هل ورد على خاطر الشيخ إمام أو قلبه، أن ذلك الشاب المنشد في فرقة الإنشاد الديني يمشي برفقته في أزقة حوش عيسى ودروب حي الحسين في ثمانينات القرن العشرين، سيبعث ألحانه في الشكل الذي طالما راوده، ويضعها في مكانتها وهي التي طالما ظلت وصاحبها حبيسة التسجيلات الرديئة! فها هو ذلك الشاب وقد فقد بصره في ما بعد إثر حادث مروع وأصبح الشيخ علاء الدين إبراهيم، ليضع القدر آخر لمساته على تلك القصة. فقد أسس الشيخ الجديد فرقة غنائية تحمل عنوان إحدى أغنيات الشيخ أمام «الأوله بلدي» حققت نجاحاً، إذ وضع الشيخ علاء الدين تقاليد الغناء العربي الأصيل وأصوله هدفاً له، وهذا يتجلى في الأسلوب المتمكن لأعضاء الفرقة كما أن هناك شيئاً آخر وهو النفاذ إلى روح اللحن وإظهار الإبداع الموسيقي والدرامي خصوصاً في الأغاني العاطفية أو التهكمية وحتى الحماسية. أظهر الشيخ الجديد مواطن التميز الموسيقي في تلك الأغاني التي كانت أحياناً هدفاً للنيل من مكانتها واعتبارها مجرد تنغيم صوتي لأشعار ثورية. وما أن تبادر بسؤال أحدهم عن طريقة أداء الفرقة بهذه الحرفية، على رغم أن أعضاءها في مقتبل الشباب، حتى يأتيك الرد مصحوباً بكلمات العرفان والامتنان لجهد الشيخ علاء الدين... هكذا قالت أسماء التي غنت «أنا أتوب عن حبك» وهي «الأغنية البكر» التي جمعت بين عود الشيخ إمام وأشعار أحمد فؤاد نجم، كما وصفها الشيخ علاء الدين في كلمته خلال افتتاح برنامج الفرقة في مسرح مركز الهناجر للفنون، الذي نظمته هيئة المطابع الأميرية لمناسبة صدور كتاب الشعر «حسن طلب» عن الشيخ إمام في ذكرى الاحتفال بمئوية ميلاده 1918 - 2018 بالتعاون مع جمعية محبي الشيخ إمام، برئاسة الشاعر سيد عنبة الذي يبذل جهوداً كبيرة في توفير المعلومات والتسجيلات وغيرها. قدمت فرقة «الأولة بلدي» أغنيات حرص الشيخ علاء الدين على إخراجها للناس ومنها «سلام يا أرضنا» و «يا تربة روحي» و «على حسب وداد قلبي» و «بهية» التي وظفها المخرج الراحل يوسف شاهين في فيلمه الممنوع «العصفور» 1972 وأغنية «غيفارا مات» و «فرحانين» و «توت حاوي». ويبلغ ما تملكه الفرقة من أعمال الشيخ إمام 25 أغنية عمل عليها الشيخ علاء الدين لسنوات عبر ورش متعددة، وتستعد الفرقة حالياً للعمل على 16 لحناً آخر خلال الفترة المقبلة.
مشاركة :