دخلت حافلات وسيارات إسعاف، أمس، بلدتَي الفوعة وكفريا في ريف محافظة إدلب، المحاصرتين من قبل مقاتلي المعارضة، لإجلاء سكانهما الموالين للنظام، إلى حلب. وذكرت مصادر في المعارضة أن مفاوضين عن «هيئة تحرير الشام»، التي تسيطر على إدلب، والحرس الثوري الإيراني، توصلوا إلى اتفاق الإجلاء، بمشاركة من روسيا وتركيا. وقالت المصادر إن هذا الاتفاق استكمال لاتفاق «المدن الأربع»، الذي تم إبرامه سابقاً، لإجلاء سكان كفريا والفوعة مقابل سكان مضايا والزبداني في ريف دمشق. وسيطرت المعارضة عام 2015 على كامل إدلب، باستثناء الفوعة وكفريا اللتين حاصرتهما، ومثّلتا طوال السنوات الماضية ورقة ضغط للمعارضة لطرح شروطها خلال مفاوضات مع النظام. وفي أبريل 2017، تم إجلاء آلاف الأشخاص من سكان البلدتين إلى مناطق يسيطر عليها النظام، في اتفاقية تم بموجبها الإفراج عن مئات المعتقلين من سكان بلدتَي مضايا والزبداني في ريف دمشق. وفي مطلع مايو الماضي، تم الاتفاق على إخراج جميع الأهالي الباقين في كفريا والفوعة مقابل إجلاء مقاتلي المعارضة وعائلاتهم من حي مخيم اليرموك في دمشق، لكن تنفيذ الاتفاق لم يكتمل. ومنذ بداية عام 2017، برز تقارب واسع بين موسكو حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة، حول الملف السوري، انطلاقاً من محادثات تجري على مراحل منذ عام ونصف العام في أستانة، وتشارك فيها ايران. ويبرز اتفاق كفريا والفوعة الأخير متانة التنسيق التركي ــ الروسي في سوريا. بنود الاتفاق وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الاتفاق ينصّ على عدد من البنود، تشمل «إدخال 121 حافلة لإجلاء 6900 شخص بين مقاتل ومدني من الفوعة وكفريا نحو حلب، ومن ثم نقلهم لاحقاً إلى الوجهة التي يختارونها». ووفق «المرصد»، تتسلم القوات التركية الجزء الذي يعبر إدلب من الأوتوستراد الدولي حلب ــ دمشق، وتضمن أمنه، إلى جانب دوريات روسية. كما «تضمن روسيا عدم شن قوات النظام عملية عسكرية على إدلب» الواقعة بمعظمها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام». في المقابل، يترك سكان البلدتين كامل السلاح الثقيل والمتوسط، ويسمح لهم بإخراج السلاح الخفيف فقط، ويُفرج النظام عن أكثر من 1500 مدني وسجين من مقاتلي المعارضة، وعن أربعين سجيناً اعتقلهم حزب الله خلال حصاره لمضايا والزبداني. دلالات سياسية ورأى بعض المحللين أن إدلب المحاذية لتركيا تمثّل عاجلاً أو آجلاً هدفاً لدمشق، في محاولة من قبل قوات النظام للسيطرة على جزء صغير منها محاذٍ للأوتوستراد الدولي، الذي بات بمعظمه تحت سيطرتها. وتكمن أهمية الأوتوستراد الدولي في كونه يربط بين أبرز المدن السورية، وباتت جميعها تحت سيطرة قوات النظام، من حلب شمالاً، مروراً بحماة وحمص ثم دمشق، وصولاً إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن. وتخشى تركيا عملية عسكرية في إدلب، تفتح مجدداً أبواب اللجوء إليها، وهي التي تستضيف اليوم ثلاثة ملايين سوري. وفي هذا الصدد، رأى مضر الأسعد، الناطق الرسمي باسم «المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية»، أن تركيا منعت المعركة على إدلب، من خلال وضع أكثر من 12 نقطة مراقبة في المناطق، بالتالي فإن اتفاق كفريا والفوعة جاء استكمالاً للجهود التركية ضمن هذا الإطار. ولفت إلى أن وجود الجيش التركي في إدلب يؤكد عدم اقتراب قوات النظام منها أو قصفها، لأن ذلك سيؤدي إلى صدام مع الجيش التركي، خصوصاً بعد تحذير القيادة التركية من أن أي تحركات أو قصف يطاول المناطق المتفق عليها في اتفاق أستانة يعني إلغاء الاتفاق، وسيكون من الماضي. أما أسامة بشير، رئيس «مجلس السوريين الأحرار»، فرأى أن الاتفاق مقدمة لعمل عسكري ضد المعارضة في إدلب، موضحاً أن إفراغ كفريا والفوعة جاء لإنقاذ سكانهما، طالما أن «هيئة تحرير الشام» هي من فاوضت الإيرانيين، وبالتالي، فإن الاتفاق هو لمصلحة النظام. ووفق بشير، فإن وجود سكان كفريا والفوعة كان سيمثّل عامل ضغط على النظام إذا ما هاجم إدلب، وبالتالي فإن خروجهم أفلت تلك الورقة من يد فصائل المعارضة. (رويترز، أ.ف.ب، الأناضول، الجزيرة.نت)
مشاركة :