يوسف أبو لوز نعرف عز الدين المناصرة شاعراً ذا حساسية فلسطينية عالية في معظم شعره، بخاصة في ديوانه «يا عنب الخليل» الصادر في العام 1968، أي في العام التالي لعام ما يسمّى «النكسة» أو حرب حزيران 1967. ونعرف عز الدين المناصرة كنعانياً حتى العظم في ديوانه «كنعانياذا» عام 1981، وديوانه الآخر «رعويات كنعانية» عام 1992. ونعرف المناصرة أكاديمياً معروفاً في عدد من الجامعات المحترمة، كما نعرفه ناشطاً سياسياً مبكراً في منظمة التحرير الفلسطينية ومهتماً بدراسة الفن التشكيلي الفلسطيني إلى جانب اهتمامه بالنقد الأدبي بخاصة «النقد الثقافي المقارن» عام 2005. ولكن عز الدين المناصرة صاحب الشعرية الغنية بالرموز والإشارات التاريخية الفلسطينية كان صحفياً وهو في التاسعة عشرة من عمره.وقعت على حوار أجراه المناصرة في العام 1956 مع الشاعر العاشق لأم كلثوم من طرف واحد أحمد رامي الذي أعطى عمره كلّه لهذا الحب المستحيل فيما كانت كوكب الشرق تدير ظهرها لهذا الحب الذي ولدت من صلبه 137 أغنية غنتها أم كلثوم لأحمد رامي على الرغم من أنها لم تبادله شعوره النبيل هذا تجاهها. وعلى نحو ما، كانت أم كلثوم تحب أحمد رامي الشاعر وليس أحمد رامي الإنسان أو الشخص الذي كان يكتب من قلبه، ومن يا ترى لا يقول إن أغنية مثل «يا مسهرني» ليست من القلب.كل هذا جانب واحد مكرر ومتداول في شخصية أحمد رامي حتى أن حبّه غطّى على قيمته الثقافية والأدبية في مصر، وقد عاش من العام 1892 إلى 1981، وبكلمة ثانية شهد رامي الفترة الذهبية الثقافية في مصر الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، وكما ذهب طه حسين وراء عبقريته إلى باريس، تبع أحمد رامي عبقريته أيضاً إلى مدينة الأنوار.نظلم أحمد رامي عندما نختزله في أم كلثوم، ونظلم أم كلثوم إذا كان قلبها قد أخذها إلى رجل آخر تزوجته هو الدكتور حسن الحفناوي، ومن غرائب سيرة هذا الشاعر مكسور القلب أنه هو من عرّف الحفناوي بأم كلثوم.نظلم أحمد رامي إذا لم نوسع دائرة الضوء على شخصيته كشاعر فصحى وشاعر لهجة، وهو كان كما نعرف من الحوار مدرساً للغات الشرقية ووضع أغاني وحوارات خمسة وثلاثين فيلماً من روائع السينما المصرية.يسأله عز الدين المناصرة حول ترجمته لرباعيات الخيام ويقول له في هذا الحوار النادر إنه اختصر الرباعيات إلى 175 رباعية مع أن المراجع تقول إن رباعيات الخيام أكثر من 450 رباعية (مجلة الأفق الجديد-القدس- العدد 12 كانون الأوّل 1965).يجيب أحمد رامي: اخترت 175 رباعية من حوالي 1000 رباعية نُسبت إلى الخيام، أو دُسّت عليه، ولا يمكن القطع بصحة نسبتها للخيام، لأن أقدم مخطوط له كان منسوخاً بعد 350 سنة من موته، لذلك احتار الدارسون في معرفة الرباعيات الصحيحة.معلومة نادرة أمام حوالي 400 مترجم اشتغلوا على نقل عمر الخيام إلى العربية من الفارسية مباشرة أو عبر لغات وسيطة، ومازال شاعراً لم يُكتشف كلّه إلى اليوم. yabolouz@gmail.com
مشاركة :