أكد مختصون في مجال حقوق الأطفال أن اغتصاب الأطفال أصبح ظاهرة اجتماعية مدمرة في إيران، وأن الاعتداءات الجنسية وممارسة شتى أنواع أساليب العنف على الأطفال تزدادان في وقت لا تستجيب فيه قوانين البلاد لحل الظاهرة بشكل كلي، ولا يقتصر اتساع ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال بل يشمل الفتيات، حيث تصحو إيران من حين إلى آخر على حوادث اغتصاب يهتز لها الشارع الإيراني. طهران- أصدر القضاء الإيراني حكما على مشرف مدرسة للفتيان في طهران بالسجن عشرة أعوام وجلده ثمانين جلدة، لإدانته بتهمة “الاعتداء الجنسي على قاصرين”، بحسب ما نقلت وكالة إيسنا. ولاقت قضيّة هذا المشرف الذي يعمل في مدرسة خاصة في غرب طهران صدى كبيرا في الصحافة المحلية منذ إثارتها في آخر مايو الماضي. وبلغت الأهمية التي أخذتها هذه القضية مدى بعيدا وجعلت المرشد آية الله علي خامنئي يتدخّل شخصيا طالبا من القضاء أن يتحرّك بأقصى سرعة ممكنة، وإصدار العقوبات القصوى المنصوص عليها في القانون. والسبت، قضت المحكمة بإدانة المشرف المدرسيّ بـ”الاعتداء الجنسي على قاصرين” و”خدش الحياء” و”الحضّ على الرذيلة”، بحسب الوكالة. وأضافت “بعد التحقيق، والفحص الطبي” للضحايا، لم تُنسب للمشرف تهمة الاغتصاب. وكان ممكنا أن تكون العقوبة أقسى لو أن “عددا من العائلات لم تسحب شكواها”. وحسب وسائل إعلام إيرانية رسمية، فإن مدرسا في ثانوية للبنين عرض عبر هاتفه مواد إباحية أمام نحو 40 طالبا، وقالت ربما أقدم على الاعتداء عليهم جنسيا. وتقدم أولياء أمور 15 طالبا بشكوى بحق مدير المدرسة الذي قالوا إنه عرض على أبنائهم الأفلام الإباحية من هاتفه النقال. وحسب صحف إيرانية تلقى بعض الطلبة الذين تعرضوا للانتهاكات الجنسية علاجا نفسيا جراء “الضرر النفسي الشديد” الذي تعرضوا له. وقال النائب العام في طهران عباس جعفري إن المتهم أقر بامتلاكه أفلاما جنسية على هاتفه أرسلها إلى الطلاب، لكنه أنكر بقية الاتهامات الموجهة إليه والتي تتعلق بالاعتداء عليهم. ومن النادر الكشف عن مثل هذه الحوادث في إيران، لهذا صُدِم الشارع الإيراني، وانعكس ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي التي عجت بانتقادات للمسؤولين الإيرانيين واتهامهم بالتهاون في وقف التحرش والاعتداءات الجنسية. معظم الاعتداءات الجنسية على الأطفال تحدث دون سن البلوغ، بحيث لا يفهم الطفل هذه الأمور وكشفت ندوة حول الجرائم الجنسية على الأطفال في طهران أن من 12 إلى 35 في المئة من النساء ومن 4 إلى 9 في المئة من الرجال في إيران جربوا عملية اغتصاب قبل سن الـ18 وفي أيام طفولتهم. وقالت بهشيد أرفع نيا -ناشطة حقوقية ومحامية وعضو في جمعية دعم حقوق الطفل في إيران- في تصريحات صحافية سابقة، إن الاعتداء الجنسي على الأطفال ازداد بشكل غير مسبوق في إيران، حتى أنه يتم اغتصاب الطفل في بعض الحالات من قبل محارمه أو أشخاص من الذين لديهم علاقة قريبة ووثيقة به. وأكدت أرفع نيا أنه يتم إرغام الطفل المغتصب على السكوت إزاء الجريمة، مشيرة إلى أن معظم الاعتداءات الجنسية على الأطفال تحدث دون سن