عُرف الخليفة العباسي الظاهر بأمر الله بالعدل والرحمة ورفع الظلم رغم قصر مدة حكمه التي بلغت الـ9 أشهر، يعتبر الخليفة الخامس والثلاثون في سلسلة الخلفاء العباسيين.الظاهر، والذي تحل اليوم الثلاثاء ذكرى ذكرى وفاته، كان قد ولد سنة 571هـ وكان أبيض جميلا مشربا وجهه بحمرة قوي البنية حسن الأخلاق نشأ على مكارم الأمور وكان عكس والده "الناصر لدين الله" الذي لم يكن محمود السيرة.تولى "الظاهر بأمر الله" الخلافة وعمره 52 سنة، وذلك يوضح أنه عاش أغلب حياته وهو ولي عهد أبيه، ولكن بدون أي تصرف وعند بلوغه الخامسة عشرة من عُمره عام 585هـ عهد إليه بالولاية والده، ثم رأى أن يعزله وأرسل في بلاد الإسلام يأمرهم بالتوقف عن الدعاء له، وإذا عرفنا أعمال "الظاهر بأمر الله" التي قام بها إبان حكمه القصير فيمكن أن نستنتج أسباب عزله.فقد كان سخي اليد كريم النفس يجتهد في تخفيف مشاكل الناس وهمومهم وهذا كان ضد رغبات والده الذي أكثر الظلم وأذاق الناس الويلات، ولما رأى "الناصر" ولي عهده سخيًا كريمًا ورحيما بشعبه أبعده وقرب ابنه الأصغر "عليا"، ولكن الله لم يمهله فتوفي "علي" بعد ذلك مما اضطره أن يعيد الولاية لابنه المعزول "محمد"، والذي سمي بعد تولي الخلافة بـ"الظاهر بأمر الله" وشرط عليه أن لا يتصرف بأي شيء خِشيةً من إحسانه وكرم.وعندما توفي الناصر لدين الله تولى "الظاهر" أول أيام عيد الفطر، نشر العدل ورد المظالم بعد توليه الخلافة، وتحول على يده حال البلاد وعم الخير بعد سنين عجاف وقهر وظلم، وأرجع الأمور إلى حالها حتى موازين مخزن الدولة التي كانت تكال بها.وإذا كان هذا الخليفة العادل يفكر في أمر وزن مكيال مخزن الدولة فالأجدر به تحقيق العدل ورفع الظلم، وكان يقول دائما معبرا عن حالى وقد تولى الخلافة في سن متأخرة: "أنا قد فتحت الدكان بعد العصر فاتركوني أفعل الخير فكم بقي لأعيش". وقد أنفق وتصدق في ليلة النحر بمئة ألف دينار، وكان نعم الخليفة خشوعًا وخضوعًا لربه، وعدلًا في رعيته، وازديادًا في وقته من الخير، ورغبة في الإحسان.وكان من أمره أنه لا يسأل التخفيف في شيء إلا فعل بنفس كريمة، ومن ذلك مثل طلب أهالي منطقة "بعقوبا" في العراق الذين كانوا يدفعون سبعين ألف دينار فردهم إلى عشرة آلاف كما كانوا في السابق، وهكذا كان في كل أمره، هذا وبعد مرور تسعة أشهر ونصف من حكمه انتقل إلى رحمة ربه في سنة 623هـ يوم 10 يوليو، بعد أن عم الرخاء والأمان وارتاح الناس وفي هذا دليل على أن البركة ليست في طيلة الأعمار ولكن في توفيق الأعمال.
مشاركة :