الإهمال يزهق أرواح الأطفال في السيارات

  • 7/15/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: محمد علا يؤدي ترك الأطفال بمفردهم في المركبات إلى إزهاق أرواحهم في معظم الأحيان، ويعد جريمة يعاقب عليها القانون ابتداء من السجن ما بين خمس سنوات إلى عشر سنوات حسب ما يتعرض له الطفل، بالإضافة إلى التأثيرات الصحية لهؤلاء الأطفال سواء كانت نفسية أو جسدية أو عقلية، حيث يكونون عرضة للاضطرابات النفسية والشعور بعدم الأمان الذي يخلق جيلاً يميل إلى الانعزال الجسدي والعاطفي عن الآخرين.أدى حادث إنقاذ شرطة أبوظبي لطفل ترك بمفرده داخل مركبة بمنطقة البطين قبل لفظ أنفاسه الأخيرة قبل عدة أسابيع، في وقت قياسي وعلى وجه السرعة، إلى دق ناقوس الخطر حول خطورة الأمر، ومع دخول فترة الصيف وارتفاع درجة الحرارة والرطوبة تهيب وزارة الداخلية ودائرة القضاء ودائرة الصحة في أبوظبي والجهات المعنية بأولياء الأمور للانتباه لسلامة أبنائهم وعدم تركهم في السيارة بمفردهم والذهاب إلى شراء الأغراض بحجة أنهم نائمون والسيارة مغلقة تماماً ومكيف الهواء في وضعية التشغيل، وأحيانا يتم السهو عن الأبناء لساعات.«الخليج» تفتح النقاش مع مختصين في علم النفس ورجال القانون والشرطة وأعضاء في المجلس الوطني وأولياء أمور حول أسباب اختناق الأطفال في السيارة، حيث أجمعوا على أن السبب الرئيسي هو إهمال الوالدين، وطالبوا بضرورة زيادة حملات التوعية للأهالي لتنبيههم إلى خطورة الإهمال وترك الأطفال في السيارات وهو ما يعرض حياتهم للخطر، مؤكدين على أهمية رعاية الأسرة واهتمامها بأولادها محذرين من إهمال الأسرة للأطفال.قال محمد بن كردوس العامري، عضو المجلس الوطني الاتحادي رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس: إنه من خبرته كقائد عام للدفاع المدني في وزارة الداخلية سابقًا يرى أن ترك الأطفال في السيارات هو فعل غير حضاري وغير آمن وخاصة في الدولة التي تكون فيها الأجواء حارة جدًا مضيفًا أن أثناء ترك الطفل في السيارة قد ينطفئ المحرك لأي سبب من الأسباب والطفل لا يستطيع التصرف.وتوجه بالنصح لأولياء الأمور بعدم ترك الأطفال في السيارات لأي سبب من الأسباب لأنها مكان غير آمن ولا بد من توفيرأحد من الأهل ليكون مع الطفل أثناء غياب الأم أو الأب إلا اذا اقتضت الحاجة وتكون المدة محدودة نظرًا للعامل النفسي وقد يشعر الولد بالخوف ويتعرض لأي شيء غير الاختناق.وطالب بضرورة اتباع إجراءات السلامة التي حددتها إدارات المرور والشرطة في تركيب كراسي الأطفال التي أصبحت إلزامية ويعاقب عليها القانون اذا لم يتم تركيبها. ظاهرة سلبية وقال الشيخ محمد بن عبدالله النعيمي عضو المجلس الوطني الاتحادي، إن ظاهرة ترك الأطفال بمفردهم داخل السيارات يعتبر من الظواهر السلبية التي تعرض الأطفال لعواقب وخيمة ومخاطر لعل من أبرزها حالات الإنهاك الحراري والاختناق التي قد تودي بحياة الأطفال الأبرياء مؤكدا أن مثل هذه التصرفات من قبل بعض أولياء الأمور تؤكد حاجة الأسر وأولياء الأمور للتحلي بروح المسؤولية، ويجب عليهم أن يعلموا تماما أن التقصير بحق الأطفال وتعريضهم للخطر جريمة يعاقب عليها القانون. عقوبات رادعة وطالب صالح مبارك العامري عضو المجلس الوطني الاتحادي بزيادة التوعية من إرشادات ومعلومات حول أهمية عدم ترك الأطفال في السيارات موضحًا أن الدولة وضعت قانون «وديمة» بشكل عام لحماية الطفل من كافة الأخطار التي تواجه الأطفال، وهو ما يؤكد توجه الدولة نحو القانون وحماية الأفراد والممتلكات.