أظهر عدد من قوارير وزجاجات العطور المكتشفة في قرية الفاو الأثرية - 700 كم جنوب غربي مدينة الرياض - مدى ما تتمتع بع حضارة الفاو من ثراء وتطور حضاري واقتصادي. وتعود هذه القوارير المكتشفة الى نهاية القرن الأول- بداية القرن الثاني بعد الميلاد - ومن هذه القوارير قارورة بشكل تمرة جافة صنعت من زجاج منفوخ بقالب بارتفاع: 6.5 سم؛ وقطر 3.5سم، وهي مخصصة، على غرار آنية العطور، لحفظ المراهم أو العطور، وخابية مصنوعة من الزجاج المنفوخ بارتفاع 4.6 سم؛ وقطر 3.8 سم تحتفظ إلا بإحدى عروتيها الأنيقتين الصغيرتين المزينتين بضلوع من الزجاج الأزرق الغامق، وقارورة صغيرة كروية البطن من الزجاج المنفوخ يبلغ ارتفاعها 5 سم؛ بقطر: 4.5 سم، تحمل زخرفا مرمريا على شكل إكليل زهر، وآنية لحفظ العطور من الزجاج المنفوخ بارتفاع القارورة12.2 سم؛ وقطرها 5.9 سم كان عنقها الطويل يتيح سكبها قطرة قطرة، واحتفظت هذه القارورة الثمينة بسدادتها ووصلت من مصر على الأرجح. ولونها الأسمر المائل إلى الخضرة، المزين بعروق بيضاء لولبية الشكل، كان يقلّد العقيق. وهذه القوارير إنتاج مميز للمنطقة السورية - الفلسطينية في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني بعد الميلاد. وشهدت انتشارا واسعا في كل أنحاء الشرق الأوسط: عُثر على نماذج منها في بلدان المشرق، وفي بلاد ما بين النهرين وفي منطقة الخليج العربي، البحرين على سبيل المثال. وتعد قرية الفاو الأثرية من أكبر وأشهر المناطق الأثرية على مستوى المملكة العربية السعودية. ويحظى الموقع بأهمية تاريخية كبيرة، حيث كانت قرية الفاو عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي، وكانت مركزاً تجارياً مهماً وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج. وتكمن أهمية قرية الفاو من كونها نقطة عبور للقوافل إلى محطة تجارية مهمة على الطريق التجاري الممتد من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرق إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غرب الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزاً اقتصادياً وسياسياً وثقافياً في وسط الجزيرة العربية، وعاصمة لدولة كندة لأكثر من خمسة قرون.
مشاركة :