أبدى عدد من المثقفات في جازان تحفظهن على آلية التعامل التي ينهجها «أدبي جازان» تجاه المثقفات في شكل عام، وأعربن، في حديث لـ«الحياة» عن خيبة أمل لضعف الحضور النسائي في أنشطة النادي، مؤكدين أن الوجود الهامشي للمثقفة في أجندة النادي. وأوضحن أن ذلك تعود أسبابه إلى قلة التواصل بين النادي وبعض المثقفات. وقالت هؤلاء المثقفات إن إطلاق الصالونات الأدبية في المنطقة جاء ليلبي حاجة المثقفة إلى منبر تطرح من خلاله قضاياها وهمومها، بعيدا من النادي ومناشطة التي تضيق بالمرأة. وتحدثت الدكتورة أميمة البدري لـ«الحياة» قائلة: «عدم مناسبة البرامج والأنشطة المقدمة من نادي جازان الأدبي لاهتمامات الكثير من السيدات في جازان، أدى إلى الانقطاع عن النادي، إضافة إلى عدم وجود طاقم إداري خاص يعمل على استقطاب واستقبال النساء في أنشطة النادي المختلفة، إذ تتفاجأ أحياناً عند دخول النادي بعدم وجود الاستعداد الكامل أو الطريقة الملائمة أو المكان المناسب لاستقبال المدعوات أو حتى المُشارِكات في الأنشطة، وهذا بالتأكيد يُضعف الإقبال على الحضور والمشاركة، ولعلّ تنوّع أنشطة النادي وإيجاد مكان وبيئة جاذبة إدارياً وثقافياً، سيحقق الإقبال الكثير على المشاركة في فعاليات النادي». وعن الصالونات الأدبية النسائية، قالت البدري: «إنها تأتي لتلبية رغبات داخلية في الاجتماع والمشاركة، في جو من الخصوصية وبعيداً من رسميات الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية الأخرى، وبالتالي هي تعويضاً عن انقطاع الأنثى عن المشاركة والحضور، لعقود سابقة، وبالنسبة ليّ - في صالون البدرية الثقافي- فإن مناخ الخصوصية والمرونة والحريّة، والرغبة في إيجاد مجلس ثقافي نسائي خاص في منطقة جازان والذي يُعدّ الصالون الثقافي النسائي الأول في منطقة جازان، هو ما ألهمني لإنشاء فكرة الصالون، والتي لها الآن نحو ستة أعوام من اللقاءات المثمرة والناجحة». انطفاء وهج الأندية وتقول الشاعرة شقراء مدخلي، وهي أيضا لديها صالون أدبي لـ«الحياة»: «نبارك لأنفسنا وللوطن إنشاء وزارة الثقافة التي لا شك ستنهض بالحركة الثقافية في المملكة، وتسير بها لتلبي تطلعات وآمال المجتمع والمثقفين وفق رؤية سديدة ومباركة من القيادة الرشيدة. أما في ما يتعلق بالأندية الأدبية فالمتابع للشأن الثقافي يلاحظ انطفاء وهجها وحضورها في المشهد ونخبوية جمهورها والتكرار الممل في مضمون وأشكال ما تقدمه، ما أدى للعزوف عنها ولا أبالغ إن قلت إن معظمها لم يعد أكثر من مؤسسة للطباعة والنشر ونادي جازان الأدبي ليس بعيداً في ذلك، ويجري عليه ما يجري على بقية الأندية باستثناء ناديين أو ثلاثة ممن حرصت إداراتهم على الظهور بشكل مختلف، الأمر الذي أدى للبحث عن بدائل تروي ظمأ المثقفين وشغفهم للمعرفة والتنوع بعيداً من روتين المؤسسة ولعل التزايد المستمر في عدد الصالونات والمقاهي الثقافية الخاصة خير برهان على ذلك». وأضافت مدخلي: «النساء شريكات في ذلك، فالثقافة واحدة وغير قابلة للانقسام والتصنيف كما أن المعرفة واحدة والموهبة واحدة والإبداع واحد وأي محاولة لخلاف ذلك هي محاولة لتقزيم الحضور الثقافي والإبداعي للمرأة». أما الكاتبة فاطم عطيف، وهي أيضا صاحبة صالون أدبي، فترى في حديث لـ«الحياة» أن انخفاض معدل المشاركة النسائية في المواسم الثقافية والبرامج السنوية يعود إلى قصور في الدعاية واستقطاب العنصر النسائي، والتعاون مع الجهات المعنية ونقل تجارب غير مشجعة ممن تعثرت لهم مشاريع ثقافية تعود لأسباب سوء فهم وجهات النظر وتضارب في انجاز المهام، إضافة إلى وجود أكثر من مؤسسة حكومية تعني بشأن الثقافي مثال المراكز الثقافية وفروع الجمعيات الثقافية والمراكز الحضارية والأندية الأدبية، كل ذلك أوجد نوع من الاتكال وتشتت المهام، وكذلك تفاوت في الدعم المادي من الوزارة». ولفتت عطيف إلى أن لدينا مباني وتجهيزات جيدة، «لكن ينقصنا وجود الكادر النسائي الذي يسهم في دفع عجلة الثقافة، ويعد تواجد المرأة حالياً في كل المؤسسات الثقافية هامشي أو ضيف شرف مرتبط بزمن الفعالية وبدعوات محدودة من الادارة الرجالية، وهذا من أبرز الأسباب غير المشجعة للحضور النسائي، لذا تعد الصالونات الثقافية مريحة وسلسة لتفاعل المرأة المثقفة بعيد عن التنظيم المؤسسي والهروب من الروتين، الذي غالبا يعيق نجاح البرامج الثقافية والاجتماعية». غياب المرأة بينما أوضحت الدكتورة ليلى شبيلي لـ«الحياة» أن النادي الأدبي بجازان يبذل جهوداً مشكورة في استقطاب شرائح مجتمعية مختلفة، من ناحية المستوى العمري والثقافي من خلال الفعاليات والأنشطة الثقافية والتعاون مع المؤسسات التعليمية، فهم على صلة وثيقة معنا وبيننا تعاون ثقافي ومعرفي، لكن ما لاحظته شخصياً من خلال حضوري لفعاليات النادي غياب المرأة المثقفة بشكل كبير على رغم كثرتهن في المنطقة، وحرص المسؤولين في النادي ولا أرى أن بيئة النادي هي السبب، لكن ربما سياسة النادي تحتاج لإعادة النظر». وأضافت: «بالنسبة للصالونات، ففكرتها جيدة ولا بأس بها لكن ليس لديها برامج قوية تغطي هذا الغياب ربما لكونها حديثة وقد يكون دورها أكثر ثراءً في المستقبل في ظل تعاونها مع الأندية الأدبية»، مؤكدة: «ضرورة خلق نوع من الألفة والثقة والتنافس الهادف بين الأندية وبين المثقفات وعدم تهميش الكثير من الأسماء الثقافية والاقتصار على فئة بعينها»، لافته إلى أن وجود دماء ثقافية جديدة في الأندية من النساء، سيجعل الحراك الثقافي أكثر تحفيزاً وفاعلية. وقالت شبيلي إن قلة التواصل بين النادي وبعض المثقفات والتركيز على فئة بعينها وعدم منح الفرص للكثيرات، «نقاط تحتاج إلى معالجة، فالنادي يمنح مساحة لمشاركة المرأة في الأنشطة، لكنها قليلة».
مشاركة :