وقال إن الحل لمواجهة هذه الحوادث يكمن في تكثيف التوعية بمخاطرها، إضافة إلى ضرورة حجز السيارات التي يتركها أصحابها في حالة تشغيل، وأطفالهم داخلها بمفردهم، وأخذ تعهد على ولي الأمر الذي ترك طفله بمفرده بعدم تكرار الفعل، مع تكثيف الرقابة الشرطية من قبل الدوريات المرورية أمام الأسواق والمراكز التجارية، على السيارات التي تقف في وضع تشغيل وداخلها أطفال بمفردهم. مسؤولية الأم فاطمة الحمادي ربة منزل قالت: اختناق الأطفال في السيارات سواء كانت في وضعية التشغيل أم لا سببه الرئيسي هو إهمال أولياء الأمور وانشغال الأم واللامبالاة، فكثيرا ما نشاهد الأمهات وهن مشغولات باستخدام الهواتف الذكية لفترات طويلة من الوقت غير عابئات بأبنائهن واحتياجاتهن، وأرى أن الأم هي المسؤول الأول في الاعتناء بالأبناء وتربيتهم.وتذكر أنه في أحد الحوادث ذهبت أم لشراء بعض الأغراض وتركت طفلها الرضيع نائما داخل السيارة، وبعد فترة من الزمن عادت لتجده وقد لفظ أنفاسه الأخيرة، متسائلة: أليست هذه الأم هي المسؤول الأول عما حدث لطفلها؟ واصفة ما يحدث بالقسوة المبالغ فيها من بعض الأمهات. تشديد العقوبة واتفق معها أحمد الحوسني أب لثلاثة أبناء، في أن ما يحدث من حوادث اختناق للأطفال داخل السيارة بسبب ترك أولياء الأمور لهم دون رعاية ومتابعة هو بلا شك نوع من أنواع الإهمال الجسيم الذي يعاقب عليه القانون ولا بد أن يتم تشديد العقوبة وتغليظها في حال تعرض الطفل إلى أي أذى بسبب إهمال الوالدين حتى يكونا عبرة لمن يهمل في حق أبنائه.وذكر أنه لا يذهب إلى أي مكان دون أطفاله منذ أن كانوا في المهد وإلى الآن، وحتى عند ذهابهم إلى المسجد، لأنه يخشى عليهم كثيرا ويشعر بمسؤوليته تجاههم في توفير الأمان والحماية، ويرفض ما يفعله بعض الآباء والأمهات من ترك صغارهم في السيارة بمفردهم في أي سن وتحت أي ظرف.وثمن ما تقدمه وزارة الداخلية من حملات توعوية مثل الأفلام القصيرة التي تبث عبر شاشات التلفاز والتي تحث على عدم ترك الأطفال بمفردهم داخل السيارات، بعيدا عن ذويهم، ويتحدث الفيديو عن أم اتصل بها السائق هاتفيا وهي في أحد صالونات التجميل النسائية ليبلغها أن ابنتها في حاجة للذهاب إلى دورة المياه وكان الرد الصادم عندما قالت له اذهب معها، فما كان منه إلا أن أدخلها إلى دورة المياه الرجالية، متسائلا على من يقع الإثم هنا؟ على «الأم المجرمة» على حد تعبيره. قضاء وقدر وعلى النقيض من ذلك يرى علي الظاهري، أن ما قد يحدث للطفل اذا ترك داخل السيارة بمفرده من حالات وفاة أو إيذاء هي حالات نادرة وغير منتشرة وترجع في الغالب للقضاء والقدر مشيرا إلى أهمية عدم ترك الأطفال مع الخدم أو السائقين وأن يكون هناك فرق بين الخادمة والمربية، وبالتالي على الوالدين توعية الخدم وإرشادهم إلى كيفية التعامل مع الأطفال وبالتالي عدم ترك الطفل أبداً خارج المنزل بمفرده في حال انشغال الأم والأب.ويرى إبراهيم عزب ولي أمر، أنه لا بد من وضع إرشادات في السيارات من قبل مصنعيها توضح لهم وتذكرهم بعدم ترك الأطفال في السيارات وأيضا يمكن وضع أجهزة مستشعرات تتحسس الأوزان داخل المركبة وعندما يتم ترك أي شيء سواء كان طفلا أو حقيبة يتم عمل إنذار ما يعطي تنبيهاً بشكل دائم لأولياء الأمور. أسباب الاختناق وقال الدكتور شكر حيرب، أخصائي طب الطوارئ في أبوظبي، إن مشكلة اختناق الأطفال داخل السيارات تنقسم إلى نوعين، الأول هو الاختناق داخل السيارة وهي في وضعية التشغيل وأثناء تشغيل المكيف وأثناء وقوف السيارة خاصة في الأماكن المغلقة، والثانية الاختناق داخل السيارة وهي مغلقة تماما.