• يمر عام آخر ومهرجانات السينما في العالم العربي ما زالت على حالها. هذا يصارع من أجل البقاء. هذا يغيب وذاك يعود. البعض ينجز قليلاً مما طمح إليه، والبعض الآخر يستمر بما أتيح له من أعمال مهما كانت ضعيفة أو غير مناسبة.• مهرجانات بغطاء دولي غير متخصص، ومهرجانات متخصصة. تلك الأخيرة تختار ما يناسبها من أفلام تتبع تخصصها: سينما عربية، سينما أفريقية، سينما بحر متوسطية. مهرجانات عن المرأة وأخرى للهواة، ولِمَ لا يكون هناك مهرجان للأفلام المصوّرة عبر الهواتف النقالة. أليست هذه أفلام أيضاً؟• لا. هذه ليست أفلاماً أيضاً. هذه تسجيلات إلكترونية مدمجة تتناقض تماماً مع كل العناصر المكوّنة للفيلم السينمائي. تستطيع طبعاً استخدام كاميرا الهاتف لتلاحق شخصاً وهو يجتاز الشارع وترتب لسيارة أن تتحاشاه في آخر لحظة، لكن الفيلم السينمائي هو ما يصوّر مقتضيات ذلك جيداً، والمخرج الذي يتولاه هو من يشرف على تطوير الحدث بحيث يمنحه أسبابه وخصائصه وفنونه.• في سعي المهرجانات لتأكيد بصمتها وهويتها باتت تحتفي بأي شيء يخطر لها على بال. أي شيء باستثناء الاحتفاء بالسينما ذاتها. السينما كتاريخ وكصناعة وركيزة فنية - اجتماعية واسعة النطاق ومؤثرة في مسار حياتنا. السينما كصرح كبير لا يمكن فصل تاريخه عن حاضره ولا مشرقه عن مغربه، ولا تجاهل أساتذته.• هناك فرق بين أن نعرض أفلاماً وبين أن نحتفي بالسينما. هذا الفارق يعزز الهوية أو يردمها. يحيي التاريخ وعلاقتنا به أو يدير له ظهره فتبدو المهرجانات كما لو كانت على رمق أخير من الحياة أو مثل مركبة أفلتت من القطار وانتحت جانباً.• نعم. الكل يريد احتواء أفضل ما يستطيع الحصول عليه وأن يزهو بما يستحوذه من أفلام، لكنها - في معظمها - أفلام استحوذت عليه مهرجانات الغرب أولاً. وفي السعي لاستحواذ ما يمكن الاستحواذ عليه تضيع فرص تعريف السينما كأداة ثقافية وكصرح فني وتتبلور المهرجانات العربية، في غالبيتها، كمعارض عابرة.
مشاركة :