بعد 18 عاماً على صمت مدافع الحرب الحدودية بين إثيوبيا وأريتريا، تبدو بلدة زالمبيسا الإثيوبية أشبه بجبهة هادئة يتناثر فيها الركام وتعبرها طريق لا تؤدي إلى أي مكان. لكن التغيير قد يكون وشيكاً بعد اتفاق قادة البلدين على إعادة العلاقات، ما يحيي الأمل باستئناف التجارة وعودة الازدهار إلى بلدات مثل زالمبيسا. ويُتوقع أن تستفيد من إعادة فتح الحدود جميع الأعمال الصغيرة والكبيرة في إثيوبيا، أحد أسرع الاقتصادات نمواً في أفريقيا على رغم الفقر. لكن محللين يحذرون من أن أريتريا، التي أصبحت في عهد الرئيس ايسايس افورقي إحدى أكثر الدول انغلاقاً أمام بيئة الاستثمارات، قد لا تشارك في المكاسب الاقتصادية ذاتها في المرحلة الجديدة. وقال سيث كابلان الأستاذ في جامعة «جون هوبكنز» في الولايات المتحدة والمختص بالاقتصاد الأريتري، إن «آفاق هذا الاتفاق (...) لإعادة إحياء الاقتصاد هائلة»، مضيفاً أن «معرفة الخطوات التالية لايسايس هي المجهول الكبير». وأريتريا التي كانت جزءاً من إثيوبيا ومنفذها على البحر، أعلنت الاستقلال عام 1993 بعد حرب استمرت عقوداً. وأدى قرارها إلى قطع منافذ إثيوبيا، ثاني أكبر الدول الأفريقية كثافة سكانية، على البحر، علماً بأن إثيوبيا واصلت التصدير عبر الموانئ الاريترية حتى اندلاع نزاع حدودي تفاقم في 1998 ليصبح حرباً. واجتاحت القوات الاريترية جهة الجنوب وصولاً إلى زالمبيسا التي كانت آخر بلدة اثيوبية على الطريق الرئيس بين عاصمتي الدولتين. والطريق الذي يربط زالمبيسا بأريتريا مقطوع بحواجز عسكرية، والبلدة التي كانت مركزاً تجارياً يضج بالحركة، ينمو الصبار في مبانيها التي دمرتها الحرب ويخيم عليها هدوء حذر. وبعد قطع وصول أثيوبيا إلى المرافئ الاريترية، نقلت تجارتها البحرية إلى جيبوتي المجاورة، واستثمرت بشكل كبير في السكك الحديد والبنى التحتية الأخرى، لتصبح أحد أسرع الاقتصادات نمواً في أفريقيا. لكن في مواجهة دين كبير ونقص في العملات الأجنبية، أعلن رئيس الوزراء الأثيوبي الجديد ابيي أحمد في حزيران (يونيو) الماضي، خصخصة مؤسسات رئيسة تملكها الحكومة، مثل «الخطوط الجوية الإثيوبية» و «إثيو» للاتصالات. وقال المستشار السابق لدى الحكومة الاثيوبية غيتاشيو تكليمريم، إن الاصلاحات الاقتصادية وتحسن العلاقات، على رغم أنهما غير مرتبطين بالضرورة، يمكن أن يبثا الحياة في الاقتصاد، وأضاف أن التقارب سيحد من التعزيزات العسكرية التي استمرت سنوات». وأشار إلى أن التجارة بين أثيوبيا وأريتريا كانت قطاعاً مضطرباً حتى قبل الحرب. فالسلع الإثيوبية المهربة عبر المرافئ الأريترية، وتلاعب اسمرة بعملتها، تسببا في تأزم العلاقات وأججا النزاع الحدودي. وأورد غياتشيو أن «ما اخشاه الآن، حتى بعد كل تلك السنين، أن لا تكون قدرتنا التنظيمية قوية بما يكفي لتجنب مثل تلك التجاوزات». وحتى أن كانت أثيوبيا متلهفة للوصول إلى مرفأي عصب ومصوع، حذّر غيتاشيو من أن الميناءين على الأرجح في حالة متهالكة بعد توقف التجارة عقب الحرب. وفي مؤشر آخر إلى التقارب السريع، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الأثيوبية ميليس اليم هذا الأسبوع، أن الطرق المؤدية إلى عصب يتم إصلاحها لتسريع استخدام المرفأ. ويأمل أهالي المنطقة الحدودية بأن تزدهر التجارة في منطقتهم، وأن تتوقف المناوشات المتقطعة بين الجيشين.
مشاركة :