يتهيأ لبنان لطيّ أزمة تشكيل الحكومة الجديدة التي تدخل شهرها الثاني في 24 يوليو الجاري، وسط ترقُّب كبير لما سيحمله الأسبوع الطالع بعدما حُدِّد له عنوان انه سيكون «حاسماً» وان بعده لن يكون كما قبْله.وشخصت الأنظار عشية هذا الأسبوع المفصلي على أربعة «محاور» ذات صلة بملف التشكيل:● الأوّل، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي نُقل عنه أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً في شأن ولادة الحكومة، وان الرئيس المكلف سعد الحريري سيتّخذ القرار في عملية التشكيل وان الحكومة ستكون صورة عما أفرزته الانتخابات النيابية على أساس القانون النسبي، أي ان كل مكوّن سيتمثل بحجمه التمثيلي الشعبي، وملاحظاً ان تجربة الحكومة المستقيلة أظهرت وجود كتل معارِضة عملت على إحباط الكثير من المشاريع والإصلاحات التي دعمها رئيس الجمهورية ووزراؤه ولا سيما خطة الكهرباء، وجازماً بأن «الحكومة المقبلة ستولد قريباً وستكون فاعلة ومنْتِجة».● الثاني، الحريري الذي قال من مدريد التي يقوم بزيارة رسمية لها التقى خلالها أمس نظيره الإسباني بيدرو سانشيز بيريز كاستيخون «ان تشكيل الحكومة بات قريباً، ولا يمكن تشكيلها على قاعدة أكثرية وأقلية وقد جرّبنا هذا الأمر في الماضي ولم ننجح، ولذا فالتوافق الحلّ الوحيد في البلد»، بعدما كان نُقل عنه ان الدستور لا يقيده بمهلة زمنية وان مناخات البلد الاقتصادية والمالية لا تحتمل أي صِدامات أو انقسامات، مؤكداً انه قرر ألا يغادر موقعه التوافقي، خصوصاً أن المطلوب تأليف حكومة وحدة وطنية لا تستثني أي طرف «وأرفض منطق العزل الذي يتحدث به البعض»، ومشدداً على انه لن يختلف مع رئيس الجمهورية وعلى أهمية الالتزام بسياسة النأي بالنفس واحترام اتفاق الطائف. ● الثالث المواقف التي أطلقها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر «الراي» والتي حظيت باهتمامٍ سياسي وإعلامي بارز لكونها عكستْ استمرار المناخ المحتدم على جبهة العلاقة مع «التيار الوطني الحر» (حزب عون) ربْطاً برفْض رئيسه الوزير جبران باسيل التسليم بحصة وازنة لـ «القوات» في الحكومة، وذلك بعد تَنصُّله من اتفاق معراب بين الطرفيْن المسيحييْن والذي كان مهّد لانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية.● والرابع كلام زعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط عن «أن الوقت الآن ليس لتقديم تنازلات ما دام غيرنا لن يقدّم تنازلات»، وهو أوّل موقف لجنبلاط منذ بدء مسار تأليف الحكومة لا يذكر فيه تَمسُّكه الصارم بحصْر التمثيل الوزاري الدرزي (3 وزراء في حكومة ثلاثينية) بحزْبه وكتلته. وفي قراءة لأوساط سياسية على بيّنة من كواليس مفاوضات التأليف ان كلام رئيس الجمهورية الذي يتعاطى مع الأسبوع المقبل على انه الأخير في «فترة الانتظار» هو في سياق الضغط على الرئيس المكلف وسائر الأطراف أكثر مما هو في إطار التعبير عن إيجابياتٍ باتت «في الجيب»، مشيرة الى ان ما يعزز هذا الانطباع 3 مؤشرات ذهب معها «التيار الحر»، في ملاقاته كلام جعجع عبر «الراي» والذي ردّ فيه على «الهجوم الصاعق» لباسيل على «القوات»، الى رفْع السقف الى مستويات أعلى. فالوزير باسيل، الذي يستعدّ لمغادرة بيروت الثلاثاء الى واشنطن في زيارة تستمرّ أسبوعاً لحضور مؤتمر «تعزيز الحرية الدينية» الذي يعقد في وزارة الخارجية الأميركية وسط ترقُّب ان يجتمع مع نظيره مايك بومبيو، أكد أمس «اننا سنكون أكثر تصلبا في كل معركة سياسية تمسّ دورنا السياسي الذي قاتلنا كثيرا من أجل استرداده»، وذلك بعدما كان وزير العدل سليم جريصاتي «غرّد» قائلاً «كم تجنّ يُرتكب باسمك أيتها الهدنة. مشكلتكم مع جبران أنه دخل في الوجدان الوطني والمسيحي بالموقف الحازم من القضايا المصيرية وبالشرعية الشعبية الأقوى. هذه العقدة لا حل لها عند جبران لأنها لم تعد ملكه». أما النائب ماريو عون فأعلن «ان التيار الحر جاهز للذهاب إلى حكومة أكثرية في حال استمرّت المراوحة في تأليف الحكومة».وأبلغت الأوساط المطّلعة «الراي» ان ضغط فريق عون لتشكيل حكومة «أمر واقع» يبقى بلا أفقٍ على صعيد إمكان ترجمته دستورياً، لافتة الى ان «الأحادية» غير ممكنة في استيلاد حكومة لا تبصر النور إلا بتوقيعيْن لكلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة الذي كان واضحاً أمس برفْضه أي منحى لحكومة أكثرية، ومشيرةً الى أن أي خطوةٍ من نوع «الارتداد» على تكليف الحريري بصيغة او أخرى لن تعني أقل من ضرْب «اتفاق الطائف» وليس التسوية السياسية التي أنهت الفراغ الرئاسي ولا سيما في ظلّ «الحرب الباردة» بين الطوائف تحت عنوان «صراع الصلاحيات». وفيما تعاطتْ الأوساط نفسها مع كلام جنبلاط الملتبس حول «الوقت الآن ليس لتقديم تنازلات ما دام غيرنا لن يقدّم تنازلات» على أنه في سياق محاولة تخفيف وهج العقدة الدرزية بعدما جرى تحميلها المسؤولية الأكبر في عرْقلة مسار التأليف، أشارت الى ان الأسبوع المقبل أبعد ما يكون عن تحقيق اختراقاتٍ من النوع الذي من شأنه الإفراج عن الحكومة، إلا اذا أبدى «التيار الحر»، بضغط من رئيس الجمهورية، مرونةً كافية حيال تمثيل «القوات» وجنبلاط وهو ما لا تؤشر اليه المعطيات المتوافرة حتى الآن.وفي هذا السياق علمت «الراي» ان «القوات» تتّجه الأسبوع المقبل الى إبلاغ الحريري أنها تطالب بخمسة وزراء في الحكومة، وأنها تستند في ذلك الى المعادلة التي رسمها باسيل نفسه حين أشار الى ان «القوات» حصدتْ 31 في المئة من الصوت المسيحي في الانتخابات، وذلك في هجومٍ معاكِس بعدما أعلن رئيس «التيار الحر» انسحابه من تفاهم معراب واتفاق الشراكة الذي انطوى عليه.
مشاركة :