سبب اختناق الأطفال داخل السيارة في وضعية التشغيل وأثناء تشغيل مكيف الهواء هو غاز أول أكسيد الكربون الناتج من عوادم السيارات، وما يسببه من حالات وفاة، في حال النوم داخل المركبات ونوافذها مغلقة وفي حالة التشغيل في مكان مغلق أو شبه مغلق، ما يؤدي إلى تسرب غاز أول أكسيد الكربون السام إلى داخل المركبة.وغاز أول أكسيد الكربون، يعد من الغازات السامة، ويطلق عليه القاتل الصامت (Silent Killer)، إذ تكمن خطورته في أنه غاز عديم اللون والرائحة، يؤدي استنشاقه إلى شعور غريب أوله نوم، ومع تزايد وقت الاستنشاق يؤدي إلى ضيق في التنفس وتوقف القلب والوفاة. هناك نوع آخر من الاختناق وهو الذي يحدث والسيارة مغلقة بالكامل ولا يوجد أي فرصة لتجدد الهواء ومع ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة تبدأ حرارة الجسم الداخلية بالارتفاع، ويبدأ المريض بالشعور بالدوار والغثيان والقيء وفقدان بعض وظائف الجهاز العصبي للإنسان، والتشنجات العضلية، ويعتبر هذا النوع أخطر من النوع الأول وقد يؤدي إلى الوفاة.ونصح أولياء الأمور بعدم ترك الطفل بمفرده في السيارة بأي حال وإذا ما حدث ذلك عن طريق الخطأ وتعرض الطفل إلى الاختناق على ولي الأمر الاتصال فورا بالطوارئ، وأن يحمله في وضعية أن يكون الأنف والفم ومجرى التنفس إلى الأعلى وخلع الملابس وتجفيف الجسد من العرق ثم التوجه إلى أقرب مشفى لعمل الإجراءات الطبية اللازمة. صدمة نفسية قال الدكتور أحمد الألمعي استشاري ورئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في مدينة الشيخ خليفة الطبية وعضو اللجنة العليا لحماية الطفل في الدولة، إن الإهمال في حق الطفل وتركه نائما في السيارة بمفرده من الممكن أن يتسبب في صدمة نفسية للطفل عندما يصحو من نومه ويجد نفسه وحيدا، وتزيد حدة الصدمة النفسية وآثارها السلبية على الطفل بحسب الفئة العمرية.وأشار إلى أن إهمال الوالدين في حق الصغار أمر يخالف الإنسانية ويعاقب عليه قانون حماية الطفل، موضحا أن ترك الأطفال بمفردهم داخل السيارة من الأمور التي تؤثر سلبا على حياة الأطفال فيشعر الطفل بالوحدة أو قد يتعرض للسرقة أو أن يصحو الطفل فيجد نفسه بمفرده فيبدأ العبث بالسيارة ومحتوياتها، وقد يتعرض للحريق أو غير ذلك من الأمور الخطيرة. ما السبب الرئيسي لحوادث الاختناق؟ دعت القيادة العامة للدفاع المدني بوزارة الداخلية أفراد المجتمع، خاصة أولياء الأمور، إلى عدم ترك أطفالهم داخل السيارات وخصوصًا أثناء النهار خلال فصل الصيف؛ لأن ذلك يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة السيارة واختناق الأطفال بداخلها.وأكدت ضرورة تكاتف جهود المعنيين كافة للتصدي إلى حوادث الاختناق داخل السيارات بسبب ارتفاع درجة الحرارة في الصيف، مشيرة إلى أن إهمال الأهل هو السبب الرئيسي لوقوع حوادث الاختناق داخل السيارات والتي يكون ضحاياها من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية والخامسة. وحذر العميد محمد معيوف الكتبي مدير الإدارة العامة للدفاع المدني - أبوظبي من عواقب ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات، ما يؤدي إلى تعريض حياتهم لمخاطر الاختناق، حاثاً أولياء الأمور على الالتزام باشتراطات السلامة العامة في هذا الشأن لحماية الأبناء.