تحتل "منطقة الفاو الأثرية" المسجلة حديثاً على قائمة التراث العالمي لليونسكو مكانة بارزة في خريطة المواقع الأثرية بالمملكة، ليس لقيمتها التاريخية ودورها في الحضارات القديمة فحسب؛ وإنما تتميّز الفاو بالعديد من القطع الأثرية النادرة والرائعة في جمالها أيضاً، والتي استعرضتها المملكة في أبرز معارض الآثار بالعالم، وحظيت بالإعجاب الشديد من الزوار. ويعود سبب تسجيل "الفاو" لما تحمله من أهمية بالغة للتراث الإنساني، وإضافة قيّمة للتراث العالمي، حيث تُعد هذه المنطقة الأثرية رمزاً ثقافياً وتاريخياً مهماً؛ لما تحمله من شواهد ودلالات تاريخية تجسّد تفاعل الإنسان مع بيئته، إضافة إلى احتوائها على العديد من القطع واللقى الأثرية النادرة التي تعكس لنا رخاء تلك المنطقة، ومستوى الرفاهية التي كان يحظى بها سكّانها. ومن تلك القطع الأثرية التي وثّقتها أعمال المسح والتنقيب الأثري في الموقع، مجموعة من القوارير الزجاجية المخصصة لحفظ المواد العطرية، بعضها يحمل الزخارف النادرة، والبعض الآخر يتفرّد بتصميمه المميز، ويعود تاريخ تلك القوارير إلى فترات زمنية متفرقة، بداية من أواخر القرن الأول الميلادي، كما وثقت الأعمال الأثرية عدداً من الأواني والتحف التي يتم استيرادها من مختلف مناطق العالم، فضلاً عما يتم صنعه محلياً في القرية، فكان يملأ سوقها الحرفيون بمنتجاتهم الحرفية، ويتخذون من "الفاو" نقطة بيع كونها مركزاً اقتصادياً وتجارياً مهماً في المنطقة. وتزدان حصيلة الآثار في "منطقة الفاو الأثرية" بعدد من اللوحات الجدارية الفريدة التي تتميز بألوانها، وبعدها الفني، وقيمتها التاريخية، حيث يعود تأريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي، بالإضافة إلى توثيق مجموعة من اللوحات المنقوشة على الواجهات الصخرية المختلفة والتي تحكي مختلف القصص في الفاو، وتمثّل مشاهد الحياة اليومية فيها، لتعكس في مجملها تقدم تلك المنطقة في فنونها المختلفة. إن "منطقة الفاو الأثرية" تُعد رمزاً للتاريخ والثقافة، حيث تكشف آثارها المتنوعة عن حضارة مزدهرة، وعلاقات تجارية وثقافية واسعة مع مختلف مناطق العالم، وإن تقدم هذه المنطقة يعطي لنا لمحة نادرة عن حياة المجتمعات القديمة، مما يجعلها محطة مهمة للبحوث العلمية، والدراسات التاريخية، وذلك من شأنه أن يساعد على فهم أعمق لتراث وثقافة تلك المنطقة، من التجارة إلى الفنون والعمران.
مشاركة :