب، لذا يمكن الاستفادة من النصائح التالية للتمسك بهذه المقاربة وزيادة منافعها: • حافظ على ترطيب جسمك: اشرب كمية كبيرة من الماء والمشروبات الخالية من السعرات الحرارية، مثل شاي الأعشاب، على مر اليوم. • لا تصبح مهووساً بالطعام: خطّط لنشاطات كثيرة في أيام الصوم كي لا تفكر بالطعام. يمكنك أن تنشغل مثلاً بإنهاء معاملاتك أو اذهب لمشاهدة فيلم. • استرِحْ واسترْخِ: تجنب النشاطات الشاقة في أيام الصوم، مع أن بعض التمارين الخفيفة مثل اليوغا قد يكون مفيداً. • استهلك سعرات مفيدة: إذا كانت الخطة التي اخترتها تسمح لك باستهلاك بعض السعرات خلال فترات الصوم، اختر مأكولات غنية بمغذيات مثل البروتينات والألياف والدهون الصحية. يمكنك أن تأكل مثلاً الفاصوليا والعدس والبيض والسمك والمكسرات والأفوكادو. • تناول أغذية مُشبِعة: اختر مأكولات مشبِعة لكن قليلة السعرات مثل الفشار والخضراوات النيئة، أو فاكهة غنية بالماء مثل العنب والبطيخ. • حسّن نكهة الطعام من دون استهلاك سعرات إضافية: احرص على تتبيل الوجبات بكميات كبيرة من الثوم أو الأعشاب أو التوابل أو الخل. تحتوي هذه الأغذية على كمية قليلة من السعرات لكنها غنية بالنكهات اللذيذة وقد تسهم في تخفيف شعور الجوع. • اختر مأكولات غنية بالمغذيات بعد فترة الصوم: من خلال تناول أغذية غنية بالألياف والفيتامينات والمعادن ومغذيات أخرى، يمكن الحفاظ على مستويات ثابتة من سكر الدم وتجنب أي نقص غذائي. تسهم الحمية المتوازنة أيضاً في تسهيل فقدان الوزن وتحسين الوضع الصحي العام.
مشاركة :