أنظمة الذكاء الاصطناعي لن تكون قادرة على حل مهمّات لم تدرب على حلها، وهو ما يعني أنها تحتاج إلى المزيد من الوقت والمراقبة للوصول إلى ذلك. كاليفورنيا - يواصل باحثون في شركة غوغل تدريب أنظمة التعلم الآلي على اجتياز اختبارات الذكاء التي صممت لقياس عدد من المهارات من أجل إثبات قدرتها على التفكير في المفاهيم المجردة كما يفعل الإنسان. ونشر باحثون ورقة بحثية تحمل عنوان “قياس الاستدلال المجرد في الشبكات العصبية”، توضح بالتفصيل محاولتهم لقياس قدرات التفكير التجريدي المختلفة لأنظمة الذكاء الاصطناعي اعتمادا على اختبارات الذكاء المستخدمة لقياس قدرات التفكير التجريدي عند البشر، والتي كشفت بعض الرؤى الهامة. واستخدم باحثو ديب مايند الألغاز المعروفة باسم اختبار مصفوفات ريفن المتتابعة والتي طورها جون سي ريفن سنة 1936، حيث طلب من المشاركين في الاختبار أن يتعرّفوا على العنصر المفقود الذي يكمل النمط، وتظهر الكثير من الأنماط في أشكال مصفوفات، وقد قامت المصفوفات بقياس قدرة المشاركين على فهم المعنى من البيانات المعقدة أو المربكة. ويأمل الباحثون في أن تطوير الذكاء الاصطناعي القادر على التفكير خارج الصندوق يمكن أن يؤدي إلى أن تصبح الآلات قادرة على خلق حلول جديدة للمشكلات التي لم يسبق أن فكر فيها البشر. وتمكن الباحثون من تطوير نظام برمجي مصمم خصيصا لهذه المهمة وقادر على توليد مصفوفات فريدة لتطبيق هذا الاختبار على أنظمة الذكاء الاصطناعي، ثم درّبوا أنظمة الذكاء الاصطناعي على حل هذا الاختبار، وكانت النتيجة أن أنظمة الذكاء الاصطناعي حققت نسبة دقة تصل إلى 63 بالمئة في حل ألغاز اختبار معدل الذكاء. كما اختبروا قدرة الأنظمة على إدراك أنماط وعلاقات جديدة وتشكيل بنيات غير لفظية إلى حد كبير تجعل من السهل التعامل مع التعقيد. مع نظام شبكة الاستعلام التجريبية أصبحت الآلات الذكية قادرة على التحرك في المجال الذي تتخيله وفهم العلاقات المكانية وقال ديفيد باريت من ديب مايند، “الاستدلال المجرد مهم في مجالات مثل الاكتشافات العلمية حيث نحتاج إلى فرض فرضيات جديدة ثم نستخدم هذه الفرضيات لحل المشكلات، ومن المهم ملاحظة أن الهدف من هذا العمل ليس تطوير شبكة عصبية يمكنها اجتياز اختبارات الذكاء فقط”. ويمكن للبشر الذين يجلسون في الاختبارات أن يعطوا أنفسهم دفعة من خلال الإعداد المكثف للاختبار مسبقا، ويتعلمون نوع القواعد المستخدمة في التحكم بالأنماط المستخدمة في المصفوفات، وهذا يعني بدلا من استخدام فكرة مجردة أنهم يستخدمون المعرفة التي تعلموها بدلا من ذلك. بينما أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تستخدم الشبكات العصبية المغذية بكميات هائلة من البيانات للتعلم، يمكن بسهولة أن تتعلم فقط لالتقاط هذه الأنماط دون الحاجة إلى استخدام التفكير المجرد. لذلك اختبر الباحثون مجموعة من الشبكات العصبية القياسية على خاصية واحدة داخل مصفوفة ولكن ليس كل الخصائص الممكنة، ووجدوا أنهم يؤدون أداء سيئا للغاية حيث وصلت نسبة الدقة إلى 22 بالمئة فقط، ومع ذلك فإن الشبكة العصبية المصممة خصيصا والتي يمكن أن تستنتج العلاقات بين أجزاء مختلفة من اللغز سجلت أعلى دقة بنسبة 63 بالمئة. بسبب تصميم الاختبارات، لم يكن من الممكن مقارنة هذه الدرجات مباشرة مع الناس لأن أنظمة الذكاء الاصطناعي لديها تدريب مسبق على كيفية الحل، ولكن وجد الباحثون أن المشاركين الذين لديهم الكثير من الخبرة في الاختبارات والذين يمكن مقارنتهم مع الآلات المدربة، يمكن أن يسجلوا نسبة دقة أكثر من 80 بالمئة، بينما غالبا ما يفشل القادمون الجدد للاختبارات في الإجابة على جميع الأسئلة. ويشير هذا الاختبار إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي القائمة حاليا لن تكون قادرة على حل مهمّات لم تدرب على حلها، وهذا يعني أنها تحتاج إلى المزيد من الوقت والمراقبة للوصول إلى ذلك. وتم الكشف في الأسابيع الأخيرة عن أن الذكاء الاصطناعي التابع لشركة غوغل يمكن أن يتعرف الآن على البيئة المحيطة به استنادا إلى صورة واحدة، من خلال تدريب الأنظمة على المهام البصرية والمعرفية باستخدام مجموعة بيانات كبيرة من الصور المشروحة التي ينتجها البشر، حيث قام النظام الذكي الذي تم تطويره كجزء من برنامج ديب مايند بتدريب نفسه على تصور أي مساحة في صورة ثابتة، والتي يطلق عليها اسم شبكة الاستعلام التجريبية. وهي إطار يتم من خلاله تعليم الأنظمة إدراك محيطها من خلال التدريب فقط على البيانات التي يتم الحصول عليها من أنفسهم أثناء تنقلهم في المكان، حيث يتعلم نظام شبكة الاستعلام التجريبية من خلال وضع ملاحظاته لفهم العالم من حوله. وللقيام بذلك يتعلم نظام شبكة الاستعلام التجريبية التعرّف على المشاهد وخاصياتها الهندسية دون وضع أي علامات بشرية على محتويات هذه المشاهد. حل ألغاز اختبار معدل الذكاء تصل إلى 63 بالمئة حل ألغاز اختبار معدل الذكاء تصل إلى 63 بالمئة ويعطي نظام شبكة الاستعلام التجريبية الآلة “خيالا شبيها بالإنسان”، وهذا يسمح للخوارزمية بتوليد انطباعات ثلاثية الأبعاد للمسافات التي لم ترها على الإطلاق في الصور المسطحة ثنائية البعد. وأعلن ديميس هاسابيس، الرئيس التنفيذي لشركة ديب مايند، عن الطفرة التي حققتها أنظمة الذكاء الاصطناعي، مع نظام شبكة الاستعلام التجريبية. وحاول الدكتور هاسابيس وفريقه تكرار الطريقة التي يتعرّف بها الدماغ البشري على بيئته المحيطة بمجرد النظر إليها، وهذا نهج مختلف تماما لمعظم المشاريع، حيث يقوم الباحثون بتسمية البيانات يدويا وإدخالها ببطء إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي. ولتدريب الشبكات العصبية التابعة لشركة ديب مايند قام الفريق بعرض صور ثابتة مأخوذة من وجهات نظر مختلفة على نفس المشهد على أنظمة الذكاء الاصطناعي. وباستخدام هذه الصور تمكنت الخوارزمية من تعليم نفسها كيفية التنبؤ بظهور شيء ما من وجهة نظر جديدة غير مضمنة بالصور، وسرعان ما تعلمت الأنظمة تصوّر صور ثلاثية الأبعاد كاملة للمشهد. وبناء على ذلك أصبحت الآلات الذكية قادرة على التحرك في المجال الذي تتخيله، ولكن أثناء تحركها يجب أن تقوم الخوارزمية بعمل تنبؤات باستمرار حول مكان الأشياء التي تتم مشاهدتها في البداية في الصور وما تبدو عليه من منظور دائم التغير. وقال الباحث علي إسلامي “لم يكن من الواضح على الإطلاق أن الشبكة العصبية يمكن أن تتعلم أبدا ابتكار صور بطريقة دقيقة ومضبوطة هكذا، ومع ذلك وجدنا أن الشبكات العميقة يمكن أن تتعلم عن المنظور العام والإغلاق والإضاءة، دون أي هندسة بشرية، وقد كانت هذه نتيجة مذهلة للغاية”. ولإنشاء هذه المشاهد الكاملة استخدم النظام مكونين، المكون الأول يعالج التمثيل ويقوم بعمل أكواد للمشهد ثلاثي الأبعاد في الصورة الساكنة وتحويله إلى شكل رياضي معقد، وهذا ما يُعرف باسم المتجه. أما المكون الثاني فيُطلق عليه اسم “توليدي”، والذي يستخدم المكون الأول المتجهات لتخيل الأجزاء غير المضمنة في الصور الأصلية، وبناء عليه تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على التأكد من العلاقات المكانية داخل المشهد، باستخدام البيانات التي تم جمعها من الصور الأولية. كما يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة من غوغل أيضا التحكم بالأشياء داخل هذا الفضاء الافتراضي المتخيل من خلال تطبيق فهمها للعلاقات المكانية على السيناريو.
مشاركة :