تناول تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي قضية ما يسمى بــ«حكومة الظل»، وقال تحت هذا العنوان: في مناسبتين في كل من عامي 2014 و2015، كتبنا حول حكومة الظل، أو ظاهرة إسهال تأسيس وديمومة هيئات ومؤسسات ولجان وأجهزة عامة موازية لوزارات الدولة، وأحصينا مؤخراً نحو 42 مؤسسة من دون احتساب بعض الهيئات العامة مثل لجنة المناقصات المركزية والهيئة العامة للاستثمار وغيرهما، ويظل ذلك ليس حصراً دقيقاً. وكان عدد مماثل من تأسيس الشركات الكويتية المقفلة حصيلة اجتهاد خطر للقطاع الخاص في حقبة المناخ، ويبدو أن القطاع العام هذه المرة يستنسخ تجربة فاشلة عمرها نحو 36 سنة. بعض هذه الهيئات مستحق ويؤدي دوره، ومعظمها لم يكن هناك في الأصل حاجة له، وأصبح عبئا كبيراً على المالية العامة في ظروف البلد الحالية، وبعضها دوره سلبي لأنه يزيد من حجم البيروقراطية العقيمة ويعمق مشاكل الدورة المستندية بما يعيق مشروعات التنمية وجهود الإصلاح، إن وجدا. وأضاف: ذكرنا في مناسبتين سابقتين أن هذا التمدد البيروقراطي الضخم يجعل من حكومة الكويت أكبر حكومة في العالم، ليس في الحاضر وحسب، وإنما على مدى التاريخ المقروء، فهي توظف كويتيا مقابل كل كويتي بالغ، وتدعم ما عداهم، وفي ظروف سوق النفط الحالية، هو واقع غير مستدام، ومخاطره عالية حين نعرف أن هناك نحو 400 ألف مواطنة ومواطن قادمين إلى سوق العمل في 15 سنة مقبلة. وكل خطب النصح الحكومية، نصت على وقف الجديد وحل أو دمج غالبية تلك الهيئات القائمة، ولكنها تمددت في واقع الحال مع استثناء واحد، ولعل آخرها ما تم تداوله في مجلس الأمة في آخر جلساته حول إنشاء هيئة تعنى بشؤون المنشطات. وما دامت الحكومة عاجزة عن تبني سياسات إصلاح اقتصادي هدفها خلق فرص عمل حقيقية لمواطنيها، وما دام النفط عاجزاً عن تغطية عجز الحكومة، فوجود تلك المؤسسات سوف يختصر الزمن حتى تتسع قاعدة البطالة السافرة، مع احتمال أن تتحول البطالة المقنعة إلى سافرة. وما لا يمكن استدامته، لابد من مواجهته، فمعظم تلك المؤسسات أنشئت في زمن الوفرة النفطية، إما لمواجهة الطلب على الوظائف العادية بخلق وظائف وهمية، أو لشراء ولاءات نافذين ونواب في تعيينات براشوتية في الوظائف القيادية لتلك الهيئات. ومعظمها، ليس لها استراتيجيات وأهداف، وعليه لا تخضع للمراجعة والتقييم من أجل محاسبتها وتقرير جدوى استمرارها من عدمها. ولا بأس من ذكر بعض الأمثلة، فإلى جانب لجان حماية الأموال العامة، برلمانية أو أهلية، هناك ديوان محاسبة وجهاز مراقبين ماليين وهيئة مكافحة فساد، وكلها مؤسسات مستحقة. ولكن، كثافتها لم تحد من استشراء الفساد في الكويت، (…)، ولا بد من تغيير جوهري في استراتيجية مواجهة الفساد بالانتقال من مراحل التشخيص إلى مرحلة المواجهة. ذلك أيضاً ينطبق على هيئة تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو جهاز مستحق أيضاً، فمنذ تأسيسها في عام 2013، وحتى عام 2017، ومسار تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخل في انخفاض، باستثناء سنة واحدة كما هو في الرسم البياني المرافق. والواقع، أن قيمة الاستثمارات الداخلة بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق في عام 2017، وفي السنة نفسها، أي في عام 2017، زادت مصروفات الهيئة بنحو %76، ولا نعرف ماهية أسس تقييم نجاح أو عدم نجاح عمل تلك المؤسسات. هذان مثالان لمؤسسات مستحقة، لها أهداف واضحة ومتفق عليها، ورغم ذلك، لا تتمكن من تحقيق تلك الأهداف، وفي الغالب لأسباب (قد تكون) خارج إرادتها ونطاق اختصاصاتها، أما معظم ما تبقى، فهو مؤسسات ليست لها أهداف مستحقة، ولا تخضع لرقابة أو تقييم أداء، ولا بد من حلها.
مشاركة :