البلوغ، بحيث لا يفهم الطفل هذه الأمور، منبهة إلى أن ازدياد حالات الاغتصاب في بعض مدارس إيران ظاهرة خطيرة، وقالت إن بعض المعلمين في بعض المدارس يمارسون الاعتداء الجنسي على الأطفال. ومن جانبه قال شريعتي العضو في جمعية دعم حقوق الطفل إن إحدى حالات الاغتصاب الأكثر إثارة للصدمة وقعت في ورامين التابعة للعاصمة طهران في عام 2004، إذ تم اغتصاب 23 طفلاً وقتل 17 منهم بعد الاعتداء الجنسي عليهم في فترات مختلفة. هذا وأكد العديد من المختصين في مجال حقوق الأطفال وفق مركز المزماة للدراسات والبحوث أن الاعتداء الجنسي على الأطفال أصبح ظاهرة اجتماعية في إيران لا يمكن إنكارها، واتسعت هذه الظاهرة خلال العقود الأخيرة إلى الحد الذي وجبت فيه دراستها وتحليلها والوقوف على أسباب انتشارها. وفي سياق آخر وأثناء صلاة عيد الفطر في مدينة إيرانشهر التابعة لمحافظة “سيستان وبلوشستان” التي تسكنها الأقلية السنية في إيران، صُدِم جميع الحضور ومن بينهم المحافظ وكبار المسؤولين الأمنيين والقضائيين في المحافظة بمفاجأة ألقاها إمام صلاة الجمعة في المدينة محمد طيب، حيث أكد تعرض 41 امرأة للاغتصاب على أيدي عصابات مسلحة. من النادر الكشف عن مثل هذه الحوادث في إيران، لهذا صُدِم الشارع الإيراني، وانعكس ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي وطالب الإمامُ المسؤولين بفتح تحقيق في تلك الواقعة بأقصى سرعة، ووجه أصابع الاتهام لبعض العائلات الثرية في المدينة بكونها وراء تلك الجرائم قائلاً “لو تحدثت عن أسر هؤلاء المغتصبين لوضعوا رأسهم في الرمال من شدة العار”. وأوضح طيب في تصريحات أن هناك حوالي 41 امرأة تعرضن للاغتصاب، وفضلت عائلاتهن السكوت، لكنه قرر فضح تلك الحوادث حينما جاءه والد إحدى الفتيات المغتصبات باكياً يشكو له سوء حال ابنته بعد الحادثة. وتصل عقوبة الاغتصاب في إيران إلى الإعدام، ورغم ذلك تتواصل هذه الجرائم بشكل لافت في المجتمع الإسلامي المحافظ. وحول أسباب هذه الحادثة، قال إمام جمعة إيرانشهر إن الهجرة إلى المدينة بسبب موقعها التجاري أدت إلى تقاطر عدد كبير من أماكن مختلفة في إيران وبأفكار وثقافات مختلفة على المدينة المحافظة. وفي ثاني أيام العيد وبسبب حديث الإمام خرج العشرات من أهالي محافظة سيستان وبلوشستان للاحتجاج ضد السلطة القضائية في المحافظة مرددين شعارات تعبر عن إحساسهم بانعدام الأمن والأمان. وفي مقابلة مع وكالة إيسنا الإخبارية قال إبراهيم حميدي رئيس الهيئة القضائية في محافظة سيستان وبلوشستان إن ادعاءات إمام صلاة الجمعة غير مؤكدة إلى حد الآن. ورفض حميدي العدد الذي أعلنه الإمام (41 امرأة)، وأكد أن من ذهبوا إلى الخضوع للفحص الطبي ثلاث سيدات فقط “الأرقام المهولة التي تحدث عنها الإمام هناك جهة وحيدة هي التي بإمكانها أن تؤكدها وهي المحكمة الجنائية”. وعن الأسباب الكامنة وراء عدم تحدث أي ضحية من الضحايا طوال الفترة الماضية، أو عدم تقديم شكوى لدى الشرطة، برر مسؤول محلي في المحافظة الأمر بأنه تخوف من انتقام المغتصبين لأنهم يمتلكون سلطة ونفوذاً، إضافة إلى الخوف من الفضيحة.
مشاركة :