شهدت العاصمة العراقية بغداد ومحافظات جنوب البلاد أمس، إجراءات أمنية استعداداً لتظاهرة موحدة في عموم البلاد دعت إليها لجان تنسيقية على مواقع التواصل الاجتماعي، مع انحسار موجة التظاهرات التي انطلقت من محافظة البصرة الأسبوع الماضي، وامتدت إلى محافظات الجنوب. وأفادت مصادر أمنية بأن «قوات من الجيش والشرطة ومكافحة الشغب انتشرت قرب المقرات الحكومية ومباني المؤسسات في محافظات البصرة وكربلاء والنجف وذي قار والديوانية، إضافة إلى العاصمة بغداد، مع دعوات انطلقت قبل أيام على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم تظاهرة مليونية الجمعة (أمس)». وتجمع مئات المتظاهرين في مركز مدينة البصرة ظهر أمس، احتجاجاً على سوء الخدمات، ورفعوا شعارات ورددوا هتافات منددة بالفساد وسوء الأوضاع الخدماتية في البلاد، فيما تجمع عشرات في ساحة التحرير وسط بغداد، على رغم إقدام قوات الأمن على قطع الطرق المؤدية إلى الساحة أمام حركة السيارات، مع انتشار قوات مكافحة الشغب عند الجسر المطل على الساحة والمؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث مقرات الحكومة والبرلمان وسفارات دول أجنبية. واتخذت قوات الأمن إجراءات أمنية مماثلة في النجف وكربلاء، حيث تجمع المتظاهرون على مدى الأيام الماضية، وكثفت الإجراءات عند المزارات الشيعية. وحتى عصر أمس، لم تكن أعداد المتظاهرين كبيرة قياساً مع الدعوات التي انطلقت إلى تنظيم تظاهرة مليونية، فيما قال مراقبون إن «التظاهرات تتجه نحو التهدئة بعد وساطات قادتها الحكومة مع شيوخ عشائر ورجال دين، ولكن ثقل التظاهرات يكون في الليل حيث شهدت الأيام السابقة صدامات بين قوات الأمن ومتظاهرين». وتداولت أوساط سياسية وشعبية أن «غياب قيادة موحدة للتظاهرات جعل ثقلها يتراجع عن الأيام الأولى لانطلاقها، وفي السابق كانت حركات مدنية وعلمانية وأنصار التيار الصدري هم المحرك الأساس للتظاهرات في البلاد، ولكن بعد مشاركة هذه القوى في الانتخابات وانشغالها في مفاوضات تشكيل الحكومة، جعل التظاهرات هذه المرة بلا قيادة وهو ما يفسر انحسارها منذ ثلاثة أيام، ولكنها مرشحة للتصاعد». وتجنب المرجع الشيعي علي السيستاني في خطبة أمس، التطرق إلى التظاهرات بعدما أعلن الجمعة الماضي تأييده لها، ودعا الحكومة والجهات المسؤولة إلى «تلبية مطالب المحتجين». إلى ذلك، دعا زعيم الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم الكردينال لويس روفائيل ساكو المتظاهرين إلى «الحفاظ على الممتلكات والالتزام بسلمية تظاهراتهم». وقال في بيان أمس إن «على السياسيين اعتماد المصالحة الحقيقية وطيّ صفحة الماضي، لتكفّ هذه الحروب بالوكالة على أرضنا التي دمرت البشر والحجر، كما أن علينا المحافظة على بلدنا ووحدتنا، فالوطن لا يبنى بالمحاصصة والطائفية والمصالح الذاتية، إنما على المواطنة المتساوية والكاملة»، داعياً كل الأطراف إلى «الإسراع بتشكيل حكومة قوية وفق الدستور، تضع استراتيجية عامة للتنمية وتنهض بالخدمات والاقتصاد وتحارب الفساد». وطالب المرجع الديني محمد مهدي الخالصي، بـ «إطلاق سراح جميع المعتقلين من المحتجين الذين لم تثبت مشاركتهم في عمل غير قانوني»، واصفاً الإجراءات الحكومية بـ «البوليسية الملتوية» الهادفة إلى تبرير العنف والقمع والاعتقالات المستخدمة ضد المتظاهرين. وقال الخالصي في بيان إن «احتجاجات الجماهير المحقة وتظاهراتها التي تعم البلاد منذ أيام على سوء الأوضاع المعيشية وانعدام الخدمات ومستلزمات الحياة الضرورية من الغذاء والدواء والماء والكهرباء وفرص العمل والتعليم بسبب الفساد المستشري في الأجهزة الرسمية، والسطو على المال العام، وتزوير الانتخابات بلا مساءلة رادعة، تنذر بعواقب وخيمة جداً ما لم تتلق المعالجة الحكيمة وبالمستوى المطلوب من القائمين على الأمور»، موصياً بـ «الاحتجاجات السلمية». وأكد تضامنه مع «المطالب المشروعة للجماهير المنتفضة حتى تحقيقها بالحق».
مشاركة :