نساء الأكراد: القوة العسكرية لم تعُد حكراً على الرجال

  • 12/16/2014
  • 00:00
  • 30
  • 0
  • 0
news-picture

معظم صور نارين عفرين مزورة، حتى إن عددا قليلا من الأشخاص يعرف اسمها الحقيقي. مع ذلك، فكرة وجود امرأة لا تقاتل فقط بل تقود القوات في واحدة من ساحات القتال الأكثر خطورة في الشرق الأوسط تعتبر أمراً مذهلاً للغاية، بحيث أصبحت أسطورة محلية بين الأكراد الذين بدون دولة في المنطقة. المرأة التي تستخدم الاسم الحركي نارين عفرين تحاول أن تبقى بعيدة. حيث تريد إبقاء التركيز على قوات وحدات الحماية التابعة لها YPJ - وهي اختصار باللغة الكردية لوحدات حماية المرأة الكردية السورية - والمكونة جميعها من الإناث. تقول، في مقابلة نادرة عبر الهاتف من كوباني، المدينة الكردية المُحاصرة في شمالي سورية: "إن القوة العسكرية لم تعُد حكراً على الرجال (...) قوات وحدات الحماية تثبت أن النساء يمكن أن يكنّ من المدافعين. فبإمكانهن حماية حياتهن الخاصة - وأمتهن". المقاتلون الأكراد، من الذكور والإناث، أصبحوا جزءا من القوات الأرضية الأكثر فعالية في الائتلاف بقيادة الولايات المتحدة الذي تصدى منذ ثلاثة أشهر لهجوم من قِبل مقاتلي تنظيم داعش. وأصبحت قوات YPJ قضية مشهورة. وباتت صورة النساء بلون البشرة البرونزي اللواتي يحملن البنادق رمزا نادرا لتمكين المرأة في منطقة محافظة. وتشعر عفرين بالقلق من أن تجعل صور "الفتيات مع الأسلحة" العالم يتجاهل مدى جديّة قواتها بشأن أهدافها الإيديولوجية. حيث تقول: "نحن لسنا مجرد صورة جميلة. نحن لدينا معتقدات. ولدينا قضية". وقوات YPJ هي تفرّع سوري من مجموعة يصنفها الغرب على أنها مجموعة إرهابية، هي حزب العمال الكردستاني اليساري الذي خاض حرب عصابات استمرت ثلاثة عقود من أجل الحكم الذاتي للأكراد ضد تركيا. والأكراد المنتشرون في أربع بلدان شرق أوسطية هم أكبر مجموعة عريقة بلا دولة في العالم. وعلى الرغم من صلتهم بحزب العمال الكردستاني، إلا أنهم الآن حلفاء الائتلاف الدولي. وربما ساعد اهتمام وسائل الإعلام بقوات YPJ على فوزهم بالدعم. تقول أليزا ماركوس، مؤلفة كتاب "الدماء والاعتقاد"، وهو كتاب يتحدث عن حزب العمال الكردستاني والقوات التابعة له: "مهما كانت عيوبهم، فهم خيار أكثر ديمقراطية تعتبر أفكاره عن المساواة بين الجنسين أقرب إلى الغرب. النساء، المقاتلات، ربما ساعدن بالفعل على الترويج للمجموعة، ويعملن ضد ضغط تركيا الذي يسعى إلى تصنيفهن مجموعة إرهابية". وبالنسبة للعديد من النساء الأكراد، الانضمام إلى القوات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني يناسب تطلعاتهن القومية والرغبة في المساواة بين الجنسين. وغالباً ما كان حزب العمال الكردستاني يأخذ المجندين الذين في سن المراهقة. لكن في الآونة الأخيرة، قالت هيئة مراقبة حقوق الإنسان، وهي مجموعة ضغط عالمية، إن القوات الكردية السورية، سواء ذكوراً أم إناثاً، كانت تستخدم الجنود الأطفال. وكانت قوات YPJ تحاول التصدي لهذه الانتقادات في محاولة للحفاظ على الدعم الدولي. حزب العمال الكردستاني يعتبر أيضاً شموليا. فبعد أعوام من الإيديولوجية المتأصلة خلال التدريب، كثير من المقاتلين لا يتحدثون سوى بالعموميات العادية. وتقول عفرين: "عندما كنت طفلة، كنت أحلم بفكرة المساواة بين البشر. لقد تصوّرت أنه لو كانت لدي القوة، كنت سأوجد مجتمعا حيث لا يوجد فقير أو غني، قوي أو ضعيف". وعندما أصبحَتْ في الـ 18 من العمر، التقت بإحدى النساء المقاتلات في حزب العمال الكردستاني من تركيا. وشعرَتْ بالدهشة من حريتها وثقتها، وذهبت للالتحاق بالحزب. وتعيد النساء تسمية أنفسهن عندما يبدأن التدريب العسكري. نارين كان اسما أحبته وعفرين هو إشارة إلى قريتها الكردية. تقول: "من خلال اختيار اسم جديد تفصلين نفسك عن نفسك القديمة". ويجند حزب العمال الكردستاني والقوات التابعة له النساء منذ الثمانينيات، جزئياً بسبب الإيديولوجية اليسارية، لكن أيضاً لأن النساء كنّ قاعدة غير مستغلة. وغالباً ما كانت النساء هن الأكثر التزاماً. وكل موقع قيادي سياسي وعسكري يكون برئاسة مشتركة بين رجل وامرأة. ونظام الحصص يضمن أن تحصل النساء على نصف مناصب المنظمة تقريباً. لكن هذا لا يعني أن النضال من أجل المساواة قد انتهى. فوزية عبده، الرئيسة المشاركة في القيادة السياسية في كوباني، والبالغة من العمر 40 عاماً، هي مثال للجيل الأكبر سناً الذي يتنقل بين العادات المُحافظة والتقدّم السياسي. فهي تقول: "في الخارج يَقبلون أن نلعب دوراً متساوياً. لكن في الداخل لا يزال الرجال يريدون ’الأيام الذهبية‘. عليهم القبول الآن بحقيقة أن النساء يشاركن العبء في الحياة المحلية". مثل عفرين، ترى فوزية هوس وسائل الإعلام بقوات YPJ نعمة ونقمة في آن معا. فمن ناحية، هو يرفع من شأنها ويزيد الاهتمام الإقليمي بدور النساء، حيث تقوم المنطقة الكردية المتمتعة بحكم شبه ذاتي في العراق الآن بإنشاء قوات أمنية من الإناث. وأرسلت الإمارات طيّارة مقاتلة أنثى للمساعدة في الائتلاف الذي يقصف "داعش" بالقنابل. لكن فوزية أيضاً ترى علامات تدل على أن الإثارة سطحية: "نحن نتشارك في القيادة السياسية، لكن النساء بالكاد يحصلن على اعتراف وسائل الإعلام (...) هذه ليست مشكلتنا فقط - بل مشكلة العالم. وسائل الإعلام تركّز فقط على المقاتلات الإناث، كما لو أنهن حيوانات غريبة".

مشاركة :