اهتزت حكومة المحافظين في بريطانيا بقوة، تحت وطأة خطة رئيسة الوزراء تيريزا ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، التي تثير انقساماً بين أنصار الإبقاء على علاقات تجارية وثيقة مع أوروبا ودعاة القطيعة الواضحة. وبعد ساعات من استقالة وزير بريكست ديفيد ديفيس، احتجاجاً على الخطة «المتساهلة» مع أوروبا، خسرت ماي وزير خارجيتها بوريس جونسون، الذي اختار إعلان استقالته قبل نصف ساعة من لقائها مع نواب حزب المحافظين (توري). وأخيراً، انتقد جونسون، الذي كان أحد أبرز المؤيدين للخروج من الاتحاد، في مجالسه الخاصة، خطة ماي لإبقاء علاقات اقتصادية قوية مع أوروبا حتى بعد «بريكست». وبعد ثاني استقالة خلال أقل من 24 ساعة، أصبحت خطط ماي لمغادرة التكتل في مهب الريح. وتترك الاستقالتان رئيسة الوزراء في حالة من الضعف الشديد على رأس حكومة غير قادرة على التوحد بشأن أكبر تحول في مجالي السياسة الخارجية والتجارة في نحو نصف قرن. وتثير كذلك أسئلة عما إذا كانت الزعيمة البريطانية ستحاول الصمود، والتقيد بالتزامها في مواصلة نهج «مؤيد للأعمال» للخروج من الاتحاد، أم ستواجه مزيداً من الاستقالات والنداءات لها بالاستقالة. وقال ناطق باسم ماي: «قبلت رئيسة الوزراء استقالة بوريس جونسون من منصب وزير الخارجية، وتشكره على عمله، وسيعلن قريباً اسم من سيخلفه». وبعد قليل من استقالة جونسون، ذكرت ماي أنه ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يتعامل بإيجابية مع مقترحها الجديد لخروج بلادها من التكتل، وإلا جازف بانسحاب بريطانيا دون اتفاق. وأضافت في خطاب وجهته للبرلمان: «ما نقترحه يمثل تحدياً للاتحاد الأوروبي، فهو يلزمه بالتفكير مجدداً، وتجاوز المواقف التي اتخذها حتى الآن، والموافقة على توازن عادل للحقوق والالتزامات». وتزيد مغادرة جونسون وديفيس المخاطر بالنسبة لماي، التي توصلت بشق الأنفس إلى اتفاق مع حكومتها، المنقسمة بشدة، الجمعة الماضي، للإبقاء على أوثق علاقات تجارية ممكنة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت حكومتها شهدت، قبل استقالة هذين الوزيرين، رحيل أربعة وزراء هم: وزيرة الداخلية امبر راد، ووزير الدفاع مايكل فالون، ووزيرة التنمية الدولية بريتي باتال، ووزير مجلس الوزراء نائب رئيسة الوزراء دايمين غرين. وفي بروكسل، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن «حالة الارتباك الناجمة عن خروج بريطانيا مشكلة لن تنتهي تماماً مع استقالة سياسيين»، مضيفاً: «السياسيون يأتون ويذهبون، لكن المشاكل التي أحدثوها لشعبهم لا تزال قائمة، وحالة الارتباك الناجمة عن الخروج أكبر مشكلة في تاريخ العلاقات بين الاتحاد والمملكة المتحدة». وفي رد فعل على الوضع السياسي، تراجع الجنيه الإسترليني 0.2 في المئة مقابل الدولار، من نحو 1.3340 إلى 1.3259، ومقابل اليورو 0.4 في المئة إلى 88.62 بنساً، بينما ارتفعت الأسهم، وكذلك عزز مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني مكاسبه قليلاً.
مشاركة :