وأوضح أن معظم الحوادث التي تقع تكون نتيجة سوء تقدير من الوالدين أو مصطحبي الأبناء ينجم عنها إهمال غير مقصود قد يؤدي إلى حالة اختناق الأبناء داخل السيارة بسبب حرارة الجو التي تنتج غاز ثاني أكسيد الكربون داخل السيارة، إضافة إلى تسرب بعض الغازات السامة من المقاعد.وقال إن هناك بعض الحوادث تقع عادة نتيجة لإهمال الأهل والسماح للأطفال بالعبث بمفتاح المركبة ما ينتج عنه إغلاقها من الداخل بواسطة الريموت كونترول، وخصوصاً الحديثة منها. طالبان يخترعان كرسياً لحماية الأطفال من الاختناق داخل المركبات اخترع طالبان مواطنان هما، حسين إبراهيم، وعيسى المعمري، في الصف الثاني عشر في إحدى مدارس أبوظبي، جهازاً عبارة عن كرسي لحماية الأطفال من الاختناق داخل المركبات، يتضمن كرسياً ذكياً متصلاً بغرفة العمليات وموصولاً بجهاز استشعار للحرارة ويعمل بالطاقة الشمسية بحيث يتمكن من قياس درجة حرارة المركبة، وفي حال ارتفع المؤشر إلى مستوى الخطر يقوم بإرسال إنذار إلى غرفة العمليات إضافة إلى أسرة الطفل، كما يقوم بتبريد الكرسي بما يسمح بعدم تعرض الطفل للموت نتيجة ارتفاع حرارة المركبة في حال نسي الأهل طفلهم في المركبة كما حدث سابقا في العديد من الحالات، كما يتم إرسال إحداثيات بمكان السيارة إلى غرفة العمليات ليتم التعامل مع الحالة.وتم اختيار الطالبين من ضمن الفائزين في مسابقة ابتكار للطلبة التابعة لوزارة الداخلية كما تم تكريمهما من قبل الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. نصوص رادعة لمن يعرّض حياة الأطفال للخطر المحامي سالم عبيد النقبي أكد أن إهمال الوالدين في حق الأبناء له صور، تعرض حياة الصغير للخطر، من أجل ذلك نجد أن المشرع الجنائي لم يقف أمام تلك الحالة عاجزا بل تدخل بالنص العقابي بمعاقبة المتولي رعاية الحدث أو الطفل سواء كان من الوالدين أو المسؤول عن رعايته، وشدد من العقوبة ابتداء من الحبس إلى أن وصل بها إلى السجن ما بين خمس سنوات إلى عشر سنوات حسب ما تعرض له الطفل.وأضاف: أن المشرع جعل من المسؤول عن رعاية الطفل طرفاً، مشدداً العقوبة إذا وقع الفعل منهم وتخلف عنه عاهة أو أفضى ذلك الإهمال إلى الموت، الأمر الذي كان وجب معه التنويه لتلك العقوبات للعلم بخطورة ما قد يقدم عليه البعض دون العلم بأن ذلك الفعل معاقب عليه.وأشار إلى أن المادة ( 350) من قانون العقوبات الاتحادي نصت على أنه يعاقب بالحبس أو الغرامة التي لا تزيد عن 10 آلاف درهم من عرض للخطر طفلا لم يكمل 7 سنوات وكان ذلك في مكان معمور بالناس سواء كان ذلك بنفسه أو بواسطة غيره. وتابع: كما نصت المادة (349) من القانون ذاته على: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين من عرّض للخطر سواء بنفسه أو غيره حدثاً لم يتم خمس عشرة سنة أو شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو العقلية أو النفسية، وتكون العقوبة الحبس إذا وقعت الجريمة بطريق ترك الحدث أو العاجز في مكان خال من الناس أو وقعت من قبل أحد من أصول المجنى عليه أو من هو مكلف بحفظه أو رعايته.وأشار إلى أنه من ناحية أخرى تدخل المشرع للمرة الثانية عبر قانون حقوق الطفل (وديمة) والصادر بتاريخ 8-3-2016 وذلك بغية حماية الأطفال من الإهمال بكل صوره فقرر جميع الحقوق الأساسية للطفل ونظم كيفية حمايته.

مشاركة :