السعودية تحولت إلى بيئة طاردة للعمالة الوافدة

  • 7/11/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الرياض - وكالات: خلف مشهد تكدس آلاف العمال العالقين في الرياض بانتظار من يطعمهم أو يعيدهم إلى بلدانهم بعد إفلاس شركات، تكمن مؤشرات على تحولات مهمة بالمملكة العربية السعودية اقتصادياً واجتماعياً، صنعت بيئة طاردة لملايين المقيمين، ونهاية عصر الرفاه. في تأكيد لهذه الظاهرة، يشير موقع «بيزنس إنسايدر» إلى أن أكثر من ثمانمئة ألف مغترب غادروا المملكة نهائياً منذ نهاية 2016 حتى أبريل/‏ الماضي، بمعدل زاد بقليل على 1500 مغادر يومياً. ومنذ بداية عام 2016 لم يعد ملايين العمال الأجانب في السعودية يجدون البيئة الملائمة للعمل والكسب وتحسين أوضاعهم، وأصبحت الإقامة هناك عبئاً على معظمهم؛ جراء السياسات الاقتصادية وسياسة التقشف وفرض الضرائب و»السعودة» غير المدروسة. وتشهد المملكة مخاضين عسيرين على الصعيدين السياسي والاقتصادي، خلخلا البنى القديمة وأسس دولة الرفاه جراء الإجراءات التي فرضها ولي العهد لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي ضمن ما يعرف برؤية 2030. وتقوم هذه الرؤية على إجراءات تقشفية وفرض ضرائب ورسوم والتخلي عن الدعم في عدد من القطاعات الإستراتيجية، بينها رفع أسعار المياه والكهرباء والوقود، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والتخلي عن العمالة الأجنبية في عدة قطاعات. ومؤخراً، أثارت الزيادات الكبيرة في فواتير الكهرباء -التي تجاوزت 250% وفق مصادر صحفية سعودية- انتقادات واسعه لدى السعوديين أنفسهم، ومثلت عامل إحباط آخر للمقيمين، وسبباً جديداً لدفعهم إلى المغادرة. ووفق إحصاءات عام 2017، يبلغ عدد الأجانب بالمملكة نحو 11.7 مليون شخص، يعمل 7.4 مليون منهم، في حين يمثل المرافقون نحو 4.3 ملايين شخص، ويبلغ متوسط دخل العمالة الأجنبية أقل من 266 دولاراً شهرياً. وإضافة إلى الرسوم والزيادات في الأسعار، أقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بداية عام 2018 قراراً يمنع الأجانب من العمل في 12 نشاطاً تجارياً جديداً، أضيفت إلى قطاعات أخرى منعوا من مزاولتها سابقاً لتنقطع أسباب الرزق لعشرات الآلاف. ومع الركود الذي يعانيه القطاع الخاص، وإفلاس مئات الشركات -بينها شركات كبرى في قطاع التشييد- تأخر دفع أجور عشرات الآلاف من العمال ولعدة أشهر، وغادر معظمهم البلاد في ما يشبه عمليات الإجلاء دون الحصول على مستحقاتهم. ولعل السبب الرئيسي في «الهروب الكبير» -كما أطلقت عليه مواقع معارضة-فرض رسوم شهرية منذ بداية 2018 على المرافقين للعمال الوافدين بمئة ريال شهرياً للفرد، لترتفع إلى مئتين منذ الأول من يوليو الجاري، وتصل إلى أربعمئة ريال في 2020. وستوفر هذه الرسوم نحو عشرين مليار ريال (نحو خمسة مليارات دولار) خلال السنوات الثلاث المقبلة. وأقرت السلطات السعودية مطلع 2018 الأداء على القيمة المضافة بنسبة 5% على العديد من المنتجات والخدمات، وهي إجراءات غير مسبوقة، بعد أن فرضت