«50 » عاما وحلم التكامل الاقـتصادي العـربي لم يتحقـق

  • 12/14/2014
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

من أجمل ما قيل في مؤتمر الفكر العربي الذي أنهى أعماله بمدينة الصخيرات في المغرب كلمة الأمير خالد الفيصل مؤسس مؤسسة الفكر العربي حيث يقول: (في كل زمن يقال لم يمر على الأمة العربية أسوأ من هذا الحال. ونتهم المؤامرة.. ونلعن الأسباب.. ونستصرخ الصحراء ويتعالى النداء.. فتردد صداها الجبال.. وتعلو صيحة الأجيال وعوضا عن البناء والنماء بنهج الحكمة والحكماء.. ينشب الاقتتال بين الأخ وأخيه ويتحسر الأب على مصير بنيه ).. ومن أقوى وأهم مواضيع مؤتمرات الفكر العربي منذ أن تأسس كان موضوع فكر (13) التكامل العربي (حلم الوحدة ودوافع التقسيم)، لقد وفق القائمون على اختيار العنوان (التكامل العربي)، إلا أنهم وصفوه بأنه حلم الوحدة. وجميل جدا أن نحلم سواء أحلام المنام أو أحلام اليقظة ولكن الأهم هو أن تتحقق الأحلام وهو أمر صعب المنال، وقد يتحقق البعض منه. وحيث إنني أحد أولئك الذين كانوا يحلمون بالوحدة الاقتصادية العربية التي أطلقتها الجامعة العربية عام 1956م ومن قبل ذلك إلا أن فكرة السوق العربية والوحدة الاقتصادية العربية ظلت حلما لدى الاقتصاديين ورجال الأعمال رغم تأسيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي العربي بالجامعة العربية، ومجالس ومنظمات عربية أخرى لتحقيق الهدف.. ومن اهتمامي بهذا الموضوع تشرفت بحضور المؤتمر (فكر 13) وعلى وجه الخصوص حضوري جلسات التكامل الاقتصادي التي استقطبت أقطاب الخبرة الاقتصادية العربية من حكوميين مسؤولين ودكاترة أكاديميين ورجال أعمال وطلبة علم. وأجمع الحضور أن موضوع الوحدة الاقتصادية والسوق العربية المشتركة لازال حلما رغم أنه أطول حلم اقتصادي حيث تجاوز نصف قرن ولازلنا نحلم فيه، حيث تثبت أرقام ونسب التبادل التجاري بين الدول العربية أنه لم يتجاوز مجمل التكامل الاقتصادي الذي يقوم على قياس نسبة الصادرات البينية إلى إجمالي التجارة العربية الإجمالية عن 5% بناء على التقرير الاقتصادي العربي الأخير، ووصلت نسبة التجارة البينية بين الدول العربية في إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية ما بين (9 إلى 10%) نسبة ضئيلة ترفع علامة استفهام كبيرة تحتاج إلى جواب والبحث عن الأسباب. وانخفضت التدفقات الاستثمارية العربية البينية إلى حوالى عشرين مليارا وانخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الدول العربية بنسبة 9% ووصل إلى 48.5 مليار دولار عام (2013). ورغم أن الوطن العربي لديه جميع مقومات التكامل الاقتصادي إذ يعتبر الوطن العربي من أغنى مناطق العالم في احتياطي البترول الخام وتقدر نسبته من إجمالي الاحتياطي العالمي بحوالى (56.8%) ونسبة (28.4%) من إجمالي الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي حتى عام (2013) وتبلغ مساحة الأراضي القابلة للزراعة في الدول العربية حوالى (140) مليون هكتار وتصل مساحة المراعي الطبيعية إلى حوالى (493.9) مليون هكتار وتقدر مساحة الغابات بنحو (48.50) مليون هكتار وتقدر السوق العربية بحوالى (361 مليون نسمة)، وهي سوق مؤهلة للتكامل الاقتصادي، لكنه لازال حلما عمره نصف قرن رغم أن الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بلغ 2.69 تريليون دولار أمريكي عام (2013) وذلك حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد عام (2013) ويضاف إلى هذه المقومات الاقتصادية القوى البشرية المتخصصة والمبدعة والمنتجة في مختلف المجالات، ولكن قضية التكامل الاقتصادي لازالت أسيرة لبعض النظم والقرارات العربية غير المطبقة واللوائح والشروط المعقدة والمحبطة لتنفيذ قرارات القمم العربية والخليجية وآخرها القمم الاقتصادية التي عقدت في الكويت (2009) وشرم الشيخ (2011) والرياض (2013) والتي أكدت على ضرورة الانتهاء من استكمال كافة متطلبات إقامة الاتحاد الجمركي العربي والتطبيق الكامل له عام (2015) واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من قبل الدول المؤهلة وصولا للسوق العربية المشتركة (2020) وهو طموح لتحقيق الحلم الذي تأخر كثيرا.. وأخيرا، إن أكبر تحديات تواجه التكامل الاقتصادي هو الاستقرار السياسي والاستقرار الأمني ويعتبر مفهوم الأمن القومي العربي مفهوما واسعا يشمل الأمن الاقتصادي (زراعي وتجاري وصناعي وخدمي) والأمن السياسي والأمن الفكري والأمن الاجتماعي حيث يعرف هذا المفهوم روبرت مكنمار وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وأحد المفكرين الاستراتيجيين في كتابه (جوهر الأمن) حيث يقول: (إن الأمن يعني التطور والتنمية سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية مضمونة، وإن الأمن الحقيقي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومجهـوداتها لإعطاء الفرصة لتنمية تلك القدرات تنمية حقيقية في كافة المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل)..

مشاركة :