أنشئت فرقة «الأوله بلدي» لكي تُحيي تُراث الفنان الراحل الشيخ إمام عيسى الذي صال وجال بأعماله في العديد من البلدان العربية والأجنبية، وكان حريصاً على اختيار أغنيات تترجم أوجاع الناس وشكواهم من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تلك الفترة من خلال قصائد كتبها الشعراء أحمد فؤاد نجم، فؤاد قاعود، سيد حجاب، نجيب سرور، وغيرهم. ومن بين أغنيات الشيخ الراحل التي لاقت رواجاً كبيراً «مصر يا أمّة يا بهية يام طرحة وجلابية، الزمن شاب وانتي شابة هو رايح وانتي جاية، جايه فوق الصعب ماشية فات عليكي ليل ومية، واحتمالك هو هو وابتسامتك هي هي تضحكي للصبح يصبح، بعد ليلة ومغربية تطلع الشمس تلاقيكي معجبانية وصبية». «التقيت الشيخ إمام للمرة الأولى عام 1977 حينها كنت قد بلغت من العُمر عشرين سنةً، وذهبت إلى منطقة الغورية (في وسط محافظة القاهرة)، حيث توجد الغرفة التي كان يعيش فيها الشاعر أحمد فؤاد نجم، والتقيته والشيخ إمام لنحو ساعتين. وقبل هذا اليوم لم أكن أتخيل أن هؤلاء العظماء لا يزالون على قيد الحياة أو أنهم أحرار غير قابعين في أي من المعتقلات السياسية، فعشقت الموسيقى كما لم أعشقها من قبل، خصوصاً أنني لم أكن أعرف الكثير عن الموسيقى في تلك الفترة... وتطورت العلاقة بيني وبين الشيخ إمام خلال السنوات الثلاث التالية وأصبحنا صديقين على مدار الخمس عشرة سنة السابقة لوفاته»... بهذه الكلمات بدأ الشيخ علاء إبراهيم مؤسس فرقة «الأوله بلدي» حديثه إلى «الحياة» كاشفاً العلاقة التي جمعته بالشيخ إمام عيسى وعلاقة الأخير بالفرقة الغنائية التي لا تقدم سوى أعماله، علماً أنها في تعريفها عن ذاتها تقول إن تأسيسها يعد تنفيذاً لوصية الشيخ الذي رحل عام 1995. وأضاف الشيخ إبراهيم: «الشيخ إمام أهداني عوده الخاص عام 1987 بعدما عرف أنني لا أملك المال الكافي لشراء عود، وما زلت أحتفظ به منزوع الأوتار حتى لا يستخدمه أحد غيره. وخلال عودتنا من إحدى الأمسيات قال: «أنت الوحيد اللي أأتمنه على ممتلكاتي، ويمكنك أن تُضيف إليها». وبناءً على هذا الحديث سعيت لتأسيس فرقة تقدم أعماله منذ عام 1996 (أي بعد وفاته بسنة واحدة)، وحتى 2010 لم أنجح في تشكيل الفرقة، وباءت كُل محاولاتي بالفشل، خصوصاً أن أكثر الشباب الذين التقيتهم خلال رحلة البحث عن أعضاء للفرقة لا يعرفون شيئاً عن الشيخ إمام ولا حتى اسمه». في 2011 انطلقت «فرقة الأوله بلدي»، «وانضم إلينا أحمد عازف عود، وهشام الرفاعي وأحمد الرفاعي وأحمد نافع، وهالة هشام، وإسلام خليفة عازف كمنجة، وزين عازف إيقاع، وسارة إبراهيم، إضافةً إلى مجموعة من الأشبال الذين تراوح أعمارهم بين 15 و22 سنة. نجحت الفكرة وبدأت المحطات التلفزيونية والإذاعية بث بعض أغنيات الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم، بعد أن كانت محظورةً قبل الثورة». ويضيف المؤسس: «لم ننجح في الحصول على مواقفة وزارة الثقافة لإجراء بروفات الفرقة في أي من المؤسسات والأماكن التي تملكها الوزارة لا سيما قصر ثقافة الريحاني، فكنا مُضطرين لإيجاد بديل، لذا بدأنا التدرب في منزلي منذ آذار (مارس) 2012 وأقمنا الحفلة الأولى للفرقة في مركز سعد زغلول الثقافي في السابع من حزيران (يونيو) 2012 تزامناً مع ذكرى رحيل الشيخ. ونحن نعمل وفق استراتيجية واضحة، ونقدم عشرة أعمال جديدة للشيخ إمام كل سنة، وقدمنا حتى الآن أربعين من أغنياته التي تزيد عن 400 أغنية ولا يعرف العامة منها سوى 10 إلى 15 أغنية، وقدمنا أكثر من 100 حفلة خلال تلك الفترة أيضاً». وعن آلية اختيار الأغنيات العشر قال: «أنا من يتولى مهمة اختيار الأغنيات لأن معظم أعضاء الفرقة لم يكونوا على معرفة جيدة بالشيخ إمام». أما في شأن الجديد «فلدينا مشروعان، الأول هو تدوين ألحان الشيخ إمام حتى لا يكون هناك عبث بها، ونرغب في أن يواكب هذا العمل معرض القاهرة الدولي للكتاب 2017. والمشروع الثاني هو مسرحية «الليل» وهي من أعمال الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم، ولحنتها عام 2000 وهي قصيدة طويلة لحنتها على هيئة أوبرت، لكن استحال إنتاجها خلال تلك الفترة لأن كثراً كانوا يخشون مؤلفها. ونسعى الآن لإنجازها وعرضها في الثالث من كانون الأول (ديسمبر) المقبل تزامناً مع الذكرى الثالثة لرحيله». وختم إبراهيم حديثه قائلاً: «فرقة الأوله بلدي لديها هدفان رئيسان، الأول يكمن في عرض أعمال الشيخ إمام، لأن هذا اللون من الأغنيات يمثل جزءاً من تاريخ مصر في فترة معينة، ويجب أن يعلم جميع المواطنين المصريين لا سيما من هم في مرحلة الشباب بما قدمه الشيخ إمام. كما أن الشيخ يُحتفى به في كل البلدان، وفي تونس على سبيل المثال هناك أكثر من 10 فرق لا تقدم سوى أعماله وفي مصر لا توجد سوى فرقة واحدة. أما الهدف الثاني للفرقة فهو المشاركة في إحداث توعية سياسية واجتماعية وثقافية لأن هذا النوع من الفنون يحمل رسالةً ذات صبغة ثورية، وهو ما تجلى في كل الأغنيات التي قدمها الشيخ إمام والشاعر أحمد فؤاد نجم اللذان أعتبرهما مدرسةً استثنائية في الغناء والشعر».
مشاركة :