إنهم يستهدفون شخصيتنا الحضارية | أنس زاهد

  • 9/7/2013
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كل أمة عريقة لديها ثقافتها الخاصة وشخصيتها الحضارية المستقلة، وليس هناك ما هو أسوأ من أن تتعرض الشخصية الحضارية لـ "أمة ما" للاستهداف إلا سكوت المثقفين عن تلك الظاهرة، وعدم توعيتهم للجمهور بحجم وطبيعة الخطر الذي يُشكّله ذلك الاستهداف على حاضر ومستقبل الأمة. حسب ما أرى، فإن أكبر تهديد نتعرّض له كأمة يتمثل في استهداف شخصيتنا الحضارية، ولعلي لا أبتعد عن الدقة فيما لو قلت إن أكبر خطر يتهدد شخصيتنا الحضارية، يتمثل في محاولات النيل من التعددية التي يتميز بها تكويننا الاجتماعي. ذلك التعدد الذي ألهم العقل العربي الإسلامي، أسباب الإبداع في مختلف مجالات المعرفة والعلوم والآداب والفكر. إن ثراء الشخصية والهوية الحضارية العربية الإسلامية، سمح بوجود بيئة عقلية منفتحة على الحوار ومقبلة بطبيعتها على الجدل، وقادرة على احتواء المختلف.. وجميع هذه السمات لها تأثير إيجابي كبير على أساليب التناول العقلي لجميع المسائل العلمية والإشكالات المعرفية والفكرية.. وجميع هذه السمات كانت سببًا مباشرًا في تميز العقل العربي الإسلامي بالموضوعية طوال القرون الهجرية الخمسة الأولى.. أي في المرحلة التي شهدت بروز تيار العقل على حساب تيار النقل. إن تجربة التعايش والتفاعل الحضاري بين عناصر الأمة المختلفة في الوطن العربي، لم تنشأ مع بداية ظاهرة الفتح الإسلامي كما يعتقد الكثيرون، فجذور هذه التجربة الفريدة تعود إلى العصر الجاهلي، حيث عرفت بعض مجتمعات الجزيرة العربية تنوعًا دينيًا وثقافيًا تَمثَّل في وجود بعض من يدينون بالأديان السماوية كاليهودية والمسيحية، جنبًا إلى جنب مع الأكثرية الوثنية. إن خاصية التعدد كانت السبب المباشر في تكوين شخصية حضارية على هذا القدر من الثراء، ورغم أن التعدد كان واسعًا بكل المقاييس، فإن التناغم كان هو السائد، أما التنافر الذي ظهر في بعض الطروحات المتطرفة، فإنه لم يتطور ليصل حد المواجهات المسلحة وتنظيم حملات الإبادة والتطهير العقائدي -كما حدث لمدة طويلة في أوروبا بين كل من الكاثوليك والبروتستانت. لكي ننقذ المستقبل علينا أن نكون أوفياء لسياق تاريخي طويل، لم تُعكِّر الطروحات المتطرفة، صفو التعايش فيه. anaszahid@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :