اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين، تتعالى الأصوات من جديد، في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، وبشدة، في دعوة فجة لزواج القاصرات، ويتبنى هذا التوجه فئة من رجال الدين، الذين يحملون عقولا ظلامية، تسعى لنشر السواد والقتامة على جميع من حولهم. هذه الدعوة لزواج القاصرات تتم اليوم في المجتمع المصري بصفة خاصة بشكل شرس، تارة باسم إشباع الرغبات وتحجيمها، وتارة أخرى لمكافحة العنوسة التي استشرت في نجوع وقرى مصر. هؤلاء المؤيدون الذين ينتمون إلى تيارات دينية بعينها، لا يخجلون من الجهر بآرائهم المتخلفة، ويفصحون عنها على الملأ، والتي تعود بنا إلى أزمان وعهود قد ولت وانتهت، وإلى عادات وتقاليد بالية، لطالما حطت من شأن المجتمع بأسره، وليس بالمرأة فقط! بالله عليكم كيف بطفلة لم تتعد 14 عاما أن تصبح زوجة وأما بين يوم وليلة، لتجد نفسها مسؤولة عن رجل وأسرة بكل احتياجاتهم، وهي لازالت كائنا صغيرا وضعيفا يحبو نحو الحياة، ولا يعرف عنها سوى القليل، الذي سمح لها به مجتمعها المحدود المغلق؟! إن ضحايا زواج القاصرات يتفاقم عددهن، وتتعدد مآسيهن، وهو ينتشر مؤخرا في بعض مجتمعاتنا مثل النار في الهشيم، لذلك يبقى الأمل معقودا على رجال الدين المتنورين بحق، لحماية أجيالنا القادمة من هذا العبث، وعلى المشرع الذي يجب أن يتصدى له من خلال قوانين صارمة ورادعة، تحدد سن الزواج، وتجرمه في حال المخالفة، حتى إن وصل الأمر بإصدار قرار بذلك من أعلى سلطة في المجتمع. حين أشارت الإحصائيات والتوقعات مؤخرا إلى أن هناك حوالي 45 مرشحا للانتخابات النيابية القادمة بالمملكة من رجال الدين، أصاب البعض حالة من الهلع والتخوف في الوقت نفسه، وراحوا يتساءلون: ترى ما هو الدور الذي لعبه رجال الدين في الدورات البرلمانية السابقة؟ وما الذي ينتظرنا على أيديهم في التشكيل القادم الذي يبدو أنه سيضم عددا لا بأس به منهم؟ ومتى يتوافر الوعي الانتخابي في مجتمعاتنا والذي يمنع هذا الفكر الظلامي من الوصول إلى قبة البرلمان؟ ويبقى السؤال الأهم: متى سيؤدي رجال الدين البرلمانيون دورهم المنوط بهم في نفع الوطن، ويتلمس المواطن ذلك فعليا وعمليا.. وذلك تجاه الكثير من القضايا الاجتماعية المصيرية، ومنها على سبيل المثال قضية زواج القاصرات؟!!
مشاركة :