المواجهة الصارمة غير المسبوقة التي أطلقها وزير التربية وطاقمه الشجاع في مدارس التعليم العام التابعة له، وبعد أن ظهرت آثار نجاحها بوضوح، باتت بحاجة الى أن تبحث عن فرص استنساخها في مواقع أخرى؛ مثل مدارس التعليم الخاص وعلى مستوى المعاهد العليا والجامعات والبعثات الخارجية، حيث المؤشرات تنبئ بوجود المشكلة ذاتها وإن كانت بصيغ متفاوتة. في التعليم الخاص سمعنا عن مدارس معينة يلتحق بها الطلبة بكثافة لتحقيق النجاح السهل، وسمعنا عن مدارس تدفع الطلبة الى شراء مذكرات «تقوية» تحوي في مضمونها أسئلة الاختبارات، الى غير ذلك من ضروب الممارسات السلبية، مع مراعاة التوسع المتوقع في هذه المدارس فبحسب أحدث تقرير لمجموعة بوسطن الاستشارية بعنوان «مكامن الفرص الاستثمارية في سوق التعليم الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي» فإن سوق التعليم المدرسي الخاص في الكويت ينتظر له أن ينمو من 1.3 مليار دولار في عام 2015 إلى ملياري دولار في عام 2023. ومن المنطقي أن نتوقع امتداد ظاهرة الغش الى التعليم العالي، فوعاء التعليم العام لن ينضح بغير ما فيه، وهو ما يتجلى في ظواهر مزمنة تشكو منها المعاهد والجامعات، مثل ارتفاع نسب التعثر ابتداء في اختبارات القدرات ثم التعثر أثناء الدراسة والتحويل بين الكليات العلمية والنظرية والتسرب وقوائم الإنذار. ومن المنتظر أن يواجه التصدي لظاهرة الغش في هذه المواقع، إذا ما تقرر، بشراسة بما لا يقاس بتلك الضغوط والممارسات التي واجهها الوزير في المدارس الثانوية نظرا للاستقلالية التي يتمتع بها الأساتذة ولن نجد ما يشهد على ذلك أكثر وأقوى من كتابات أساتذة المهنة الذين بثوا همومهم على صفحات الجرائد في الأسابيع القليلة الماضية متحدثين عما يلمسونه من تفضيل الطلبة لمن يمالئهم من الأساتذة والتدافع نحو التسجيل في موادهم وتشجيعهم على ذلك من قبل هؤلاء الأساتذة أنفسهم. وأيضا عما يواجهونه من ضغوط شديدة من أهالي بعض الطلبة في فترة الاستعداد لإعلان نتائج الاختبارات، فضلا عن التأثير العميق للتمييز بأشكاله الذي تسرب بقوة في مفاصل العملية التعليمية. خارج الكويت، حيث طلبة البعثات، تطفح الفضائح بين آونة وأخرى عن جامعات ينجح فيها الطلبة من دون الالتزام بمجرد الحضور الى كلياتهم وبحوث تشترى وخريجين لا يتقنون لغة المواد التي اجتازوها بتفوق وما الى ذلك من ضروب الغش البين. وعموما فإن مواجهة الظاهرة في جميع المواقع التي ذكرناها هنا تتطلب آليات تختلف عن تلك التي واجه بها الوزير ظاهرة الغش في التعليم العام، فالتحديات أكبر وأكثر تعقيدا الا أن العائد جدير بأن يبذل فيه الجهد لعل وعسى. عبدالحميد علي عبدالمنعمaa2monem@hotmail.com
مشاركة :