من يريد أن يعيش حياة طيبة بلا عداوات ومشاعر سلبية مزمنة ومثيرة لاضطرابه واضطراب غيره ويأتي الله «بقلب سليم» من الأحقاد والضغائن، وفي نفس الوقت يعيش حياة لها قيمة جوهرية ويحمل قضية ورسالة الحق والحقيقة بدون تنازلات ومساومات، فعليه عدم شخصنة القضايا أي انتقاد أشخاص بعينهم ومحاولة النيل منهم باعتبارهم ممثلين لاتجاه أو نهج أو ظاهرة أو مسألة لديه موقف منها، فالذي سيحصل أن شخصنتها سيولد عداوات ومهاترات ومشاعر سلبية مزمنة ومؤذية لطرفيها وبلا أي ثمرة إيجابية بالنسبة للقضية والرسالة التي يعتقد أنه يخدمها بذلك، لأن القضية والرسالة تضيع دائما عند شخصنتها أي تحويلها لقضية تعصب لأشخاص باعتبارهم ممثلين لها، ومعاداة لأشخاص آخرين بافتراض أنهم يمثلون خصومها، وبالحقيقة ما يخدم رسالة وقضية الحق والحقيقة هو الدعوة إليها في صورتها القيمية كقيم ومبادئ ومثل عليا وأخلاق وسلوك وقوانين وليس كأشخاص، وبالمثل هي الأحوال السلبية، حيث الأجدى انتقاد الأنماط السلبية وليس أشخاصا بعينهم يفترض أنهم ممثلون لها، فدائما عند الشخصنة تضيع الرسالة ولا يعود الناس منتبهين لها فكل الانتباه يصبح مركزا على العداوة وجولاتها وصولاتها ومعاركها ومن المنتصر ومن المهزوم، ومن هذه الحكمة المأثورة بأن «تكره الخطيئة ولا تكره من اقترفها» فكما قال النبي؛ كراهية المخطئ إعانة للشيطان عليه خاصة أنها تجعل الخطيئة تصبح بمثابة هوية له وتحشره في ركنها وتجعله يراوح فيها، فما يصلح الناس حسن الظن بهم وتوقع الأفضل منهم ومعاملتهم على هذا الأساس، ولا يوجد إنسان لا يمكن إحسان الظن به فالقابلية للخير والفضائل فطرة، وكما تقول الحكمة؛ من لديه مشاعر سلبية تجاه غيره ويعتقد أنه ينال منهم بمشاعره السلبية هو كمن يشرب السم ويتوقع أن يموت به عدوه..
مشاركة :