الإخوان في خبر كان | أنس زاهد

  • 7/5/2013
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

أثبت الشعب المصري عبر ثورته الأخيرة على حكم الإخوان ، بأنه يمتلك وعياً وطنياً لا مثيل له في الدنيا .. أقول وعياً وطنياً وليس وعياً سياسياً ، وهناك فرق عميق بين هذين المستويين من الوعي . الوعي الوطني ذاتي ، أي لا يحتاج لمعطيات خارجية أو عوامل موضوعية ليتوصل إلى ما هو أعلى من حالة المعرفة : الكشف . أما الوعي السياسي فمكتسب ومستحدث ويخضع لتوفر العوامل الموضوعية والمعطيات الخارجية . الوعي السياسي آني ، أما الوعي الوطني فقديم وغير قابل للفناء ، فما بالك إذا كان هذا الوعي الوطني يتمتع بخصوصية عجيبة تضفي عليه طابعاً من الشاعرية ، كما هو الوضع في الحالة المصرية ؟! الشعب المصري الذي فشلت جماعة الإخوان المسلمين في فهمه ، هو أكثر شعوب الأرض تمسكاً بأرضه ، ويدل على ذلك معدل الهجرة شبه المعدوم في تاريخ المصريين قياساً للشعوب الأخرى ، باستثناء العقود الخمسة أو الستة الأخيرة . المسألة ليست لغزاً ، فأهل الوادي الذين عاشوا على الزراعة متمتعين بما يفيض عليهم النيل من مياهه ، منحازون بطبعهم للاستقرار ، لذلك كان من الطبيعي أن تكون الأمة المصرية هي أول أمم الأرض التي تعرف المجتمع كوحدة عضوية وكدائرة انتماء أكثر تطوراً من دوائر الانتماء البدائية كالقبيلة مثلاً . المصريون غير مستعدين بطبيعتهم للمساومة على الوطن أو المجتمع . وغلطة الإخوان المسلمين أنهم لم يفهموا مقومات الشخصية القومية للشعب الذي يحكمونه ، ولم يعرفوا أن هذا الشعب على الرغم من تدينه الشديد ، غير مستعد للتضحية بفكرة الوطن ومنطق الدولة وكيان المجتمع ، لصالح فكرة الخلافة ولحساب منطق الجماعة . الدولة في اللاوعي الوطني لدى المصريين ، شيء مقدس .. وهذا ما يفسر صبر المصريين الذي لا مثيل له في التعامل مع المستبدين والطغاة ، رغم كل ما تمثله الكرامة بالنسبة إليهم . وهذا ما يفسر أيضا عدم قدرة أية قوة مهما كانت ، على احتواء غضب هذا الشعب عندما ينفد صبره . لقد استشعر المصريون بوعيهم الوطني ، وبلا وعيهم الوطني أيضاً ، الخطر الذي تشكله الجماعة على كيان الدولة والمجتمع ، فكان أن شهدت مصر ثورة سجلت نزول أكبر حشود جماهيرية في التاريخ إلى الشوارع ، لإسقاط حكم زاوج بين الرجعية والفوضوية والطائفية والتفريط في الكبرياء القومي بصورة لم تحدث طوال تاريخ مصر . إن سقوط حكم جماعة الإخوان في البلد الذي نشأت فيه هذه الظاهرة التي تحولت إلى تنظيم دولي فيما بعد ، ومقاومة الإخوان للإرادة الشعبية بكل هذا الصلف الذي أبدوه ، يعني أن الإخوان لن يخسروا معركة السلطة وحدها ، ولكنهم سيخسرون معركة وجودهم .. أعني أن خطابهم السياسي والفكري نفسه أصبح يتعرض لخطر الفناء . المصريون في سبيلهم لكتابة تاريخ جديد لا مكان فيه لمن يدعي أنه يمتلك تفويضا إلهيا لإدارة شؤون البشر . anaszahid@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (7) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :