يعتبر المفكر والباحث العراقي علي الوردي من أهم الشخصيات التي ظهرت على الساحة العربية الثقافية، وكان يعتز دائما بعروبته وانتمائه للعراق دائما، حيث دافع بشدة عن عروبة بعض الشخصيات التاريخية ورافضا تلك الروايات الضعيفة التي تشكك في انتمائهم مثل شخصية أبو حنيفة النعمان، وأبو منصور الحلاج، والجواهري، وعبدالقادر الجيلاني.الوردي، والذي تحل ذكرى وفاته غدا الجمعة، ولد ببغداد في العام 1913، وعمل جده بتقطير ماء الورد ولذلك لقب بـ"الوردي"، وترك "علي" الدراسة ليعمل بأحد محلات العطور لكنه طرد من العمل لانشغاله الدائم بقراءة الكتب والجرائد، والتحق بالدراسة المسائية في الصف السادس الابتدائي وكانت بداية لحياة جديدة.وأكمل "علي" دراسته وأصبح معلما، وأرسل لبعثة دراسية إلى الجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على البكالوريوس وأرسل في بعثة أخرى إلى جامعة تكساس حيث نال الماجستير عام 1948 ونال الدكتوراه عام 1950. وتأثر فكر "الوردي" بمنهج ابن خلدون في علم الاجتماع، وتسببت موضوعيته في البحث بمشاكل كبيرة له، لأنه لم يتخذ المنهج الماركسي ولم يتبع الأيديولوجيات القومية، مما أثار هذا حنق متبعي الأيديولوجيات فقد اتهمه القوميون العرب بالقطرية لأن عنون كتابه" شخصية الفرد العراقي" وهذا حسب منطلقاتهم العقائدية أن الشخصية العربية متشابهة في كل البلدان العربية، وكذلك انتقده الشيوعيون لعدم اعتماده المنهج المادي التاريخي في دراسته.وطالب "الوردي" بنبذ الخلاف السني الشيعي، قائلا إن ما حدث في التاريخ ودار حول الخلافة والإمامة أحداث تاريخية تجاوزها الزمن ولابد أن يتجاوزها أبناء الدين الواحد فلا يصح أن يبنوا خصومة حالية على خصومة تاريخية وماضوية.وكانت أشهر أعمال المفكر العراقي "علي الوردي" "مهزلة العقل البشري" و"وعاظ السلاطين" و"الأحلام بين العلم والعقيدة" و"منطق ابن خلدون" و" أسطورة الأدب الرفيع" واشتبك بصورة كبيرة مع قضايا الثقافة العربية وناقش مفكري جيله وكانت لديه تعليقات حول كتاب "في الشعر الجاهلي" للدكتور طه حسين.وازدادت حالته الصحية سوءًا بعدما أصيب بمرض السرطان، ورحل عن عالمنا في 13 يوليو عام 1995، تاركًا تراثًا فكريًا واجتماعيًا كبيرًا.
مشاركة :