انتقد مسرحيون، ضَعف الروافد الفنية المحلية الدافعة لخروج أعمال مميزة؛ مطالبين بقيام أكاديميات فنية تُسهم في صناعة حالة مسرحية تنطلق من خلال احترام الثقافة والفنون بعمل بنية تحتية ثقافية. واعتبروا قوة المشاركة في مهرجانات المسرح، سبباً في ضعف الحضور الداخلي مع غياب للمؤسسة الثقافية الكبرى الداعمة للمسرح. جاء ذلك في ندوة نظّمتها الهيئة العامة للثقافة، بالتعاون مع نادي أبها الأدبي الأربعاء، بعنوان "المسرح بين الحضور والتأثير" تَحَدّث فيها عبدالعزيز السماعيل وعلي السعيد. وقد أدار الندوة المخرج أحمد السروي؛ وذلك ضمن الفعاليات الثقافية والإبداعية لهذا الصيف، بحضور جمع من المسرحيين في منطقة عسير. وتناول المسرحي عبدالعزيز السماعيل تأثير الحداثة وما بعدها على الحراك المسرحي الوطني؛ لتصل بالمهتمين لمفترق طرق، مع إلغاء السرديات والمرجعيات الكبرى. وأشار إلى فشل الأفراد في بناء مسرح متكامل دون النظر في لأهمية دور المجتمع في نمو هذه الفنون باعتبارها نشاطات اجتماعية. وقال: شعارنا الأنسب هو: "أعطني مسرحاً عظيماً أعطيك مسرحاً عظيماً". وأضاف "السماعيل": نشاطات الترفيه والثقافة نخبوية، تدل على صعوبة إقناع الكثيرين بحضورها والتفاعل معها؛ برغم تغير المجتمع، وضرورة تفعيل جوانب الاتصال والتواصل. وأردف: التعامل ببساطة مع الثقافة والفنون جعل عملهم سطحياً، وغير مهني، مع غياب التراكم الفني. من ناحيته، قدّم المسرحي علي السعيد ورقةً تناولت سرداً تاريخياً للمسرح السعودي منذ الأربعينيات الهجرية والبداية المتواضعة، حتى صارت المملكة عضواً رئيسياً في تحكيم مهرجانات وملتقيات عربية متعددة. وقال: خارطة المؤسسة الثقافية في المملكة ضعيفة جداً بالمقارنة مع عدد السكان؛ حيث بيّنت إحصائية رسمية صدرت مؤخراً، أن كل نادٍ أدبي يخدم مليوناً و700 ألف نسمة، بدعم الدولة لحراك مسرحي وطني مماثل لما قامت به الكويت والإمارات ومصر دون أن يفرض على المهتمين بالمسرح جلب رعاة أو داعمين. وأضاف: المسرح مسؤولية الدولة، وأولي مسؤوليات وزارة الثقافة إنشاء كيان أكاديمي للفنون يعوض تغييب ابتعاث أي مسرحي للخارج ضمن برنامج الابتعاث. وأردف "السعيد": وزارة التعليم قبل سنوات هدفت لتغيير مسميات للتضييق على المسرح؛ ليدخل فيه غير المحترفين ويضعفوه، وفي عام 2006م كنت في لجنة خاصة بتطوير هذا المسرح نتج عنها خطة وبرامج منحت المنظم لها ميزة إضافية في وزارة الخدمة المدنية؛ لكنني لم أجد أي كلية في المملكة تحتضن مبادرة واحدة منها للتعليم مدتها سنتان؛ حتى أقفلت آخر شعبة للمسرح في الجامعات السعودية بعد صراعات بين أعضاء هيئة التدريس. وأشار إلى أنه قدّم مع المخرج أحمد السروي حلولاً لمعوقات المسرح المدرسي لوزير سابق للتعليم؛ حيث تَقَبّلها ووعد بتنفيذها؛ لكنه رحل دون أن يفعل شيئاً. وفي مداخلات متنوعة، قال أحمد الغرباني: يجب الاهتمام بدعم إنشاء معاهد مسرحية متخصصة. ورأى القاصّ حسن عامر أن توقيت العروض أو الأعمال ربما لا يكون مناسباً؛ مقترحاً تغيير أسماء المؤسسات الثقافية؛ كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون بمسميات أخرى ربما تجذب الحضور للتفاعل معها. وقال الشاعر إبراهيم طالع: غياب الدعم يُنهي أي آمال في نصاعة فنية محترفة؛ خاصة مع تغير تفاعل المتلقي وتقبله للفنون. وذكر القاص ظافر الجبيري أن المسرح يتطلب الحوار؛ لكن المجتمع السعودي يفتقده. وتساءل الكاتب المسرحي يحيى العلكمي عن قدرة الجمهور على تلقي الفعل المسرحي دون تهريج أو كوميديا بالشروط الفنية. وطلبت الكاتبة زهرة آل ظافر بتجمع المسرحيين السعوديون لفرض مادة تدريسية عن التربية المسرحية في المناهج التعليمية. من ناحيته، قال رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد بن علي آل مريع: المسرح يحتاج لذكاء ومناورة وتضحية تُنتج أعمالاً محترفة بعيدة عن مسرح المقاولات الذي انتشر في بعض الدول العربية لتعويم القضايا المصيرية، وتشكيل فكر تنويري جديد بعيد عن الهموم اليومية والمعيشية. وأضاف: لدينا مؤسسات ثقافية عريقة كالأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون ويجب استثمارهما كبيوت خبرة وضامن من الإسفاف والتروي أمام جعل القطاع الربحي مسؤولاً عن الفنون.
مشاركة :