منتصف عام 2017 ضريبة على التبغ والمشروبات وسلع أخرى. ومجمل هذه المتغيرات السياسية والاقتصادية الجارية انعكست سلباً على الجوانب المعيشية في المملكة، وشكلت بيئة طاردة للوافدين، فلم يعد متاحاً بالنسبة لمئات آلاف العاملين مجابهة الظروف الحياتية الصعبة، مع الأعباء المتزايدة وجمود الرواتب وارتفاع الأسعار والخدمات، ومن ثم اختاروا الرحيل الطوعي وأحياناً الإجباري. - وبدرجة أقل المقيمون- يعيشون بالفعل واقعاً مختلفاً عما ألفوه خلال «عصر الرفاه»، حيث الخدمات المجانية ودعم الأسعار والخدمات والوظائف المجزية، والطاقة الرخيصة. وتشير تقارير تنشرها مواقع المعارضة السعودية إلى أنه وراء الضجيج الذي صنعته هيئة الترفيه -كأحد مقومات رؤية 2030- من خلال الحفلات الفنية والموسيقية المستجدة تختفي مشاكل اقتصادية اجتماعية جمة تضغط بشكل كبير على المقيمين وأصحاب الدخول الضعيفة، وكذلك المواطنون. وبداية عام 2018، أعلنت السعودية عن أضخم موازنة في تاريخها بقيمة 978 مليار ريال (260.8 مليار دولار)، لكنها سجلت عجزاً بقيمة 195 مليار ريال (52 مليار دولار)، وخصصت 31.8% (83 مليار دولار) من الموازنة للقطاعين العسكري والأمني مع مغامرة الحرب المكلفة في اليمن. وسجلت المملكة ديوناً غير مسبوقة بعد تراجع أسعار النفط ونفقات حرب اليمن الهائلة، وصلت خلال عام 2017 إلى 116.8 مليار دولار مقابل 84.4 مليار دولار بنهاية 2016. وشكل الدين السعودي 17% من الناتج المحلي في 2017، مقابل 13.1% في 2016. ومع تراجع مقومات الرخاء، أصبحت معدلات البطالة المرتفعة بين السعوديين تحدياً مستمراً أمام الحكومة، حيث ارتفعت إلى 12.9% في الربع الأول من عام 2018، ويواجه القطاع الخاص صعوبات جمة لتطبيق سياسة ولي العهد السعودي بإعطاء الأولوية للسعوديين وتعويض الأجانب الراحلين. ورغم التكتم والتعتيم، فإن مظاهر تراجع المستوى المعيشي والفقر في المملكة لم تعد خافية، وينشر ناشطون تباعاً صوراً لا تبدو للوهلة الأولى في البلد الذي تسبقه سمعته كأكبر منتج للنفط في العالم، حيث تبدو فيها المساكن المزدحمة وشبه المتداعية كأنها في دول فقيرة في الموارد والموازنات. 52 % من الجامعيين السعوديين عاطلون عن العمل الرياض - وكالات: شكّل خرّيجو الجامعات في السعودية، وعددهم 576.3 ألف مواطن، 54% من السعوديين الباحثين عن عمل، في حين بلغ إجمالي عدد الباحثين عن عمل 1.07 مليون سعودي. ووفقاً لما نشرته الهيئة العامة للإحصاء، قبل أيام، فإن 52% من السعوديين العاطلين من حملة شهادة البكالوريوس أو الليسانس، وعددهم 403 آلاف مواطن، في وقت يبلغ إجمالي عدد العاطلين السعوديين نحو 778.9 ألف مواطن. ويبلغ عدد الإناث العاطلات عن العمل نحو 305 آلاف سعودية، مشكّلات 76% من هذه الشريحة إجمالاً، البالغة 403 آلاف عاطل. واستناداً إلى نفس الأرقام، يمثّل الذكور من إجمالي المشتغلين، بنهاية الربع الأول من العام الجاري، 11.30 مليون فرد، ما نسبته 84.7% من إجمالي المشتغلين، وتمثّل الإناث منهم 2.03 مليون، بنسبة 15.3%.

مشاركة :