تفاقمت مخاوف المستثمرين المعنيين بالاقتصاد التركي بعد أن خفضت وكالة فيتش تصنيف الديون السيادية التركية إلى درجة “بي.بي” عالية المخاطر، وأرجعت ذلك إلى الإجراءات التي اتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ إعادة انتخابه في 24 يونيو الماضي. ووقف المحللون طويلا عند انضمام وكالة التصنيف الائتماني إلى الوكالات الأخرى في تحذير أردوغان من مخاطر التحكم في الاقتصاد على حساب الخبراء والمسؤولين المتخصصين، في وقت ينزلق فيه الاقتصاد التركي نحو أزمة مالية محتملة بعد إحكام قبضة صلاحياته المطلقة على مؤسسات الدولة. ويسعى أردوغان لإعادة تشكيل تركيا وفقا لرؤيته التي تهدف لجعل البلاد واحدة من أقوى 10 اقتصادات في العالم بحلول عام 2023 الذي يوافق الذكرى المئوية لقيام الجمهورية وذلك عن طريق إجراءات تحفيز اقتصادية محفوفة بالمخاطر. ويحتاج ذلك الهدف إلى مضاعفة حجم الاقتصاد 3 مرات وهي مهمة مستحيلة في ظل اتساع الاختلالات المالية وترجيح دخوله في ركود تضخمي بسبب غليان التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. ماركوس آشوورث: حكومة أردوغان قد تفرض قيودا على رؤوس الأموال وهو أمر مخيف جداماركوس آشوورث: حكومة أردوغان قد تفرض قيودا على رؤوس الأموال وهو أمر مخيف جدا ويتسبب أردوغان أيضا في تصعيد التوتر مع حلفاء تركيا الغربيين بسبب سعيه لتعزيز نفوذه السياسي والعسكري في الشرق الأوسط والبلقان وأفريقيا على أمل استعادة المكانة التي تمتعت بها تركيا في ظل الإمبراطورية العثمانية قبل أكثر من قرن. وفاقم أردوغان قلق المستثمرين هذا الأسبوع بإعلانه أن معدلات الفائدة سوف تنخفض، وإصداره قرارا يمنح نفسه السلطة الوحيدة لتعيين محافظ البنك المركزي ونوابه لفترة 4 أعوام. كما منح صهره براءت البيرق مسؤولية الاقتصاد. ونتيجة ذلك، تراجعت الليرة لأدنى مستوياتها عند 4.98 ليرة للدولار. وخسر مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي أكثر من 10 بالمئة من قيمته مدفوعا بتراجع أسهم البنوك التي اضطرت للتفاوض مع المقترضين لإعادة هيكلة عشرات مليارات الدولارات من الديون بالنقد الأجنبي التي بات ردها أكثر صعوبة في ظل فقدان الليرة لربع قيمتها منذ بداية العام. وقالت فيتش إنها ترى أن “مصداقية السياسة الاقتصادية التركية تدهورت في الشهور الأخيرة وأن التحركات الأولية التي أعقبت الانتخابات زادت حالة عدم اليقين”. وأضافت أن هذه البيئة ستفرض تحديات أمام تهدئة حمى النمو الاقتصادي المحفوف بالمخاطر. وتوسعت صلاحيات أردوغان بشكل هائل بعد الانتقال إلى النظام الرئاسي، الذي ألغى منصب رئيس الوزراء، وأصبح يعين محافظ البنك المركزي ونوابه، الذين ألغى شرط امتلاكهم لخبرة لا تقل عن 10 أعوام. ويرأس صهر أردوغان حاليا وزارة الخزانة والمالية بعد أن كانتا وزارتين منفصلتين. وتم إبعاد شخصيات كانت تحظى بتقدير المستثمرين الأجانب وبالتحديد محمد شيمشك الخبير الاقتصادي السابق في ميريل لينش ووزير المالية السابق ناجي إقبال. ولجأ أردوغان للتحفيز الاقتصادي بوسائل محفوفة بالمخاطر من خلال تخفيضات ضريبية وضمانات قروض وتشجيع المستهلكين على زيادة الإنفاق وهي أمور رفعت الواردات والتضخم. ونتيجة ذلك، اتسع عجز الحساب الجاري إلى مستويات خطرة عند 6.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وقفز التضخم إلى 15.4 بالمئة وهو يعادل 4 أضعاف متوسط التضخم في الأسواق الناشئة وهو مرشح للوصول إلى 20 بالمئة في الأشهر المقبلة. ويرى فادي حاكورة زميل تشاتام هاوس في لندن إن أردوغان “لا يبدو أنه يدرك أن نموذج النمو التركي يحتاج إلى تجديد كامل كي ينضم إلى عصبة الاقتصادات الغنية وهو يعتمد أكثر من اللازم على الإنفاق الحكومي ومشروعات تمولها تدفقات مالية تهدف للمضاربة، وليست استثمارات مستدامة أو صادرات”. الليرة تراجعت إلى أدنى مستوياتها بعد تسليم إدارة الاقتصاد إلى براءت البيرق صهر أردوغانالليرة تراجعت إلى أدنى مستوياتها بعد تسليم إدارة الاقتصاد إلى براءت البيرق صهر أردوغان وحذرت مؤسسة فيتش الحكومة من مستويات اقتراض الشركات التركية بالعملات الأجنبية التي وصلت إلى أكثر من 220 مليار دولار. وقد تسبب تراجع الليرة في انهيار الكثير من الشركات ولجوئها إعادة جدولة ديونها. وحذر ماركوس آشوورث الخبير الاستراتيجي السابق في هايتونغ للأوراق المالية في لندن، من أن حكومة أردوغان قد تفرض قيودا على رؤوس الأموال إذا زادت أوضاع الاقتصاد سوءا وهو أمر “مخيف في بلد يعاني هذا القدر الكبير والمتزايد من عجز الحساب الجاري، ويعتمد بشدة على التمويل الخارجي”. وما يثير القلق أن أردوغان طلب المشورة بشأن إمكانية فرض قيود على رؤوس الأموال منذ عدة شهور وبالتحديد حين لاح احتمال فرض غرامات بعشرات مليارات الدولارات على بنك خلق التركي الذي تديره الدولة. ومن المقرر أن يلتقي البيرق، الذي نفى تلك الخطط وسعى لتهدئة المستثمرين بتأكيد استقلال البنك المركزي، مع مستثمرين في لندن خلال أيام لإقناعهم بأن الاقتصاد آمن تحت إشرافه، وفي ظل قيادة أردوغان والد زوجته. وقال البيرق إن الحكومة ستجعل على رأس أولياتها خفض التضخم وإعادة توازن الاقتصاد لكنه لم يوضح ما إذا كانت الحكومة ستفضل رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم ولوقف تراجع سعر الليرة. ويصر أردوغان على أن معدلات الفائدة المرتفعة تزيد التضخم وهو رأي يخالف النظريات الاقتصادية التقليدية. ومن المقرر أن يجتمع مسؤولو البنك المركزي لبحث أسعار الفائدة في 24 يوليو الجاري. ويتوقع المستثمرون زيادة كبيرة في سعر الفائدة الرئيسي البالغ حاليا 17.75 بالمئة.
مشاركة :